يمكن ان يدافع البعض عن استحقاق الاتحاد الخليجي من منطلقات ومبررات عديدة يسهل البرهنة عليها على أرض الواقع، حتى لتكاد حتمية الحدوث، وعدم حدوثها يشكل منعطفا سلبيا في مسيرة التعاون - التي يفترض أنها تعدت مرحلة المراهقة إلى الرشد، وتحمل المسؤوليات الجسام - وهو محق في كل ذلك. لقد كتبنا عن أهمية الاتحاد في وقت سابق. تحت عنوان: "اتحاد" أفضل من ينطق بها سيدي خادم الحرمين الشريفين، نشرتها صحيفة كل الوطن الإلكترونية مشكورة بتاريخ 24/12/2011م، لطفا افتحوا الرابط التالي: http://www.kolalwatn.net/reports/18481.html ولكن بالمقابل يمكن أن يوجد من هو ضد الإتحاد الخليجي ويورد أيضا مبرراته الكثيرة، التي اقنع بها نفسه ثم اقنع بها الآخرين، ممن يفكرون كما يفكر، وهكذا مع عدم الإنتقاص من أصحاب الرأيين. ولأننا مسلمين والحمد لله لماذا لا نهرع إلى كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حيث آيات عظام تتحدث عن الوحدة والتوحد وتنهى عن التشرذم والتفرق.. فهو أمر منصوص عليه في كتاب الله الكريم في عدة مناسبات وأسباب نزول ومواقع ومواقف مختلفة كلها تصب في الاعتصام والتوحد والاتحاد، يعرفها الجميع، ولكن لابأس من المرور على بعض منها مثل: حيث حث المولى عز وجل على الاعتصام: فقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) آل عمران. (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) النساء. (فَأَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) النساء. (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج. وهذه إشادة بالتعاون: قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا ءَامِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) المائدة. وبعد التعاون هذه آيات في موازين الأخوة وأهميته البالغة، فهذه آيات كريمات: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) الحشر. (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) المائدة. (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) المائدة. وكذلك الرسل فنرى أن الله جل وعلا ينسب كل نبي إلى جماعته فيصفه بأخويته لهم، مع اختلاف الدين والملة وكل شيء ألا يدل هذا على عظم الأخوة مثل: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) الأعراف. (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (50) الأعراف. (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) الأحقاف، وأخا عاد هو نبيهم هود. (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) الأعراف. (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) الأعراف. (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) هود. ثم الدعاء للأخ وكأنه هو تماما: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) الأعراف. حتى الوحي مشترك بينه نبي الله موسى وأخيه: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) يونس. وحتى حدوث إشكالات محتملة بين الأخوة من تحاسد وتباغض وعداوات بين الأخوة وارد فهاهي قصة يوسف بما فيها من مواعظ تفي بالغرض: (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) يوسف. (لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ ءَايَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) يوسف. (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(8) يوسف. (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65) يوسف. (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ ءَاوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(69) يوسف. علاقة الرحمة بالأخوة: (وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53) مريم. أهمية المعاضدة في الأخوة، فلماذا