باريس - من لندن إلى بروكسل مرورا بباريس، حضّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حلفاء بلاده على منحها طائرات مقاتلة حديثة لصدّ الغزو الروسي، لكن من الصعب تلبية هذا الطلب المعقّد بسرعة. وقال زيلينسكي من قصر الإليزيه الأربعاء “كلما حصلت أوكرانيا على أسلحة ثقيلة بعيدة المدى في وقت أسرع، حصل الطيارون على طائرات في وقت أسرع، واقترب موعد انتهاء هذا العدوان الروسي وأمكن لنا العودة إلى السلام في أوروبا”. وقدم الطلب نفسه قبيل ذلك في بريطانيا، وكرّره أمام البرلمان الأوروبي الخميس. ويظهر الغربيون حتى الآن ترددا في اتخاذ هذه الخطوة الإضافية خوفًا من التصعيد مع موسكو. لكن المحظورات تتساقط واحدا تلو آخر منذ عام، لاسيما بعد أن وافق حلفاء كييف في يناير على إمدادها بدبابات ثقيلة. وتستبعد واشنطن حتى الآن تزويد أوكرانيا بطائرات “أف - 16” من تصنيع شركة لوكهيد مارتن، وهي واحدة من أكثر المقاتلات انتشارا في العالم وتمتلكها العديد من الدول الأوروبية. لكن هولندا لا تستبعد منح كييف بعض طائراتها من هذا الطراز على أن تعوّضها بمقاتلات “أف - 35”. الطائرات المقاتلة الغربية ستتيح ضرب القوات الروسية على مسافات بعيدة وردع قاذفاتها من قصف الأراضي الأوكرانية ويبدو أن شركاء آخرين بصدد تغيير موقفهم، فبعد استبعاد تسليم طائرات يوروفايتر تايفون و”أف - 35″ في يناير، وعد رئيس الحكومة البريطاني ريشي سوناك بتدريب طيارين أوكرانيين “وفقًا لمعايير الناتو”، وطلب من الجيش دراسة إمكانية تسليم طائرات، لكنّه نبّه إلى أن ذلك لا يمكن أن يحصل إلا “على المدى الطويل”. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لنظيره الأوكراني أن “لا شيء مستبعدا”. وفرنسا لديها 13 طائرة ميراج 2000 - سي خرجت من الخدمة قبل بضعة أشهر و”لا تزال لديها بعض الإمكانات”، كما أورد أشخاص من محيط رئيس أركان القوات الجوية الفرنسية أكدوا في الآن نفسه أن إعادتها إلى الحالة الطبيعية ستتطلب وقتا، فضلا عن عدة أشهر سيتطلبها تدريب الطيارين الأوكرانيين المعتادين على قيادة الطائرات سوفياتية الصنع من طرازي ميغ وسوخوي. وفي ما يخص الطائرات المقاتلة الحديثة، تمتد مدة التدريب النموذجية لستة أشهر للطيار المتمرس، وهي فترة يمكن اختصارها إلى ثلاثة أشهر لكن ليس أقل. ووفق خبراء، ستتيح الطائرات المقاتلة الغربية ضرب القوات الروسية على مسافات بعيدة، وردع قاذفاتها من قصف الأراضي الأوكرانية. لكن الطائرات وحدها لن تكون حلا سحريا، فضلا عن أن بعض نماذجها ليست مناسبة للمسرح الأوكراني. ويقول الخبير العسكري في مركز الأبحاث البريطاني “رويال يونايتد سرفيسز أنستيتوت” جاستن برونك إن “طائرات تايفون و’أف - 16′ ليست مناسبة للقواعد الجوية البدائية التي يستخدمها الأوكرانيون لتجنب الضربات الصاروخية الروسية”. وأضاف على تويتر أن منح طائرات تايفون لكييف سيكون “شبه رمزي ولن يخدم مصالح القوات الجوية الأوكرانية”. وتابع الخبير “لكن قد يستحق الأمر العناء إذا سمحت السويد سياسيًا بتزويد طائرات غريبن أو إذا وفرت دول أخرى طائرات ‘أف - 18’، فهذان الطائرتان قادرتان على الانطلاق من قواعد ترابية، ومتطلباتهما اللوجستية قليلة”. ومن جانبها، تلوح موسكو بالرد في محاولة لثني الغرب عن منح أوكرانيا طائرات حربية. وحذّرت السفارة الروسية في بريطانيا من أن شحنات الطائرات لن تمر بدون رد، منبّهة من “الحصاد الدامي لجولة التصعيد المقبلة وما يترتب على ذلك من تداعيات عسكرية وسياسية على القارة الأوروبية والعالم بأسره”. زيلينسكي يواصل طلب السلاح من حلفائه زيلينسكي يواصل طلب السلاح من حلفائه ويقول محللون إنه إذا لم تزوّد الولايات المتحدة أوكرانيا بمقاتلات “أف - 16” فستكون عرضة للنزيف حتى الموت، لأن سكانها لا يتعدون 43 مليون نسمة، هرب الملايين منهم غربا مقابل عدد سكان روسيا الـ146 مليونا. وأوضحوا أن تزويد أوكرانيا بالطائرات يشكل تحديات عملية كبيرة، لكن هذا ليس سببا لرفض مناشدة كييف لتزويدها بالأسلحة التي من المحتمل أن تغير قواعد اللعبة. وأضافوا أنه لا ينبغي حرمان كييف من طائرات “أف – 16” لمجرد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يعتبر مثل هذه الخطوة تصعيدية، فقد أظهر بالفعل أنه قادر تماما على تصعيد حربه بغض النظر عن أي شيء قد يفعله الغرب، كما أثبتت تهديداته النووية الجامحة حتى الآن أنها خدعة ويجب على الولايات المتحدة وحلفائها أن يظلوا واثقين من قدرتهم على الردع. وأفادت مجلة “بوليتيكو” الأميركية بأن الغرب لا يرفض إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا بشكل نهائي، ولكنه يريد التركيز أولاً على حصول كييف على الأسلحة المناسبة لصد الهجمات الروسية. وقالت المجلة في تقرير إن هذا الشعور بات سائداً في أعقاب الرفض الصريح من قبل الرئيس الأميركي جو بايدن، والذي تردد صداه بدرجات متفاوتة من قبل القادة في ألمانيا وبريطانيا بشأن مسألة ما إذا كان سيتم إرسال المقاتلات التي تطلبها كييف. وفي حين أن المسؤولين ظلوا صريحين بعدم وجود احتمالية للإرسال الوشيك للمقاتلات، فإن المناقشات التي تتم وراء الكواليس تشير إلى أن إرسالها قد يكون في الواقع “مسألة وقت”. وأقر مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بأن أوكرانيا ستحتاج إلى تحديث سلاحها الجوي القديم بمقاتلات جديدة في نهاية المطاف، ولكن في الوقت الحالي، يركز المسؤولون على إرسال الأسلحة التي تحتاجها كييف في ساحة القتال.
مشاركة :