القور.. طبيعة خلابة تحتضنها الجبال

  • 1/29/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تقع قرية القور التابعة إدارياً إلى إمارة رأس الخيمة، بين أحضان الجبال إلى الشمال الغربي، وتبعد عن منطقة المنيعي بنحو 6 كيلومترات عبر طريق جبلي محيط بالمزارع الخضراء والأودية الكبيرة، وتحيطها الجبال من كل جانب لتخفيها عن كل غريب. المعالم المنتشرة في ربوع القرية تدل على البعد التاريخي للمنطقة، فأحجار البناء وأطلال البيوت وآبار وقنوات المياه القديمة، والمزارع المنتشرة تعطي شعوراً بالتميز والتفرد بين الطبيعة المحيطة. تتميز القرية التي يكثر فيها هطول الأمطار بوجود وادي القور الذي تجري فيه المياه لمدة أسابيع، لتتجمع في سد وادي القور الذي بناه المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، معظم أيام العام، وتصل إلى نحو 85 ألف متر مكعب، بارتفاع 3.60 متر، وتُستخدم في ري الزراعات المنتشرة بالمنطقة، من نخيل ومحاصيل متنوعة. الخليج زارت منطقة القور، التي تعتبر من المناطق ذات الطبيعة الخلابة، لما تتمتع به من مقومات رائعة، فجوها معتدل صيفاً ويميل إلى البرودة في مواسم هطول الأمطار، فضلاً عن موقعها بين أحضان الجبال، ورصدت الأسطر التالية.. علي بن سعيد الدهماني (أبو سعيد) مسؤول منطقة المنيعي والمناطق التابعة لها، يقول: حظيت منطقة القور وجميع المناطق المجاورة لها بمنجزات عهد النهضة المباركة، وبُنيت المساكن الحديثة وعُبّدت الطرق حتى أصبح الوصول للمنطقة بشكل أسهل وأكثر راحة على المواطنين والزائرين، كما وصلها التيار الكهربائي وتوفرت خدمات الاتصالات والإنترنت، وبنيت المساكن الشعبية والفلل المجهزة بكل الخدمات، مؤكداً أن المنطقة تحظى باهتمام كبير من الدولة. ويضيف: عاش أهالي القور قديماً في نوعين من البيوت، المنازل الشتوية المبنية من الطين والحجارة، والصيفية المبنية (العريش) التي كانت تقام في المزارع في موسم الصيف، وتكون مبنية من جريد وسعف النخيل. وظل الأهالي يعيشون في تلك المنازل حتى فترة السبعينات أي بعد قيام الاتحاد بفترة قصيرة، لينتقلوا إلى العيش في منازل حديثة ومجهزة بجميع الخدمات، ومنذ تلك الفترة لم تقصر الحكومة الرشيدة في بناء السكن للمواطنين، وشهدت المنطقة في الفترة الأخيرة تشييد فلل مجهزة بجميع الخدمات التي تسهل الحياة على المواطنين. ويتسم أهالي القور بالطيبة وكرم الاستقبال وحسن الضيافة والانتماء للوطن وحب القيادة الرشيدة، بحسب ما يؤكد الدهماني، ويرتفع بينهم نسبة التعليم وتفخر المنطقة بوجود عدد من الشعراء والأدباء والقيادات الإدارية. الوالد سالم محمد، من سكان منطقة القور، يقول: تُعرف منطقة القور منذ الماضي بالزراعة وتربية الحيوانات وجمع الحطب والعسل من الجبال، وبيعها في أسواق رأس الخيمة والشارقة وأسواق الساحل الشرقي للدولة. وتشتهر بوجود ينابيع ووديان غزيرة المياه، ما أسهم في انتشار المزارع واهتمام أهلها بالزراعة حتى وقتنا الحاضر، كما تتميز بزراعة النخيل والمانجو والليمون والسدر وحبوب الذرة والشعير والغليون، والعديد من الخضراوات منها الكوسا والطماطم والفلفل والخيار واليح وغيرها من المحاصيل. وكان الأهالي يقومون بأعمال الحراثة والسقي والعناية بالأشجار وفرش الأرض التي تزرع فيها الحبوب، وكان الاعتماد في ري المزروعات على الأمطار وعلى المياه الجوفية. وعن سبب تسمية المنطقة بهذا الاسم، يقول: سُميت منطقة القور بهذا الاسم لوجود وادي بوفراي، في باطن جبل بوفراي، ولكن تغير اسمه بعد أن انبثقت منه عدة وديان