لم يرسله لوحده مثلا: ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) المؤمنون. وزارة دينية ودنيوية في آن معا مع أخوة، تعني سياسة ودين: (وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (35) الفرقان. عندما يتحمل الأخوين امتحانا واحدا وتحديا صعبا لمواجهة قوى الشر كفرعون مثلا: (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) الشعراء. التحذير الشديد من غيبة الأخ وتشبيهه بكمن يأكل لحمه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) الحجرات. هذا شذر من مذر فقط من كلام المولى عز وجل وهو أصدق القائلين، فهل بقي بعد ذلك من دليل على أهمية الاعتصام الذي هو سنام التعاون والتعاضد والمحبة والتحابب والتآخي المحض بعيدا عن كل غرض وغاية، والحث عليها، لدرجة اختلطت فيها كل المصالح الدينية والدنيوية، كما بينت الآيات الكريمات. فما بالنا لو عرجنا على أمثولات حاضرة أمامنا مما يغني عن أي جدل أو شك في أهمية هذا المدعو (اتحاد) وسط اتحادات عالمية لا حصر لها، بين دول قوية وليست ضعيفة وربما لا تحتاجه، لأهميتها النوعية وحتى لكون البعض منها يمتلك حق الفيتو، أمثال دول أوروبا الغربية، والتي توشك أن تضم إليها دول أوروبا الشرقية التي كانت تحت جناح الإتحاد السوفيتي الذي انهار، بسبب عجزه عن استيعاب دوله والمحافظة على توحده. ومع ذلك اتحدت والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا اتحدت؟ ثم هاهو الموحد الأكبر الملك عبد العزيز بن سعود، طيب الله ثراه، وإنجازاته على الأرض والماثلة إلى العيان نافست جميع وجملة التوحدات والوحدات والإتحادات والتعاونات الهزيلة مع الأسف في كل البلاد العربية. والآن إلى شيئ آخر حيث نقترب من بيت القصيد وهو احجام عُمان عن التقدم ولو بخطوة واحدة نحو الإتحاد الخليجي، بل بذور مساهمة في تدمير ما أنجز، الذي أصبح لاغنى عنه خاصة في هذه الظروف المحيطة، والتي تنم عن أنه لا صديق دائم أو عدو دائما في السياسة الدولية، مقالتنا بهذا الخصوص المنشورة في صحيفة الرأي السعودي، بتاريخ 12/12/2013م لطفا افتح الرابط : http://www.saudiopinion.net/Article.aspx?ID=ccde629b-5af5-44f4-987c-f9a07a0bbbce والآن إلى عُمان الشقيقة، ونبذة عنها، فهي لو بحثنا قليلا عنها لوجدنا أنها لها خصوصية من نوع ما ومع أن هذه الخصوصية لا تبرر تغريدها خارج السرب، إلا أننا سنبرز جانبا منها لإبراء الذمة، فعمان لها جغرافيتها المنعزلة نوعا ما بين دول الخليج، ثم هي الأقرب إلى أول دولة خارج الدول العربية، وهي إيران، التي تشاركها مضيق هرمز الذي يمر منه كل نفط الخليج، والذي يحلو لإيران أن تهدد بإغلاقه كلما غفلت عنها أمريكا. ثم قِدمها تاريخيا نوعا ما، منذ احتلال البرتغاليين لها عام 1507م الذي استمر حتى عام 1624م، ومساعدة إيران والإنجليز للتخلص من هذا الإحتلال، والذي نجم عنه احتلال بريطاني، وتشابكات تاريخية مع إيران، وقبله بكثير سيطرت الإمبراطورية الأخمينية الفارسية على المنطقة بقيادة كورش الكبير في القرن السادس ق.م. وهناك ثلاثة مواقع عمانية مسجلة في التراث العالمي، ثم قربها من حتى دول غير إسلامية نوعا ما وهي الهند، وانزوائها في أقصى الشرق الخليجي، ثم البعد الطائفي والمذهبي، وهو الأباضية، المذهب الأقرب إلى المذهب الديني السياسي الحاكم في طهران. ثم من الناحية السياسية، فالعرب لا ينسون أنها خرجت عن "الإجماع العربي" لمقاطعة مصر كامب ديفد في وقتها، وهي التي لم تتخوف من تصدير الثورة الإيرانية وحرب الخليج، وتدخل إيران فيما يجري في سوريا حاليا، وأشياء أخرى كثيرة، شكلت لدى الخليجيين مفترقات طرق لم تحرك الشقيقة عمان لها ساكنا، وهذا مصدره إما أنها لديها من التحوطات التي لا يعلمها أحد، من تحت الطاولات، أو أن لديها قوة مخفية عن