طرابلس – أجاز المجلس الأعلى للدولة في ليبيا الاثنين 35 مرشحا للمناصب السيادية، تمهيدا لاختيار البرلمان 5 من بينهم ضمن اتفاق بين المجلسين لتوحيد مؤسسات الدولة المتنازع عليها وعلى اقتسامها منذ سنوات طويلة، وذلك بعد ثلاثة أعوام على اجتماع بوزنيقة المغربية، في خطوة يأمل الليبيبون أن تسهم في تحريك الجمود الحالي بالمسارات الأخرى، خصوصا في ما يتعلق بالقاعدة الدستورية للانتخابات العامة. وخلال جلسة للمجلس الأعلى (نيابي استشاري) الاثنين تم التصويت لاختيار سبعة من المرشحين لكل منصب من المناصب السيادية الخمسة المعني باختيارهم المجلس. ولمنصب رئيس المفوضية العليا للانتخابات جرى اختيار المرشحين: صلاح الدين الهادي ويحيى غيث والعارف خوجه وناجي السيد والعارف التير وفرج الصويعي ومحمد هدية، وفق بيان للمجلس. واختار أعضاء المجلس لمنصب رئيس ديوان المحاسبة: محمد تكالة وعادل كرموس ورضاء قرقاب وعلي النقاصة وامحمد الزكار، وحمزة حمّير وأحمد عون. وبالنسبة إلى منصب نائب محافظ المصرف المركزي جرى اختيار: سليمان العزابي وعبدالمجيد الماقوري ومحمد بن يوسف ومختار الطويل وسعد العيادي وميلاد الساحلي وساسي السائح. كما اختار أعضاء المجلس لمنصب وكيل هيئة الرقابة الإدارية المرشحين: خالد عمار وخالد البيباص ورضا البرقي وعبدالحليم أبوظهير وصلاح أبوزويليمة وأيمن الصادي وأحمد البوزيدي. وبشأن منصب وكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اختار المجلس: رياض عبدالهادي وميلاد محمود وجازية المسماري ومحمود أبوسلوم وناجي بورقيقة وأيمن القماطي وإدريس موسى. ولم يحدد المجلس الأعلى للدولة موعدا لإحالة أسماء هؤلاء المرشحين إلى مجلس النواب. وبالتوافق مع المجلس الأعلى، عين مجلس النواب في وقت سابق رئيسا جديدا للمحكمة العليا ونائبا عاما للبلاد. وإعادة تسمية شاغلي المناصب السيادية هي أحد مسارات مفاوضات حل الأزمة الليبية التي تجريها منذ فترة أطراف النزاع ممثلة في مجلسي النواب والدولة. وكان مجلس الدولة قد صادق الأسبوع الماضي على الآلية المقترحة بشأن اختيار بعض شاغلي المناصب السيادية. ويشكل توافق مجلسي النواب والدولة على الآلية الخاصة باختيار المناصب السيادية، الخطوة الأهم في هذا المسار، والتي تقرب أكثر موعد إعلان قيادات جديدة لهذه المناصب، التي يشكل بعضها حساسية كبيرة وأهمية خاصة ليس فقط للأطراف المحلية في ليبيا، بل حتى لبعض الأطراف التي لها مصالح اقتصادية ضخمة في البلاد، مثل منصب محافظ المصرف المركزي. وكانت اللبنة الأولى لترسيم هذا الاتفاق بدأت في الاجتماعات التي شهدتها مدينة بوزنيقة المغربية في يناير من العام الماضي، بين وفدي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، التي تم التوصل فيها إلى اتفاق على توزيع المناصب السيادية على أقاليم البلاد الثلاثة، لكن من دون تسمية شاغلي المناصب. وبحسب هذا الاتفاق، مُنح إقليم برقة شرق ليبيا منصبا محافظ ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية، وإقليم طرابلس غربا، حصل على مناصب المفوضية العليا للانتخابات والنائب العام وديوان المحاسبة، أما إقليم فزان في الجنوب فتم منحه منصبي رئيس هيئة مكافحة الفساد ورئيس المحكمة العليا. كما تم الاتفاق في تلك الجلسة على شروط ترشح شاغلي تلك المناصب، وأهمها أن يتمتع بالجنسية الليبية فقط، وألا يكون قد تقلد مناصب سيادية سابقا، على أن يتم فتح عملية الترشح للمناصب لجميع الليبيين قبل أن تفرز الملفات من قبل المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي لاختيار المرشح الأفضل والأكثر إجماعا. وفي أكتوبر الماضي، أعلن رئيسا مجلسي النواب والأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري، في مؤتمر صحافي عقب انتهاء جولة مشاورات جمعتهما في المغرب، عن اتفاقهما على تسمية اثنين من المناصب السيادية واستكمال المشاورات للاتفاق على بقية المناصب والحكومة الموحدة قبل نهاية يناير 2023. وكشفت مصادر في مجلس النواب بعدها عن المناصب السيادية التي جرى الاتفاق عليها في اجتماع المغرب، وهي المفوضية العليا للانتخابات وهيئة مكافحة الفساد. وعلى الرغم من أن الاتفاق النهائي على تسمية شاغلي المناصب السيادية في ليبيا بات أقرب من أي وقت مضى، إلا أن مسألة تقسيمها على أساس جهوي التي تم التوافق عليها، ما زالت تواجه بالرفض من أطراف كثيرة في البلاد، حتى داخل مجلسي النواب والدولة. ويرى عضو مجلس النواب عبدالسلام نصية أن "هذا التقسيم الجغرافي بين أعضاء مجلسي النواب والدولة على آلية اختيار شاغلي المناصب السيادية، مخالف في الأساس للمادة 15 من الاتفاق السياسي التي تحدد المناصب السيادية، ولا تشمل الوكلاء وأعضاء مجلس الإدارة". وصرح نصية بأن "التوزيع الجغرافي للمناصب السيادية ينبغي أن يراعى، بشرط ألا يكون له الأساس والأولية في الاختيار، لأن المناصب السيادية تحكمها شروط وقوانين من بينها الكفاءة والقدرة، بحيث يتم الحفاظ على خصوصية هذه المناصب الحساسة في الدولة وتكون المحاصصة في الحكومة". وتمر ليبيا بأزمة سياسية تتمثل في وجود حكومتين، الأولى مكلفة من مجلس النواب برئاسة باشاغا، والثانية هي حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي من خلال برلمان جديد منتخب، على الرغم من انتهاء ولايته في يونيو الماضي. ولحلّ ذلك ترعى الأمم المتحدة مفاوضات بين مجلسي النواب والدولة للتوافق حول قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات، إلا أن تلك المفاوضات متعثرة بسبب اختلاف المجلسين حول شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، ولاسيما أحقية العسكريين ومزدوجي الجنسية في الترشح، ما أسفر عن جمود سياسي. وفي ظل ذلك التعثر، اقترح رئيس مجلس النواب عقيلة صالح خلال جلسة برلمانية الاثنين إجراء الانتخابات عبر تعديل "الإعلان الدستوري". وهذا الإعلان هو "دستور مؤقت" وضع بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي (1969 - 2011). وتابع عقيلة "تواصلنا مع المجلس الأعلى للدولة وتسلموا منا نسخة من مقترح التعديل، ونتمنى تأييدهم لهذا التعديل لتحقيق مصلحة الوطن وكل الظروف السياسية والاقتصادية للمجتمع".
مشاركة :