من الطبيعي أن يواجه البشر حزمة من العقبات والصعوبات اليومية بسبب الإيقاع السريع الحياة وتوسع المطالب وتعدد الرغبات وكثرة المشاغل، ومن بديهيات الحياة أن يكون أهلها عرضة للضغط النفسي؛ ما دموا يكدحون ويعملون ويطلبون الرزق و ما دموا يتواصلون ويلتقون مع بعضهم فلا بد من اعتداء أو كلمة جارحة وغيره مما يسببه تواصل البشر من ضغوط، وللضغط النفسي أسباب كثيرة منها أن يعيش الإنسان مهددا يترقب شرا وينتظر أذى, ومنها أن يبقى الإنسان مقيدا في أسر ذكرى سيئة وتجربة أليمة تطارده في حله وترحاله في ليله ونهاره حتى تجهده، ومن أسباب الضغوطات أيضا وجود من يتنمر علينا فربما يبتلى أحدنا بزميل أو بجار أو بشريك يسخر منها ويقلل من قدره ويهمش من رأيه وينكد عليه، وكذلك تحمل أعباء أكثر من الطاقة وظيفيا يضيق معها الوقت والجهد، ومنها كذلك الاستسلام لعناء الزحام، ومنها ما يكون داخليا كاضطرابات الجهاز الهضمي وقلة النوم، وسأدلك على بعض الخطوات العملية لتجنب الضغط، وإن لم تستجب؛ فالثمن هو صحتك ووقتك واستمتاعك بالحياة! 1. لا تراقب الناس وعليك نفسك ؛ فالمتابعة الدقيقة البشر وترقب أفعالهم وحياتهم الخاصة ستجنح بصاحبها للمقارنة وجزما سيجد لديهم ما يتوفقون به عليه وبعدها سيتقلب في أتون الحسرات, وراحة كبيرة أن ينشغل الإنسان بنفسه ويحمد الله على ما وهبه! 2. تحمل مسؤولية ما يجب عليك تحمله ولا تتوسع في هذا، ولا تجعل من نفسك أبا للبشرية وقيما عليها, ومديرا للكرة الأرضية تحمل هم نفسك وهم من حولك. 3. لاتكن حديا واهتد للمنطقة الرمادية ؛ فالكمال لله والأشخاص الحديون يأتيهم الضغط من كل حدب وصوب؛ فكل عمل جزما لن يكتمل وكل شخص قطعا فيه عيوب وعليه فهولاء في حالة دائمة من السخط وعدم الرضا ؛ لذا تجدهم دائما متوترين مستنزفين الطاقة، دائما اجعل من قاعدة (إذا غلبت الحسنات السيئات حكم على الشيء بالخيرية). 4. لابد من تحديد طبيعة كل علاقة فرق بين القرابة والصداقة والزمالة والمعرفة، فأحيانا بعض العلاقات تمثل عبئا ومسؤولية والتزاما, ليكن لك معارف لكن بدون المزيد من الالتزامات؛ فالحياة إذا كانت قائمة على كثرة المناسبات والمجاملات فتحت علينا جبهة لذا يكتفى بعلاقات دافئة دون توسع. 5. لا تكن مولعا بالحرص ؛ فالحريص على تنمية المال مثلا أو المهووس بالترقيات يعيشون حالة من الضغط عجيبة ؛ فاليوم الذي لم يرتفع الرقم لديه يقيم فيه مأتما وعويلا وإن لم تتهيأ له ترقية ولم يكتب له منصب أقام الدنيا وما أقعدها، والإنسان يبذل جهده ثم يرضى بما كتب الله له. 6. لا تبالغ في العطاء؛ فالعطاء المبالغ فيه والتضحيات المتكلفة هي بمثابة إعلان حرب على النفس بل وإعدام إرادي لها فهولاء يعيشون في ضغط مستمر لأنهم يترقبون شكرا وافرا وينتظرون ردا للمعروف يوازي عطاءهم وهو أمر لن يتحقق, لذا لا تجعل نفسك شخصا من الدرجة الثانية، قدم نفسك وأكرمها، وأعط لكن دون مبالغة. 7. يومك يومك ...لا تحمل همّ الغد فأمره عند الله, استمتع باللحظة واستغرق فيها وربك كريم. 8. اختل بنفسك ولو ساعة يوميا اختلاء كليا وتجنب أي تواصل مع الآخرين خصوصا أخطرها وهو التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي إذ ينصح الخبراء بالتخلي عنها لمدة 24 ساعة والبقاء وحيدا بممارسة المشي أو مشاهدة ما يمتعك سيريحك كثيرا, وافرض على من حولك احترام خصوصيتك. 9. استرخ ولو لخمس دقائق... اجلس في مكان هادئ وفي مكان مريح وبملابس مريحة ودون ضجيج ، استرخ واغمض عينيك، وتنفس بعمق وركز على صوت تنفسك واصغ للشهيق والزفير في كل نفس وتذكر أن القاعدة تقول :إن لم تجد وقتا للاسترخاء ستجد وقتا للاستشفاء مستقبلا. 10. اجمع لنفسك بعض الحكم والأمثال والمقولات والشعارات التي تثبتك عند حدوث أي ضغط وتجعلك أكثر هدوء وعلقها في مكان تراه باستمرار كجدار غرفة أو خلفية شاشة. 11. تقبل ما كان أيا كان، خسارة مادية.. إخفاق دراسي.. فهذا أمر مقدر قد كتبه الله لك وهذا تفكير ضروري لاستمرار الحياة، ليس لديك مقدرة على تغيير الماضي، استفد من تجاربه ولا ترهق نفسك بأثقاله، ولا تكن حبيسة، فما فات مات، لا الحزن يعيده ولا التحسر يحييه. 12. لا تكن جادا دائما وعليك بالمرح والضحك وصناعة الفرح لك ولمن حولك، ولا تغفل عن الابتسامة والفرحة في حياتنا، فالدراسات الطبية أثبتت أهمية هذا في صحتك النفسية والجسدية. 13. خذ كفايتك من النوم ليلا ونهارا ، واجعل غرفة النوم للنوم فقط واحذر من استخدام الاجهزة في غرفة النوم ولا تدخل إلى السرير إلا حينما تجد الرغبة لديك في النوم، وإذا لم يزورك نوما خلال 10 دقائق فغادر السرير ومارس أي شيء مفيد. 14. تأكد وثقة ثقة تامة أن من كان مع ربه فلن يخذله؛ فدونك الصلاة والأوراد و ذكر الله عموما وفعل الخير فهي لا شك وبما لا يدع للشك تصنع المستحيل. 15. كتب لك مهام يومية لكن دون تعذيب للنفس وعليك بتسهيل الأمور وتبسيط الحياة فإن استطعت أن تنجز فاحتف به ومالم تستطع فيؤجل والأمور ميسرة ولا تظن أنك ستحل كل مشاكلك في يوم واحد. ومضة قلم كل نفس ذائقة الموت ولكن ليس كل نفس ذائقه الحياة.