العيان، أو أشياء من هذا القبيل، يصعب تخيلها، وإذا قلنا أنها تعتبر نفسها دولة محايدة، فهذا لم يتضح بالشكل المثالي المفترض، صحيح علاقاتها مع الجميع جيدة، ولكنها لا تخلو من الأحلاف، كما هو واضح مؤخرا. نظن أن عمان تحتاج إلى هزة سياسية قوية لا سمح الله، لا نتمناها لها أبدا، ولكن فقط لأغراض التحليل، مثلما حدث مع الكويت، عندها سوف يحدث مالم يتخيله أحد، سوف تهرع عمان إلى حضن الدول الخليجية من أصغرها إلى أكبرها، وسوف تُطبق كل الآيات الكريمات التي دوناها أعلاه، بكل طيب خاطر، للمحافظة على كينونتها. هناك نقطة تصلح للتدليل على أن مملكتنا الحبيبة لا تريد إلا خيرا بالخليج وأهله، فقد توجس البعض من البحرينيين على وجه الخصوص، في حينه خيفة من جسر الملك فهد، الذي وصفه الدكتور الوزير والسفير الشاعر غازي القصيبي رحمه الله (بالمناسبة درسني في جامعة الملك سعود شخصيا في منتصف السبعينيات من القرن الفائت)، نعم وصفه بقوله: درب من العشق لا درب من الحجر.. هذا الذي طار بالواحات للجزر.. فنعمت به الدولتين البحرين قبل السعودية، وسط إدعاءات من بعض البحرينيين وقتها بأن الجسر هو جسر من الهيمنة والتحكم والاحتلال السعودي للبحرين، سيؤدي حتما إلى تغييرات بنيوية اجتماعية وتدخلات في الأمور السياحية، ولنكن صرحاء في ذلك، وهاهو تعدى مرحلة الشباب لم يحرك حجرا في البحرين من مكانه، بل ساهم في كل التقدم الذي تشهده البحرين ليل نهار بتلك الناقلات التي نخاف عليه منها، تحمل البضائع من كل بقاع العالم. وهاهو درع الجزيرة كم شككوا فيه ورموه بكافة التهم، من احتلال بغيض وغيره، ونتحدى من يزور البحرين أن يرى جنديا واحدا من درع الخليج في أي من شوارعها، بعد ان ساءت أحوال البحرين إثر الاضطرابات الأمنية التي يعتقد أن إيران ضالعة فيها، وتحول بعض من طوائف شعبها من متطلبات شعبية تنفيذية إدارية من سكن ومأكل ومشرب، ولهم كل الحق، إلى محاولة إسقاط النظام، الذي يعتبر متماهي بصدق مع كل الطوائف إذا أردنا أن نقول الحق، ونريح ضمائرنا، حيث يكفي أن يُذعن الملك بنفسه إلى كل ما قاله بسيوني من انتقادات للنظام أمامه شخصيا، ناهيك عن التعديلات التي استحدثت، مما جعل حكومة البحرين أمثولة في إحقاق الحق حتى ولو كان عليها. بقيت نقطة وهي أن الباب لا يزال مفتوحا لعمان كي تعود إلى حضن الخليج العربي، ففي النهاية لن يثور في دمك سوى أخوك، وأخوك ولا غيره. والله الهادي إلى سواء السبيل. علما بأن ذلك لا يمنع من إقامة علاقات طيبة بين إيران وعمان بتاتا، ويكفي تماهي دول مجلس التعاون مع اتفاقات إيران وأمريكا بشأن النووي الذي اقر في مجلس التعاون المنعقد مؤخرا، بشكل ربما كان غير متوقعا، ولكنها الدبلوماسية.. مما يتطلب المزيد من حسن النوايا من الطرف الثاني وهو إيران، وحتى ولو فكرت دول الخليج منفردة أو مجتمعة في عمل مفاعلات نووية من أجل التوازن في المنطقة، في منطقة الربع الخالي الشاسعة مثلا، وذلك على غرار التوازن الإستراتيجي النووي بين الهند وباكستان، ومثلهما الكوريتين، وحتى المعسكرين الكبيرين روسيا وأمريكا، وهو الخيار الأفضل ما دام الحال وصل إلى وصل إليه، ويكون البادئ وهو إيران لا نقول البادئ أظلم، بل نورد المثل العربي الشعبي: (لا يفك الحلج إلا اليدين)، أي أنك ستبادر إلى القبض بكلتا يديك لتفك من يريد خنقك، ولن يفكك أحد منه.. والله نسأل أن يديم علينا وعلى دول الخليج وجميع دول العالم الإسلامي بما فيها إيران الجارة القريبة، الأمن والأمان ونعمة الإسلام، والحرص على تنمية بلاد المسلمين، ففيها من الأشياء التي تحتاج إلى الكثير من الإصلاحات الداخلية المستحقة، ما يغني كثيرا عن التدخلات الخارجية في الدول المجاورة. أخوكم: الدكتور إبراهيم بن عبد الرحمن الجوف Jowfman2002@yahoo.com www.ibrahim-aljowf.com
مشاركة :