ميرفت العريمي: أسعى لترك بصمة في حياة الآخرين وصناع القرار

  • 1/29/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

على الرغم من اهتمامها الكبير بالقراءة والتعلم والكتابة، منذ صغرها، فإن حلم الصحافة لم يكن من بين أحلامها، وحتى حين التحقت بكلية الآداب جامعة السلطان قابوس، لم تكن الصحافة أولى اختياراتها، بل كان من باب المصادفة البحتة. إنها ميرفت العريمي، مديرة أول مركز حكومي للدراسات والبحوث، بمؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان الحكومية. تؤمن العريمي أن الصحفي يعلم الملايين، ويؤرخ الأحداث، وبالتالي فإن المسؤولية المنوطة على عاتقه عظيمة. وترى أن التسويق الاستراتيجي، الذي اتخذتها مادة للتخصص في دراستها العليا ليست ببعيدة عن عملها، بل مكملة له، فهي تركز على فهم قراء الصحف واتجاهاتهم والعوامل التي تؤثر في قراراتهم، ومن هنا عملت على تأسيس دائرة تعنى بالتخطيط، والدراسات تدعم صناع القرار بالمؤسسات. حلمها، كان ولا يزال، يدور حول ترك بصمة إيجابية في حياة الآخرين، وتقديم مجموعة من الخدمات البحثية، التي تطوّرت مع الوقت إلى مركز للدراسات والبحوث بمؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان الحكومية، وهوايتها الكتابة والاطلاع المستمر، وتعمل حالياً على على أكثر من كتاب، وبحث في مجال التنمية البشرية، وقراءات فلسفية. وخلال الأسطر التالية نتحاور معها، عن أحلامها وطفولتها، وحياتها العملية في مركز الدراسات والبحوث.. } حدثينا عن سنوات الطفولة والتكوين والأحلام، وكيف كانت في تلك المرحلة العمرية؟ - طفولتي كانت ملأى بالأحلام الصغيرة التي تراود أيّة طفلة، إلّا إنّني حين أعود بذاكرتي إلى تلك الأيام أرى أن أكثر اهتماماتي ليومنا هذا كانت تتركز في القراءة، والتعلم المستمر، ومن ثم الكتابة. } ماذا عن أحلامك الوظيفية والمهنية؟ - حلمت بوظائف عديدة، وفي كل مرحلة كنت أحلم بوظيفة جديدة، فهذه طبيعة مرحلة الطفولة، لكن بطبيعة الحال تتغير الأحلام مع النمو، واكتساب مهارات جديدة، فتارة أحلم بأن أصبح طبيبة، لأن الطبيب يساعد الناس على الشفاء، وتارة أحلم بأن أصبح معدة أفلام وثائقية للأطفال لتعليمهم بأسلوب مبتكر، إلا أن عملي كصحفية وباحثة لم تكن ضمن تلك الأحلام. } إذاً توجهك خلال مراحلك الدراسيّة الأولى، كان علمياً، لماذا اخترت القسم الأدبي؟ - في المرحلة الثانوية وجدت نفسي أكثر ميلاً للمواد الأدبية، فالتحقت بالقسم الأدبي الذي نقلني إلى آفاق جديدة كلياً، فيه الكثير من الفكر والخيال والإبداع، وعندما التحقتُ بكلية الآداب بجامعة السلطان قابوس، لم تكن الصحافة أولى اختياراتي، بل إن دخولي هذا القسم كان من باب المصادفة البحتة، فبعد اجتيازي مقرراً للصحافة وجدت التشجيع والدعم والتوجيه من مرشدي الأكاديمي الذي تنبأ بأني سأصبح صحفية جيدة إن تخصصت في هذا المجال، فكان هو أول من آمن بي كصحفية، ولا أنسى دعم الأسرة التي لعبت دوراً كبيراً في تذليل جميع الصعوبات. } وكيف نشأت علاقتك مع الإعلام؟ - مع مرور الوقت أحببت الإعلام، لأنه ينمّي جانباً مهماً من هواياتي المفضلة، وهي القراءة والاطلاع، واستثمرت وقتي في تعلم كلّ ما يتعلق بالإعلام من تصوير ضوئي وفيديو ومونتاج وإخراج وكتابة السيناريو، ووجدت أن التجدد والنمو، أهمّ ما يميّز الصحافة، لذلك دخلت مجالها منذ السنة الثانية بالجامعة، فكنت أكتب في مجالات المجتمع، والمقالات العلمية، والاقتصاد لمطبوعات محلية، وأخرى خارجية، وواصلت الكتابة بعد التحاقي بقسم التحقيقات بجريدة عُمان، وبعد أعوام من العمل الصحفي توصلتُ إلى قناعة مضمونها إذا كان المعلم يدرّس فصلاً من مجموعة طلاب، فإن الصحفي يعلم الملايين، ويؤرخ لأحداث، وبالتالي فإن المسؤولية المنوطة على عاتقه عظيمة، ويجب أن يشعر بها قبل أن يكتب حرفا. } بعد ذلك سافرت لاستكمال دراستك العليا، واخترت تخصصاً في مجال جديد، هو التسويق الاستراتيجي، لماذا؟ - التسويق مكمل لعملي الذي كان يركّز على فهم قراء الصحف واتجاهاتهم، والعوامل التي تؤثر في عملية اتخاذ القرار، وهذه المرحلة كانت ثرية جداً لأنها زوّدتني بمهارات عالية في التحليل، والتوصل إلى نتائج، حتّى لو كانت المعلومة المباشرة غير متوفرة إلّا أنها أصبحت أقرب إلى فهم تأثير ثقافة المجتمع، والفرد على عملية اتخاذ القرار، وتوصلتُ إلى أنه من الضروري في أي مشروع تطويري للمؤسسات، أو المنتجات أن يكون هناك أساس علمي مبني على مجموعة من الدراسات، والاستطلاعات، وخطط قابلة للتطبيق، فعملية اتخاذ القرار تصبح صحيحة بتوفر أركان اتخاذ القرار، فعملت على تأسيس دائرة تعنى بالتخطيط، والدراسات تدعم صانع القرار بالمؤسسة إلى جانب تقديم مجموعة من الخدمات البحثية، التي تطوّرت حاليّا إلى مركز للدراسات والبحوث، ولم أنقطع عن العمل الأكاديمي، إذ إنني أقدم كلما سمح لي الوقت، بعض المحاضرات والبرامج في مجالات الصحافة والتسويق، كما أدرت بعض الندوات البحثية، ولم أفكر جدياً في العمل كأكاديمية متفرغة، وحاليا أستعد لدراسة الدكتوراه لاستكمال مسيرة التعلّم. } وما أحلامك؟ أحلم أن أساهم في إضافة بصمة إيجابية إلى حياة الآخرين، وحالياً أعمل على أكثر من كتاب، وبحث في مجال التنمية البشرية، وقراءات فلسفية. } ما وظيفة مركز الدراسات والبحوث؟ - مراكز الدراسات في أية دولة تقدم أبحاثاً في متناول صانع القرار داخل المؤسسات والمهتمين، وعندما أنشأت المؤسسة المركز قبل 3 أعوام كان الهدف الرئيسي تقديم دراسات، وأبحاث رصينة تدعم صناعة القرار، وتطوير جودة الخدمات المقدمة للقراء، إلى جانب أن نكون حلقة وصل بين الباحث، وصناع القرار من خلال تبسيط المعلومة العلمية لتكون في متناول يد شرائح المجتمع، فنشرنا إصداراً شهرياً بعنوان رواق يحتوي على مجموعة من المقالات، والاستطلاعات، والتقارير، والإحصائيات، يصاحبها إصدار كراسة استراتيجية تنشر ملخّصات أبحاث علميّة تهمّ المجتمع، وأصدرنا مجموعة من الكتب، والأبحاث منها: التخطيط الاستراتيجي، وإدارة التغيير، وجسر بين حضارتين، ومضيق هرمز، وغيرها الكثير، إلى جانب مجموعة من الفعاليات التي كانت تهدف إلى تطوير المهارات البحثية لدى الأطفال والشباب كصيف المواهب، والمساعدة في بناء جيل جديد من الباحثين من خلال تعليمهم المهارات البحثية، والتواصل مع المجتمع والإعلام. } وما مدى تجاوب المؤسسات الأكاديمية، والبحثية، والسياسية مع المركز؟ - لله الحمد، منذ أوّل يوم عمل لنا في المركز وجدنا التعاون، والدعم من المؤسسات العلمية، والباحثين في المؤسسات المحلية قبل الدولية، فنحن نعمل سوياً في خدمة المجتمع، والمعلومة متوفّرة طالما تصبّ في صالح المجتمع، وتطويره، فعملنا معا مؤتمرات، وندوات، ونظمنا كثيراً من حلقات العمل، ونقاشات الطاولة المستديرة التي ناقشت قضايا ثقافية، واجتماعية، وسياسية واقتصادية بحضور نخبة من الباحثين، والمهتمين، ولدينا إصدارات مشتركة مع الباحثين من مختلف المؤسسات، إذ إن التعاون بيننا مستمر، فنحن كمركز نقدم الدعم المعنوي للباحثين بطباعة أبحاثهم، وحصيلة دراساتهم بهدف نشر الوعي. } الملاحظ قلة مراكز الدراسات السياسية، والاستراتيجية في عمان، لماذا؟ - نقص الإمكانيات المادية، وقلّة الكوادر المتخصصة في هذا المجال من أهم الأسباب التي تؤجل إنشاء مراكز الدراسات بالمؤسسات الصحفية، ولا يمكن الفصل بين السياسة والإعلام، فهما وجهان لعملة واحدة، ويمكن أن نشاهد ذلك جلياً في توظيف الإعلام لخدمة المصالح السياسية في العالم، لذا أعتقد أنّ الأسباب مادية بالمرتبة الأولى، ولا يخفى على أحد أن المؤسسات الإعلامية تعتمد في دخلها بشكل كبير على الريع الإعلاني، وهذا الدخل يتوقف على الوضع الاقتصادي للسوق، والتنافسية بين المؤسسات، ولا يخفى على أحد أن مراكز الدراسات تحتاج إلى ميزانيات ضخمة، والعائد المادي يكاد لا يذكر كما أنها تحتاج إلى النخب من الباحثين من كل المجالات إلى جانب محللين من أصحاب الخبرات، والمؤهلات العالية، لذا نجد بشكل عام عدد المراكز محدوداً بالدول العربية ليس في السلطنة فقط، وعلى الرغم من ذلك نجد أن المؤسسات الصحفية تقدم بعض الخدمات البحثية من خلال إقامة الندوات، والمؤتمرات، وتساهم في دعم البحث العلمي، والدراسات السياسية المتخصصة من خلال مطبوعاتها إدراكا منها لأهمية العمل البحثي في دعم المجتمع، والمؤسسات. } قانون المطبوعات العماني يضع قيوداً على نشر وتداول المعلومات، في حين أن السائد في الدول الأخرى هو الإباحة، باستثناء المعلومات التي تمس الأمن القومي طبعاً. ما رأيك؟ - من خلال اطلاعي على قوانين المنظمة للإعلام، والاتصال في العالم لم أجد إباحة مطلقة للنشر، بل هناك معايير، ونظم تنظم تداول المعلومة بين المؤسسات، ووسائل الإعلام، وبعض الدول لها قوانين خاصة للإعلام، وأخرى نظمت مسألة النشر من خلال القانون العام للدولة بما يوازن بين مساحة الحريّة، والمسؤولية، وحقوق الأفراد، والمؤسسات، ومن وجهة نظري أن أبرز ما يواجهه الصحفي هو مدى توفر المعلومة الصحيحة من مصادرها، وسرعة الحصول عليها، ومع التطور الهائل في التقنيات، والفضاءات المفتوحة أصبح من المهم توفير المعلومة بشكل أكبر، وتوعية المجتمع، والعاملين في مجال الإعلام حول كيفية التعامل مع تلك المتغيرات بما يخدم ثوابت المجتمع، والمبادئ الأخلاقية العامة والتي تحترم خصوصية الإنسان، وإنسانيته، فالإباحة المطلقة فوضى مطلقة.

مشاركة :