شـريعـة رسـول الله سـفينة مـأمـونـة

  • 2/4/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قال الدكتور ياسر الدوسري إمام وخطيب المسجد الحرام -في خطبة الجمعة-: إنَّ مِنْ أسبغِ النِّعمِ وأعلاهَا قدرًا، وأعظمِهَا شأنًا: نعمةَ إرسالِ الرُّسُلِ، فبالإيمانِ بهمْ واتباعِهِمْ، تتحقَّقُ السعادةُ والفلاحُ في معاشِ العبادِ ومعادِهِمْ، ويَظفَرُوا في الآخرةِ والأُولى برضَى ربِّهِمْ، وهذه أعظمُ المطالبِ، وأسمَى الرغائبِ. وأضاف: لَقَدْ أرسلَ اللهُ رسولَهُ بالتشريعاتِ الحكيمةِ في مقاصدِهَا، والأحكامِ الدقيقةِ في تفريعاتِهَا، والأخبارِ الصادقةِ في مضامينِهَا، والصالحةِ لكلِ زمانٍ ومكانٍ في تفصيلاتِهَا وتطبيقاتِهَا. وذكر أنَّ للاتِّباعِ مكانةً عظيمةً ومنزلةً كبيرةً في دينِ اللهِ، فهو الغاية منْ إرسالِ رُسلِ اللهِ، قال الله: "وَمآ أَرسَلنا من رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذن ٱللَّه"، وعلى قدْرِ اتِّباعِ المرءِ يُوزَن إيمانُهُ، وتتفاوَتُ منزلتُهُ، ولذا تضافرتِ الأوامر الإلهيةُ على لزومِ متابعةِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، إذ جعلَ اللهُ اسمَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مقرُونًا باسمِهِ تعالى في أشرفِ كلمةٍ، وأعظمِ ركنٍ في الإسلامِ، وهو: شهادةُ أن لا إلهَ إلا الله، وأن محمدًا رسولُ الله، وقد أمرَ اللهُ بطاعةِ رسولِهِ -صلى الله عليه وسلم- في أكثرَ مِنْ ثلاثينَ موضِعًا مِنَ القرآنِ، وَقَرَنَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ، وَقَرَنَ بَيْنَ مُخَالَفَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ، كَمَا قَرَنَ بَيْنَ اسْمِهِ وَاسْمِهِ، فَلَا يذْكَرُ اللهُ إلَّا ذُكِرَ مَعَهُ. وتابع: إن الْخَيْرَ كُلَّهُ فِي مُتَابعَةِ الرَّسُولِ، وَالْبركَةَ كلَّهَا فِي حِفْظِ كَلَامِهِ الْـمَنْقُولِ، فهو العلمُ المأمُولُ، وطريقُ الوُصولِ، فالعِلمُ ما جاءَ في كتابِ اللهِ وسُنَّةِ الرسولِ، ففيهِما الهُدَى لكلِّ مُلتمِسٍ، وهُما النجاةُ لكلِّ مُحترِسٍ، وهُما الفُرقانُ لكلِّ مُلتبِسٍ، فنورهُمَا خيرُ نورٍ لـمُقتَبِسٍ، فالسلامةُ كلُّ السلامةِ في الاتباعِ، والندامةُ كلُّ الندامةِ في الابتداعِ. وأشار إلى أن شريعةُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- سفينةٌ مأمونةٌ، مَنِ اعتصَمَ بركوبِهَا نجَا، ومحجةٌ مَنْ سلكَ طريقَهَا وصلَ إلى الـمُنَى، لأنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- مُؤيَّدٌ بالعِصْمةِ "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى، إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحَى"، فذلِكُم الكمالُ الذي لا نقصَ فيهِ، والجمالُ الذي لا تزويرَ يعْتَريهُ، والجلالُ الذي لا دُونَ فيهِ. وقال: من أرادَ أن يُحقِّقَ متابعةَ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- فليُجرِّدْ اتباعَهُ مِنَ الهوَى، فإنَّ الهوَى والاتباعَ لا يجتمعَان، يقولُ الله تعالى: "فَإِن لَّم يَستَجِيبُواْ لَكَ فَٱعلم أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهوآءَهُم وَمَن أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَئهُ بِغَير هُدى مِّنَ ٱللَّه إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهدي القومَ ٱلظالِمِينَ)، ففي هذه الآيةِ قسَم الرَّبُّ تبارَكَ وتعالى الاتباعَ إلى قِسْمَيْن لا ثالِثَ لـهُمَا: اتّباعٌ لِـمَا دعَا إليهِ الرّسولُ -صلى الله عليه وسلم-، واتّباعٌ للهوَى، فما يزالان يعتلجان في قلبِ المرءِ حتى يظفرَ أحدها على الآخر.

مشاركة :