تبنت الحكومة السعودية في إعدادها للميزانية العامة للدولة للعام المالي الجاري 1437/1438 (2016)، منهجية ما يعرف بدليل إحصاءات مالية الحكومة 2001/2014 Government Financial Statistic Manual (GFSM 2001/2014)، والتي جسدت ما تضمنه قرار مجلس الوزراء رقم 153 الصادر بتاريخ 17/4/1435، بأن تستكمل وزارة المالية التحول إلى هذه المنهجية. وكخلفية مختصرة عن دليل إحصاءات مالية الحكومة 2001/2014، فهو دليل صادر عن صندوق النقد الدولي في عام 2001 يستند إلى مفاهيم اقتصادية ومالية، توفر مزايا متعددة على مستوى تحليل السياسة المالية للحكومة وممارسة الرقابة المالية للدولة. وقد تم تحديث الدليل في عام 2014، ليوفر إطاراً تحليلياً متناسقاً مع نظم الاحصاءات الاقتصادية الكلية الأخرى كنظام الحسابات القومية System of National Accounts 2008 (2008SNA) الصادر عن الأمم المتحدة، ودليل ميزان المدفوعات ودليل الإحصاءات النقدية والمالية. ويأتي تبني الحكومة السعودية لمنهجية إحصاءات مالية الحكومة 2001/2014، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من مستوى الشفافية، بغية الارتقاء بمستوى المعلومات المالية، بحيث تتوافق مع متطلبات أفضل الممارسات الدولية السليمة في مجال تحليل السياسات المالية، التي تنتهجها الحكومات على مستوى العالم، والتي تسمح بتحقيق أداء يتميز بالفاعلية لإدارة المالية العامة. واستهدف التصنيف الجديد للميزانية العامة للدولة باتباع الدليل المذكور، (1) إعداد وعرض الميزانية العامة في إطار شامل متوسط المدى للسياسات الاقتصادية، (2) تقييم الاثار الحالية والمستقبلية للميزانية على توازنات الاقتصاد الكلي وعلى مستوى النمو، (3) دراسة استمرارية المالية العامة والتعرف على مخاطرها المحتملة للحد من مدى تأثيرها على الاقتصاد والمجتمع. واستلزم التحول إلى المنهجية الجديدة في إعداد الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجاري، إعادة تصنيف بنود الميزانية العامة بالشكل والمضمون والمحتوى الذي يضمن تحقيق المزيد من الوضوح والشفافية على مستوى الايرادات والمصروفات والتمويلات، كما قد تضمن التحول الى المنهجية الجديدة صياغة اطار يسمح بتطبيق افضل القواعد المحاسبية وتوفير معلومات وبيانات أكثر شمولية ودقة وموثوقية. وتَطلب إعداد الميزانية بالأسلوب الجديد، تصنيف الميزانية اقتصادياً بناءً على ثلاثة تصنيفات أساسية (إيرادات، ومصروفات، وأصول وخصوم)، وتَطلب كذلك تدريب 3500 موظف من منسوبي الأجهزة الحكومية المختلفة على تطبيقه، بحيث تَضمن وزارة المالية أن جميع الوزارات والأجهزة الحكومية تسير على نفس النهج وتَتَبع نفس الخطوات عند اعدادها للبيانات الفرعية للميزانية. وقد انعكست المنهجية الجديدة في اعداد الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجاري (2016) بالعديد من الفوائد والإيجابيات على مكونات ومحتوى ومضمون الميزانية، ليس من حيث رفع مستوى الشفافية فحسب، بل وحتى أيضاً من حيث التفاصيل، التي تضمنتها الميزانية وأسلوب وطريقة تبويب الإيردات والمصروفات، والتي لم تكن متوفرة في الماضي، مما أضفى المزيد من الثقة والموثوقية على البيانات المالية التي تضمنتها الميزانية. إن إعداد الميزانية بالمنهجية الجديدة، سيمكن المسؤولين بأجهزة الدولة المختلفة، من قراءة الوضع المالي للدولة بشكل أفضل مما كان عليه الوضع في الماضي، ومساعدتهم في وضع الخطط واتخاذ القرارات المالية المناسبة، لا سيما وأنه قد صاحب إعداد الميزانية وفقاً للمنهجية الجديدة، إجراء إصلاحات اقتصادية ومالية هيكليه شاملة، تكفل عدم تجاوز سقف الميزانية في اطار زمني متوسط المدى (ثلاث سنوات)، إضافة إلى تطوير أهداف وأدوات السياسة المالية، وتحديد قواعد تتسق مع معايير الشفافية والرقابة والحوكمة، تُراعي الأهداف والتوجهات الاقتصادية والتنموية على المدى القصير والمتوسط والطويل للدولة. أخيراً وليس آخراً، إن إعداد الميزانية بالمنهجية الجديدة، إضافة إلى كونه يعزز من مستوى الشفافية والإفصاح، إلا انه في نفس الوقت يمكن من إجراء المقارنات المالية بين الميزانيات، التي تعد بنفس منهجية دليل إحصاءات مالية الحكومة.
مشاركة :