--> تصدر وسم (هاشتاق) الراتب ما يكفي الحاجة جميع الوسوم السعودية بتويتر خلال شهر رمضان ، فكان الوسم الأول بلا منازع ،وتردد صداه في بقية شبكات التواصل الاجتماعي ، فكان التفاعل مع الحملة غير المخطط لها في مواقع الفيس بوك والانستغرام واليوتيوب والكيك ذا دلالة واضحة على أن جملة الراتب ما يكفي الحاجة لامست أحاسيس ومشاعر المشاركين ، فكانت العبارة القصيرة معبرة بشكل واضح وجلي لما يدور في دواخلهم ، أكدتها الأرقام والمشاركات الكبيرة في هذا الوسم . ولكن هل صحيح أن الراتب لا يكفي الحاجة ؟ سبق لجريدة الشرق الأوسط أن نشرت تقريراً في عام 2009 عن الإستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر أعادت فيه مراجعة خطوط الفقر وتقسيم خط الفقر إلى مدقع ومطلق فقدرت خط الفقر المدقع بـ 1724.4 ريال شهرياً وخط الفقر المطلق بـ 3817.5 ريال شهرياً . وخلصت دراسة أخرى نشرت قبل أكثر من خمس سنوات للدكتور راشد بن سعد الباز أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى أن مستوى خط الفقر في المملكة للفرد يبلغ 1120 ريالاً شهرياً ومستوى الكفاف يبلغ 1660 ريالاَ شهرياً دون حساب تكلفة السكن !! وبالنظر للشريحة الأكبر من العاملين في المملكة من المواطنين والتي يبلغ معدل رواتبها قريباً من هذه الأرقام التي وضعت قبل عدة سنوات ويفترض أن تتغير نحو الارتفاع نظراً إلى معدل التضخم والارتفاع في قيمة السلع والخدمات ، تجعلنا لا نبالغ إن قلنا ان كثيراً ممن كتب في وسم الراتب ما يكفي الحاجة لا يطلب تحسين وضعه المعيشي ، بل هو يطلب المساعدة لانتشاله من طبقة الفقر وإعادته إلى الطبقة الوسطى ، أو هو متشبث بآخر خيط من خيوط النسيج المهترئ للطبقة الوسطى . إن رفع معدل الرواتب ليس ترفاً يبحث عنه المواطنون بل هي حاجة ماسة تفرضها الأوضاع الحالية التي يعيشونها ، إلا أن قرارا جوهريا مثل رفع الرواتب يجب أن تواكبه حزمة من الإجراءات لا تقل أهمية عن القرار الرئيسي منها تشديد مراقبة الأسعار والنظر في حال العائلات التي لا تملك دخلاً أو فقدت معيلها وكذلك التي تعيش على أموال الضمان والتقاعد . نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريراً بداية هذا العام أشارت فيه إلى أن ربع السعوديين يعيشون على أقل من 17 دولارا في اليوم أي ما يوازي 63.75 ريال ، وتوقعت أن عددا ما بين 2 إلى 4 ملايين سعودي يعيشون تحت خط الفقر . إن رفع معدل الرواتب ليس ترفاً يبحث عنه المواطنون بل هي حاجة ماسة تفرضها الأوضاع الحالية التي يعيشونها ، إلا أن قرارا جوهريا مثل رفع الرواتب يجب أن تواكبه حزمة من الإجراءات لا تقل أهمية عن القرار الرئيسي منها تشديد مراقبة الأسعار والنظر في حال العائلات التي لا تملك دخلاً أو فقدت معيلها وكذلك التي تعيش على أموال الضمان والتقاعد . ومن الإجراءات التي أجد أنها يجب أن تكون في سلم الأولويات وستساهم بشكل كبير في تحسين الأوضاع المعيشية هي معالجة أزمة السكن ، وهذا يدعونا لمراجعة أداء وزارة الإسكان ومقدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة من تنفيذ 500 ألف وحدة سكنية خلال خمس سنوات ، مضى نصفها تقريباً دون رؤية نتائج ملموسة ، مع العلم بأن الإسراع في إصدار قرار رسوم الأراضي البيضاء للحد من احتكارها ، سيساهم بشكل كبير في تخفيض قيمة السكن وهذا ما صرح به معالي وزير الإسكان شويش الضويحي في وقت سابق بلقاء مع الإعلامي عبد الله المديفر، إلا أن مثل هذا القرار لم يصدر حتى الآن ولا تبدو هناك بوادر في الأفق لإقراره قريباً . الأصوات التي تعالت في وسم الراتب ما يكفي الحاجة لم تكن أصواتًا مترفة تبحث عن كماليات ثانوية بل هي أصوات تشتكي سوء الأوضاع تنادت للمطالبة بالتحرك للنظر في الأوضاع المعيشية الحالية والتحرك لتحسينها بالبحث عن حلول عاجلة وجذرية للمشكلة ، لا تقل أهمية عن رفع معدل الرواتب ، فالرواتب صارت لا تكفي الحاجة. تويتر: @mashi9a7 مقالات سابقة: خالد الناصر : -->
مشاركة :