أكدت وزارة العمل أن متابعاتها الأسبوعية لحركة تعيين وفصل السعوديين لم تكشف وجود فصل تعسفي للسعوديين، بسبب المادة 77 من نظام العمل، التي تنص على أنه "ما لم يتضمن العقد تعويضا مقابل إنهائه من أحد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من إنهاء العقد تعويضا بأجر 15 يوما عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، إذا كان العقد غير محدد المدة، وأجر المدة الباقية من العقد إذا كان العقد محدد المدة، ويجب ألا يقل التعويض في هذه المادة عن أجر العامل لمدة شهرين". وقال لـ "الاقتصادية" خالد أبا الخيل المتحدث الرسمي لوزارة العمل "لن تسمح الوزارة للمنشآت سواء تحت مظلة المادة 77 أو غيرها أن تمارس فصل السعوديين دون وجه حق، وستتخذ الوزارة كافة الإجراءات بحق المنشآت التي يثبت تعمدها فصل السعوديين"، مشيرا إلى أنها أصبحت مبررا وشماعة يعلق عليها كثير من المفصولين قصورهم، ونحن في الوزارة لا نسمح لأي منشأة بالفصل التعسفي للسعوديين تحت ذريعة المادة 77، ومن حق الوزارة التدخل ضد أي منشأة تفصل موظفا سعوديا بشكل تعسفي، فالمنشآت لديها كثير من الحجج إذا أرادت فصل السعوديين ولا تعتمد فقط على هذه المادة. وأكد أن المادة جاءت لتقنين حالات الفصل في المنشآت، فسابقا كان بإمكان صاحب العمل أن يفصل العامل ثم يذهب إلى المحكمة ولم يكن في نظام العمل السابق نص صريح بإلزام العودة، وكان يتم الرجوع إلى الهيئات العمالية وتكون القضية تقديرية للقاضي العمالي، إما أن يعيد العامل إلى العمل أو لا يعيده، ويقدر حجم التعويض، فكانت الحالة تقديرية ولم يكن فيها وضوح، أما بعد التعديل الجديد أصبحت المسألة دقيقة وواضحة بحيث لا تخضع للأمور التقديرية، ويمكن التحاكم عليها. وأضاف "مرّ النظام بخطوات تشريعية مثل المواد النظامية في الأنظمة التي تصدر بمراسيم، وتمر بعدد من المراحل بما فيها مراجعتها ودراستها في مجلس الشورى وإجازتها، وتعديل مادة في النظام ليس بقرار يصدر من وزير العمل. والأنظمة بشكل عام سواء في هذه المادة أو غيرها، قابلة للتعديل، لكن ذلك يتم بعد أن تثبت الممارسة خللا في المادة النظامية يستوجب الرفع بطلب تعديلها". وتابع "بالنسبة إلى حالات الفصل التعسفي، فالوزارة لم تمنع أي موظف من رفع دعوى إذا فصلته المنشأة بشكل تعسفي، وستتخذ الإجراءات اللازمة إذا تبين لها أن التسريح تعسفي، وللسعوديين دون الوافدين ودون أسباب مبررة". من جانبهم، انتقد قانونيون ثغرات المادة 77 من نظام العمل، مشيرين إلى أنها تسببت في فصل كثير من السعوديين بسبب تسهيلها إجراءات الفصل، التي تقضي فقط بتعويض المتضرر براتب أسبوعين عن كل سنة أو راتب شهرين في المجمل. وقال خالد أبو راشد المستشار القانوني "لا ينبغي للوزارة أن تصدر مواد وأنظمة وفي الوقت نفسه تطلب من الآخرين عدم استغلالها، فكون النظام صدر فمن حق الجميع الاستفادة من جميع ثغراته". وأضاف "بعد تعديل نظام العمل الأخير صدرت المادة 77 لتعطي الحق لأرباب الأعمال بإنهاء الخدمة دون سبب مقنع مقابل تعويض المتضررين براتب أسبوعين فقط، وهذا لا يكفي إطلاقا". وأشار أبو راشد إلى ضرورة تعديل هذه المادة بفرض تعويض كبير للمتضرر يعينه على تسيير أموره لحين حصوله على وظيفة أخرى، أو فرض إعادة المتضرر إلى العمل إذا كانت أسباب الفصل غير مشروعة. وأكد أن على وزارة العمل رفع طلب لمجلس الوزراء يقضي بتعديل النظام مرة أخرى وتفادي مثل هذه الثغرات التي تسببت في فصل عديد من الموظفين السعوديين وغير السعوديين. من جانبه، أكد المستشار القانوني، أشرف السراج رئيس إحدى لجان غرفة تجارة جدة أن أصحاب الأعمال يرفضون تحديد مدة العقد مع العامل أو تحديد التعويض المناسب في حال الاستغناء عنه، في استغلال واضح للثغرات التي حملتها المادة 77 من نظام العمل. وقال "إضافة إلى أن هذه المادة تعطي أرباب العمل الحق في الفصل التعسفي للسعوديين وغيرهم، فهي لا تحدد بوضوح حقوق العامل بعد الاستغناء عن خدماته، فكثير من أرباب العمل يرفضون تحديد مدة العقد ولا يذكرون حجم التعويض المستحق في حالة الاستغناء عن خدمات العامل". وأضاف "هناك مادتان تحكمان التعويض، الأولى منحه راتب أسبوعين عن كل سنة من سنوات المدة إذا كان العقد غير محدد المدة، والثانية أن يكون التعويض مجزيا ولا يقل عن شهرين"، مشيرا إلى أن التعويض بأسبوعين عن كل سنة يفتح المجال أمام أرباب العمل للفصل التعسفي لعدم قوة العقوبة المفروضة عليهم هنا. وأكد أن المادة 77 أغفلت عامل الأمان الوظيفي؛ الذي يؤدي فقده إلى عزوف كثير من الشباب عن العمل في القطاع الخاص. فيما أكد المحامي عبدالرحمن علي أن النص القديم للمادة 77 كان يجيز للموظف المتضرر من الفصل دون سبب مشروع، تعويضا تقدره هيئة تسوية الخلافات العمالية، ويراعى فيه ما لُحِق بالموظف من أضرار مادية وأدبية نتيجة لإنهاء العقد بإرادة منفردة من صاحب العمل، كما أعطى الهيئة سلطة تقديرية للنظر في عودة العامل المفصول إلى عمله، وهو ما غاب عن النظام الجديد، الذي يشجع أصحاب الأعمال على التخلص من الموظفين، والسماح بإنهاء الخدمات دون سبب وجيه. وأضاف "البند 77 يصب في مصلحة التجار في أوقات الركود، لكنه يضر الموظفين وأسرهم، خاصة أن مبلغ التعويض غير كاف ولا يصل حد كفاف المتضررين حتى يتمكنوا من الحصول على وظائف أخرى لهم".
مشاركة :