يكثر في مجتمعانا أشخاص ملكوا أغلى الأشياء وحازوا أعظم الممتلكات؛ ومع هذا لا يكفون عن الشكوى؛ فالأكل بارد والشاي سكره ناقص والعاملة غير متقنة وحديقة المنزل جدا كبيرة والزوج مهمل والزوجة غير أنيقة! فلماذا لا يسعد هؤلاء؟ باختصار لأنهم بشر لا يحملون أي تقدير للنعم وللحياة، وهو يعود بالدرجة الأولى لما يسمى بالتوجه العقلي! إن المتأمل في أحوال السعداء يرى أنهم أشخاص لا يملكون بالضرورة أغلى الأشياء وأفضلها؛ بل هم أشخاص امتلكوا توجها عقليا جيدا وموقفا فكريا إيجابيا جعلهم يعيشون في سعادة! يقول دينس وينلي: النجاح ليس هبة تمتلكها ولا تولد عليها ولا علاقة لها بنسبة ذكائك أو قوة موهبتك المهم توجهك وهو معيار نجاحك! ليس من العدل مع النفس أن نجعل من المعاناة خيارا لنا، وأن يقضي ما تبقى من حياته منوجعا وليس مجبرا على أن يتقبل آلامه ومعاناته كما لو أنها مهمة مفروضة عليه وأنه قدره أو مصيره المحتوم! في إحدى الروايات قال البطل: نعم يمكن أن يسلب من الإنسان ماله وممتلكاته وربما حريته كل شيء قد يسلب منه إلا أفكاره! فأعظم ما وهبنا بعد نعمة اليقين والعقل هي نعمة الاختيار فنحن أحرار في اختيار ما نفعل تحت أي ظرف ونحن أحرار في اختيار ما نتحدث به تحت ظل أي ضغط! وتلك الأفكار هي من يحركك ويؤثر في سلوكك ومن ثم في مشاعرك؛ فأي تحول نفسي من ألم إلى راحة ومن مرض لشفاء ومن شقاء إلى سعادة ومن يأس إلى أمل ومن تقطيب إلى ابتسامة ومن النظرة الدونية للذات إلى احترامها وتقديرها كل هذه الأمور يحتاج منك لتوجه عقلي إيجابي سيتبعه سعي وعمل وبذل جهد! * حناجر تئن وأعداء يتربصون وظروف صعبة ومع هذا اختار ملك المتفائلين محمد الاختيار الجميل بقوله: لا تحزن إن الله معنا! * وعندما زار مريضا قال له :طهور! ساعيا لنقل هذا المريض لنظرة مشرقة ولتفكير أكثر إيجابية ولتعامل أكثر احترافية مع الحدث! * وفي أشد المواقف ألما وهو موقف الابتلاء بالعرض حُسم في القرآن المشهد بقوله: لا تحسبوه شرا لكم! * والإمام أحمد وصل حباله بالسماء في محنته واختار التوجه الأمثل في أن الفرج قريب! * والعظيم ابن تيمية اختار أروع الاختيارات مع أعدائه وخصومه تمثلت في العفو والتسامح! * والبطل مانديلا اختار السلام واختار أن ينتقم من خصومه بالتسامح والمرونة وسياسة الاحتواء وقانون اليوم تبدأ حياة جديدة! * وكريستوفر ريف ممثل شخصية (سوبرمان) كان مل السمع والبصر شهرة ومال وصحة وشباب أصيب في حادث سقوط من صهوة حصان فأصيب بشلل رباعي لم يثنه عن العطاء وماشل روحه فاستمر يقدم بقوة روحه عطاء أعظم مما يقدمه السوبرمان! * وضابط البحرية الأمريكي وجد نفسه أيام الحرب الكورية محاط بثماني فرق عسكرية قد أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم فاستجاب بطريقة مذهلة للوضع، أنهم موجودون من كل جانب فلن يستطيعوا هذه المرة الفرار! * وماجاوز الحقيقة زيج زيجلار المحفز الأول في أمريكا عندما: قال توجهك الذهني هو الأهم! هل تعاني مرضا موجعا، أو خسارة مؤلمة أو غدر حبيب، أو نكران قريب أو تقلب زمن أو تبدل حال، أو فوات فرصة! ليس لك في كل المواقف إلا الاستعانة بالكريم العزيز واللجوء إليه وحسن الظن به وهذا يمثل أعلى درجات التوجه الإيجابي فإن كان أمرا لا حيلة ولا يد لك فيك وخرج تماما عن السيطرة فلا تهدر وقتك بالسخط والانفعال والتحسر والتأوه بل ركز على ما تملك من مواهب وقدرات ومنح ثم ابدأ حياة جديدة طاويا الماضي بكل ما فيه! وتذكر إن لم تغير نظرتك للأزمات فسوف تكون أسيرا خاضعا مكبلا بها وستزداد هما على هم! وينصحك واين داير بأن تفحص الملفات التي تضعها على نفسك، فكل ملصق هو حاجز واحد لن تسمح لنفسك بتجاوزه! وأرح بالك وقر عينا؛ فأنت لا تستطيع اختيار ما حدث ويحدث لك ولكنك تستطيع اختيار ما يدور بداخلك من أفكار! فأنت لست مسؤولا عن تجارب سيئة حدثت في صغرك، ولست مسؤولا عن أب اجتهد في تربيتك ولم يتخذ أسلوبا مناسبا، ولست مسؤولا عن معلم مشبع بالعقد النفسية، ولست مسؤولا عن مدير تقبع في روحه عشرات مركبات النقص! ولكنك مسؤول مسؤولية تامة عن غدك ويومك تحت سيطرتك ولك حرية الاختيار! وما أروع قول فولتير: أنت تبدأ بالكروت التي توزع عليك وعليك أن تجيد اللعب بها! تحمل مسؤولية تبني الموقف الإيجابي ولا تعتذر بماض ولا تبرر بعدم قدرة ولا تلقي بلوم على كائن كل الظروف وانتصر لنفسك ولقدمت لها أعظم خدمة! لاتهمل عقلك ولا تتركه دون تهذيب فهو كالحديقة إن تركته نبت فيه الحشائش الضارة وكذلك العقل لا يترك دون تنقية، راجع أفكارك وفلترها وانظر إلى أين تذهب بك، فالعقل المهمل عند مورتيمير أدلر يعفك تماما كما هو الجسم المهمل. احرص دائما وفي كل موقف على: * أن تركز على زاوية مشرقة وتتلمس نقطة بيضاء * أن تتحدث بلغة إيجابية وبكلمات تحمل الأمل والتفاؤل * أن تستعين بعد الله بشخص إيجابي إما باستنصاحه أو بتصور ما قد يفعل لو كان مكانك * تذكر أن البشر هم من يصنعون الأمل واليأس بتوجههم العقلي ومضة قلم محفظة فارغة خير من عقل فارغ! مثل ألماني مقالات أخرى للكاتب أصحاب النافذة! ناثر الورد قانون «مياه تحت الجسر» سائق التاكسي ونظرية النوافذ المكسورة! عندما يكون الألمُ نعمة..!
مشاركة :