عبّر عدد من المسؤولين عن تطلعهم إلى نجاح مؤتمر «تحقيق الاجتماع وترك التحزّب والافتراق.. واجب شرعي ومطلب وطني»، الذي تبدأ أعماله غداً بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة, ويشارك فيه باحثون متخصصون من داخل المملكة وخارجها, مؤملين أن تتحقّق أهدافه في بيان أهمية وحدة الصف, واجتماع الأمة الإسلامية, ومخاطر التحزّب والافتراق الذي يقوّض أمن المجتمعات ويهدّد استقرارها. وأجمعوا في تصريحات بهذه المناسبة على أهمية انعقاد هذا المؤتمر في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله- والذي شهدت بداية عهده المبارك تحقيقاً حازماً وعملياً مثمراً لهذا المبدأ لم يكن محيطه هذه البلاد فحسب بل شمل العالم الإسلامي والعالم كله. وأوضح معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي في تصريح بمناسبة انعقاد المؤتمر أن من أبرز ما ابتلي به المسلمون من المشكلات المؤثرة تأثيراً سلبياً في واقعهم، افتتان شريحة غير قليلة منهم بالأساليب التي استحدثها غيرهم في تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية، من غير عرض تلك الأساليب على ميزان الشرع الحنيف، ولا استفتاء الكتاب والسنة في شأنها، لتمحيصها وتمييز الصالح النافع الملائم لأمتنا منها، من الفاسد الضار لها المتعارض مع قيمها الدينية والاجتماعية. ومضى معاليه قائلاً: نحن المسلمين لنا ما يميزنا عن غيرنا في شؤوننا السياسية والاجتماعية والفكرية، ولنا موجه رئيس يرشدنا إلى الأمثل من الأمور في ذلك كله، وهو الدين الذي أنعم الله به علينا وارتضاه لنا، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور ومن الشتات إلى الاتحاد والتعاضد، من الفرقة والعداوة إلى الجماعة والتآلف (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا). وأضاف: ومما أنعم الله به علينا في المملكة العربية السعودية، أن هذه الدولة المباركة قامت على أسس مستمدة من الكتاب والسنة، وتمسك قادتها بهذه الأسس في إدارة شؤونها، وفي التعامل مع شعبهم والتعاون مع أمتهم الواسعة، إذ ليس لهم انتماء غير الانتماء لدينهم ووطنهم وأمتهم، فبذلك سدّت الأبواب في وجه كل ما يثير الفتن ويحزّب المجتمع الواحد, ويحدث فيه التيارات المتصارعة والجيوب المشرذمة، وقد رأينا كيف أن هذه التقاسيم التي كثرت في بلاد إسلامية أخرى، تحت شعارات براقة خلابة، أدت إلى مشكلات لا حصر لها، وأضعفت الولاء للدين والوطن وولاة الأمر، ومزقت وحدة النسيج الاجتماعي، وأخمدت روح الألفة بين أبناء الوطن الواحد، وزرعت بينهم العداوة والبغضاء، ومد يد الاستنجاد وطلب الاحتماء، لمن يحرصون على كل فرصة تمكّنهم من الإفساد. وسأل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي المولى- عز وجل- أن يوفق منظمي المؤتمر, والمشاركين فيه إلى إبراز المنهج الإسلامي الصحيح الذي قامت عليه المملكة، وحرص عليه قادتها منذ تأسيسها، إلى العهد المبارك عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود،- أيده الله بنصره-، تمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله، ودعوة المسلمين إلى ذلك، وبيان فرضية السمع والطاعة لولاة الأمر، وضرورة اجتماع الكلمة على الإسلام عقيدة. من جهته أكد معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس في تصريحه على أهمية الاجتماع والاعتصام، محذراً من الفرقة والانقسام, مقدماً الشكر لولاة أمر هذه البلاد الميامين على دعمهم