جعلته الرافد الرئيسي لحياه المنطقة، التي يمر عبر أراضيها العديد من الأودية أهمها وادي القور، إلى جانب العديد من الأودية الفرعية والشعاب الصغيرة. ويشير محمد إلى أن الحياة في الماضي بالقرية كانت بسيطة وسهلة، قائمة على التعاون والمحبة والبركة، على الرغم من الظروف القاسية التي كانت تواجه الأهالي قديماً من قساوة الطبيعة الجبلية ووعورة الطرق. يقول: على الرغم من ذلك كله، فإنها كانت حياة جميلة ممتلئة بالعادات والتقاليد المميزة، فضلاً عن قوة العلاقات والروابط الاجتماعية القائمة على مبدأ التراحم والمحبة والمساعدة بين الناس، مستمدة من القيم والعادات العربية الأصيلة، وكان الجميع من الأهالي، صغيراً أو كبيراً، كان يدرك أهمية العمل والسعي طلباً لقمة العيش الكريم وذلك من خلال القيام بجميع الأعمال المتاحة والمتوفرة في ذلك الزمان سواء أعمال الزراعة أو جمع الحطب وصناعة الفحم أو جمع العسل البري من جبال المنطقة أو تربية الحيوانات. ويؤكد أن أهالي القور ما زالوا متمسكين بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة على الرغم من مظاهر التطور والتحضر، إذ تقام الأعراس على عادات وتقاليد الأهالي القديمة، من أكلات إماراتية تراثية تقدم للأهالي، الذين يتجمعون ويؤدون الفنون الشعبية المعروفة، ويضيف: بفضل الله لا يزال أهالي المنطقة متماسكين ومتحابين ومتعاونين مع بعضهم، والكل يقدم يد العون والمساعدة لمن يحتاج، وهي من العادات والتقاليد التي ورثها الأبناء عن الآباء والأجداد، ونعمل بشكل مستمر على غرسها في نفوس صغارنا ونحرص عليها أشد الحرص. تميزت الطبيعة الجبلية بوفرة النباتات والأعشاب الطبية، التي تداولها أبناء المنطقة للتداوي فيما بينهم. يقول الوالد حارب غريب: تكثر النباتات والأعشاب الطبية على سفوح الجبال وأطراف الأودية في موسم هطول الأمطار، ومن أبرزها، عشبة الجعدة والحرمل والكرمل والشريشي ولحلول والزعتر البري، الذي استخدمه الأهالي للتداوي من العديد من الأمراض مثل أمراض المعدة والكبد والصداع، وهناك أيضاً نباتات الصبر والخجل التي كان يستخدمها الأهالي لفرك أجزاء جسم الطفل في أول شهور عمره، وكنا أيضاً نستخدم الوسم لعلاج أمراض الورم والأمراض الخبيثة وغيرها، لكن الآن انتشرت المستشفيات والمراكز الصحية، في ربوع المنطقة لتقديم الخدمات العلاجية المتنوعة لجميع أهالي المنطقة والمناطق المجاورة. وعن التعليم قديماً، يقول غريب: كان يقوم على المطوع، فلم تكن هناك مدارس حينها، وكان أبناء القرية والقرى المجاورة يتجمعون في مكان معين أو في أحد المساجد وكان المطوع يحفظهم القرآن الكريم والأحاديث النبوية ويعلمهم بعض الأمور الفقهية في موضوعات متعددة والأخلاق وتعاليم الإسلام ويعلمهم كيفية الوضوء وأداء الصلاة، أما بعد الاتحاد انتشرت المدارس بالمنطقة وأصبح أبناء وبنات منطقة القور يدرسون بالمدارس في جميع المراحل الدراسية، وأصبح هناك نسبة كبيرة من أبناء وبنات المنطقة من المتعلمين والمثقفين. ويشير سعيد ناصر الدهماني، أحد سكان المنطقة، إلى تميز المنطقة بمناخها المعتدل على مدار العام، حيث تنعدم فيها درجات الحرارة العالية وتنخفض فيها الرطوبة، وهي ما زالت محتفظة بجمالها وصفاء طبيعتها الخلابة بعيداً عن أي نوع من التلوث أو الإزعاج. ويضيف: المنطقة طبيعية خلابة محاطة بالجبال من جميع الجهات، وهي من المناطق الهادئة والساحرة بمناظرها الخلابة، وفي موسم سقوط الأمطار فإن الجبال تجعلها ربيعاً فتبهر الناظر وتريح نفسه وتشعره بالحيوية وتجدد نشاطه.

مشاركة :