أكد خبراء مصريون على أهمية الدور المتوازن والمحايد الذي تلعبه مصر حاليا في الوساطة والتقريب بين الولايات المتحدة وروسيا، ما يجعلها مؤهلة أن تكون لاعبا مهما في تفاعلات النظام الدولي والإقليمي. وفي السياق ذاته، أوضح الخبراء أنه من الممكن أن تلعب مصر دور الوسيط في النظام الدولي الذي يُحدد خيارات سياسته الخارجي، حيث يمكنها التعامل بكفاءة مع القوى الكبرى في النظام الدولي. والجدير بالذكر أن وزير الخارجية المصري سامح شكري قام يوم الثلاثاء الماضي بزيارة للعاصمة الروسية موسكو، حيث عقد مباحثات مع نظيره الروسي سيرجي لافروف وعدد من المسؤولين الروس، وذلك غداة زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ولقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسامح شكري. وفي موسكو، نقل شكري إلى الجانب الروسي "رسالة محددة" من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بشأن أوكرانيا. وقد أشار في مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف عقب انتهاء مباحثاتهما في موسكو، إلى أن مصر تحرص على لعب دور لا يساعد في تحقيق الاستقرار والأمن فحسب، بل يصب أيضا في مصلحة الجهود التنموية. وفي الوقت نفسه، أكد أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، على أن مباحثات شكري مع لافروف تأتي في إطار الحرص الدائم على إقامة علاقات دبلوماسية متوازنة مع مختلف دول العالم. وفي الفترة ما بين يومي 29 و31 يناير الماضي، قام بلينكن بجولته الرابعة إلى الشرق الأوسط منذ توليه منصب وزير الخارجية الأمريكية، والتي شملت مصر وإسرائيل والضفة الغربية. وقد استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صباح يوم الإثنين الماضي بلينكن في قصر الاتحادية، وذلك بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، وكذلك دانيل روبنستاين القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالقاهرة. وفي ضوء هذه الزيارة، أكد بلينكن في تصريح على أن مصر كانت ولا تزال قوة للسلام والاستقرار والأمن في المنطقة، مشيرا إلى أن العمل مع مصر في العديد من المجالات المختلفة لتعزيز السلام والأمن بات أكثر أهمية من أي وقت مضى، وفق ما نُشر في الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية يوم الاثنين الماضي. واعتبر الخبراء أن اتخاذ بلينكن القاهرة كمحطة أولى لجولته في الشرق الأوسط، يعكس اهتمام واشنطن بعلاقة الشراكة الاستراتيجية الممتدة مع مصر، وإدراكها لدور مصر المهم والقيادي في الإقليم. وفي ضوء ذلك، قال الدكتور محمد عبد العظيم الشيمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، إن بلينكن استعرض خلال زيارته للقاهرة عددا من الموضوعات المشتركة، من بينها الدعوة المصرية التي سبق وقدمها الرئيس السيسي خلال قمة المناخ بشرم الشيخ في نوفمبر الماضي، والتي وضع من خلالها رؤية مصرية لإيجاد حلول سلمية للأزمة الأوكرانية الحالية وايقاف آلة الحرب. ولفت الشيمي خلال مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن دور الدولة المتوازن بين الاطراف الدولية المتصارعة يأتي ضمن أهم الأدوار التي تحاول مصر لعبها حاليا، مشيرا إلى أنه في ظل فترات التحول في النظام الدولي، يتم توزيع الأدوار على عدد من الدول الإقليمية والدولية، وهو ما يتم حاليا باعتباره واحدا من أهم مقتضيات الفترة الجارية لهذا النظام. وأضاف أن هذا ما اتضح بشكل جلي خلال محادثات وزيري الخارجية المصري والروسي، لافتا إلى أن شكري أوضح أن مصر تلقت رسالة من الجانب الأمريكي تتعلق بأهمية العمل على ايجاد نقاط مشتركة واتخاذ الخطوات اللازمة لبناء الثقة في إطار بناء خط المفاوضات بين الجانبين الأمريكي والروسي. وفي الوقت نفسه، لفت إلى حرص القيادة المصرية على تعظيم قنوات الاتصال مع الأطراف المعنية، في ظل رؤية محددة للوصول لمستوى أفضل من الاستقرار الاقليمي والدولي. كما شدد على أن مصر بحكم دورها التاريخي والجغرافي، كانت دوما لاعبا مهما في تفاعلات النظام الدولي والاقليمي، مؤكدا على أن هذا الدور اتسم دائما بالتوازن والحياد بهدف تعظيم المكاسب المتقاطعة من الأطراف والقوى الدولية المختلفة، وهو ما اتضح بشكل رئيسي مع تحركات الدبلوماسية المصرية في الآونة الأخيرة. وفي السياق ذاته، أكد الشيمي على أن مصر بما تملكه من خبرات متراكمة في العمل الدبلوماسي التفاوضي متعدد الاطراف، أضحت اليوم دولة تحمل رؤية لحل الأزمات الدولية والاقليمية في إطار المسار الدبلوماسي الرصين للرئيس السيسي، الذي يستغل القدرات المصرية المتعددة للعب دور متوازن بين الأطراف الدولية. ومن جانبه، قال الدكتور أحمد عليبة، خبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن دخول مصر على خط الوساطة والتقريب ما بين الولايات المتحدة وروسيا يؤكد ما تتمتع به مصر من ثقة ومصداقية لدى الطرفين. وأكد عليبة لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن هناك نقاشات معمقة تشارك فيها مصر مع الطرفين حول العديد من النقاط الخلافية لمحاولة الوصول إلى اتفاق، قائلا إن مصر ليست مجرد ساعي بريد تنقل رسائل بين الطرفين، بل تقوم بتقديم بدائل مختلفة وتعمل على الوصول إلى صيغة مشتركة. وأوضح أن سياسة مصر الخارجية تتسم بالتوازن بين جميع القوى والأطراف، لافتا إلى أنها تحاول لعب دور الوسيط في النظام الدولي الذي يُحدد خيارات سياسته الخارجي، حيث يمكنها التعامل بكفاءة مع القوى الكبرى في النظام الدولي.