لمثل هذه الفعاليات المباركة وللقائمين على الجامعة الإسلامية على جهودهم. وأشـار معاليه إلى أهمية انعقاد هذا المؤتمر في هذا التوقيت, لأنه يرمي إلى الدعوة والحفاظ على الوحدة والاجتماع وتفعيل الأخوة الإسلامية في كل مناحي المجتمع المسلم, مضيفا أن الاعتصام بالجماعة والائتلاف, من أصول الدين كما قرر ذلك أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-, وأن توسيع هوة الاختلاف والتدابر والتحزب إنما هو تقطيع للجسد الواحد إلى أوصال متناثرة, وأشلاء متنافرة, وطريق إلى التصنيف والتحزب, يؤدي بدوره إلى التشهير والقطيعة, ويفتح أبواب الجَرح والقدح, ونسج الأكاذيب, وإلصاق التهم, والحط من الأقدار. وحذّر معاليه مما يتداول ويسمع من خفافيش الظلام وألسنة السوء عبر المجالس والمنتديات, وقنوات التواصل الاجتماعي في سيل جارف من موجات الافتراق والتفرق, وأسلحة مسمومة للأوصال تُقطع, في تناسٍ بليد لخطورة هذا الداء, وإعراض عن أهمية الوحدة والاجتماع إلى غير ذلك من أفاعيل دُعاة الفرقة, وسُعاة الفتنة, والمخادعين لله ولدينه وخلقه وفي مخالفة صريحة لدعوة الإسلام والتي تحرِّم شرعاً شق عصا الوحدة, والخروج عن عصمة الجماعة, وتستغل مواقع التواصل الاجتماعي لهذا العمل المشين, حيث قال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا», مذكراً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات, مات ميتة جاهلية). وبيّن معاليه أن مما لا مراء فيه ولا جدال وما يصدقه الواقع المعاش أن في التشرذم وترك الاجتماع وفي التحزب وضرب الوحدة, اعتداء على ضرورات الحياة التي بدونها لا تستقيم مقدراتهم من الدين والنفس والنسل والعقل والمال, وأن في ذلك خروجا عن غاية التسليم والسمع والطاعة, منتهيا إلى القول «إننا لنحمد الله في المملكة العربية السعودية على ما منّ به علينا من اجتماع الكلمة ووحدة الصف منذ عهد الإمام المؤسس- رحمه الله- إلى هذا العهد الزاهر». وختم تصريحه مقدماً وافر الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولسمو ولي عهده الأمين, ولسمو ولي ولي العهد, ولسمو أمير منطقة المدينة المنورة- حفظهم الله- على مساندتهم ودعمهم لمثل هذه المناشط, داعياً الله جل وعلا أن يجعل جهودهم المباركة في موازين حسناتهم ورفعة درجاتهم, وأن يسدد خطانا جميعاً لما فيه عِز الإسلام والمسلمين, وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من عدوان المعتدين, وحقد الحاقدين. من جهته أكد معالي وزير العدل الدكتور وليد بن محمد الصمعاني في تصريح بهذه المناسبة, أن الشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله لنا صلاحاً لحياتنا في الدنيا والآخرة, شدّدت على وحدة الصف المسلم, واجتماع الأمة الإسلامية تحت راية (لا اله الله محمد رسول الله), ودعت إلى وحدة الصفّ, وتوحيد الكلمة, وتقوية الشوكة. وقال وزير العدل «إن الفرقة والاختلاف سببا هلاك وزوال الأمم والجماعات, وهوانها أمام أعدائها, مذكراً بما مَنّ الله به على هذه البلاد من قيادة حكيمة, جعلت من تطبيق شرع الله في شؤونها ووحدة صف مجتمعها قوّتها, فأصبحت مناراً للدول, ونبراساً يحتذى به بين الشعوب, فلا حزبية هنا ولا عصبية, فالكل سواسية, ويد الله مع الجماعة», مستدلاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً), وقَوله عليه الصلاة والسلام: (مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ، فَاقْتُلُوهُ).
مشاركة :