تبدو الكتابة من السهولة لدى بعض من حولنا بحيث أصبح في عالمنا الكثير ممن يدّعون وتدّعي بعض دور النشر أنهم كتّاب في شتى فنون وضروب الأدب حتى الجديد منها والتي لم تصل إلى عالمنا العربي بحرفيتها بعد كالكتابة ذات الصلة بعلوم الفضاء مثلاً والتقنيات الحديثة التي يبرع فيها الكُتّاب في مناطق أخرى من العالم تتوافر لديهم ملكة الكتابة، والخبرة، والإرث الخاص بكل صناعة من تلك الصناعات. ولأن الكتابة مهابة فإن أمر التوقف عنها عند الشعور بالعجز أمام الكلمة يعتبر أفضل رد فعل للكاتب باتجاه موهبته التي حباه بها الله، ووفر له من أجلها وبجود غامر منه أدواتها ومستلزماتها من استحضار الفكرة إلى استلهامها إلى نثرها على الورق كي تصبح بعد ذلك مادة غنية وثرية للمتابعين من قراء ينتظرون كاتبهم بكل شغف. ولأنها أيضاً ليست ترفاً، أو فعلاً ترفيهياً يمر به صاحب الرغبة فيتعثر به، فإن اشتغال الكاتب على تطوير نفسه وأدواته الكتابية أمر حتمي لضمان استمرار التدفق الأدبي لديه، وبالتالي استدامة حضوره في ذهنية القارئ بشكل دائم حيث إن الكاتب للقارئ يعتبر كالصديق الوفي للإنسان، معه، ومنه، وبالتواصل معه يستطيع التعايش مع واقعه حتى وإن كان واقعاً مشوباً بالسلبية أو المشكلات، أو المعيقات أو التحديات أياً كان شكلها. وكما أن الكاتب صديق للقارئ، فإن الكاتب هو الآخر أيضاً في حاجة للصديق الذي يستطيع من خلاله التعرف على عمق تجربته، ومدى تأثيرها في الآخر، وهل هو في حاجة إلى مراجعة أفكاره وخططه الإبداعية مستقبلاً إن كان روائياً أم قاصاً أم شاعراً وغير ذلك مما يصنع من حروف، وما ينسج من كلمات. من هنا فإن على الذين يمتهنون الكتابة بوصفها ترفاً، أو مكمّلاً لحياتهم، أو اهتماماتهم كالمكمّل الغذائي للطفل أو المريض عليهم أن يدركوا أي مسؤولية يحملون في أعناقهم باتجاه الكلمة أولاً، ثم باتجاه القارئ الذي يجب احترامه، وتقديم الوجبة الثقافية المتزنة المتماسكة والثرية التي يستحقها بكل ما تحمل من أفكار، وما تقدّم من جديد يستحقه وبحب حقيقي له وللكلمة التي يكتبون. شيخة الجابري Qasaed21@gmail.com
مشاركة :