كُنَّا في الماضي نسمع عن واحد من الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي والدماغ للأبقار، وهو مرض "جنون البقر"، وكانت "الدنيا تقوم ولا تقعد" بذلك التعبير الشعبيّ البسيط، إلا أن َّ أسعار اللحوم كانت تبقى نوعًا ما "تحت السيطرة"، ولكن ما يحدث في مصر الآن حالة عجيبة تستوجب على الحكومة الوقوف لها وبكل حزم وجَدِّيَّة. هالَنِي ما قراتُ صبيحة اليوم عن ارتفاع أسعار "هياكل الدواجن" ليصل ثمن الكيلو منها إلى 45 جنيهًا مصريًا، اي بسعر دجاجة كاملة تزيد عن "2" كيلو جرامات منذ سنوات قليلة فقط، ما أثار غضب الكثيرين حول ما يعانيه السوق المصري، وما يعانيه المواطن نفسه. بنظام محِلَّات الجِزَارة تعتمد محِلَّات الجِزَارة في بيع سلعتها من اللحوم على فكرة تجزئة الذبيحة، فاللحم له ثمن والدهون لها ثمن والأحشاء لها ثمن، وهذا منطق مقبول في تربية عجل من الحيوانات بمبلغ كبير. لكنَّ أن يصل التعامل في تربية دجاجة كتربية عجل جاموس، هذا بعد إرجاعه إلى الأزمة العالمية، وزيادة أسعار الأعلاف، لا يمكن تفسيره سوى بأنَّ زِمام السيطرة ينفلت شيئًا فشيئًا وأن المواطن لن يشعر برعاية الدولة لأمنه الغذائي في تحقيق أبسط متطلباته من الحصول على غذاء بروتيني معتد من الثروة الداجنة. يتجاوز 2 دولار تتناول الصحافة العالمية الأزمة هذه بعبارة أن سوق المنتجات الغذائية في مصر لا زال يشهد ارتفاعا كبيرا في أسعار الدواجن، ليتجاوز (2 دولار) للمستهلك؛ ليعتبروه ظاهرة تاريخية.  والحقيقة أنَّ ما سبق ليس نوعًا من المبالغة، ولا سلوبًا من أساليب الجذب أو المناورات الصحفية في تسويق أخبارها، إذ أن ما يحدث حاليًا لهو تسجيل بعلامة غائرة في ذاكرة التاريخ، ففي الوقت الذي تتطور فيه الحياة ويسعى البعض لتحقيق حُلمه لا زال هناك مواطنًا يسعى للحصول على نص الكيلو من هياكل الدواجن.   موقف الحكومة وموقف الناس لا جديد.. فالحكومة كل يوم تخرج تقريبًا بذات البيان أنَّ الكيلو من الدواجن بالمزرعة يبلغ كذا، ويُباع للمستهلك بسعر مقداره يتغير كل يوم ولا يثبت، وأن ذلك نتيجة للزيادة الكبيرة في أسعار الأعلاف التي ارتفعت لتسجل ما يزيد عن 20 ألف جنيه مصري  للطن بسبب ارتفاع سعري الدولار والأعلاف، ثم  تضيف أن المربين يحققون الخسائر مع هذا، بسبب ارتفاع مستلزمات الإنتاج. حَتَّى سبق أن اجتمع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع الشركات الموردة والمصنعة للأعلاف، لمناقشة شكاوى أصحاب مزارع الدواجن من الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف، ووجه رسالة خلال الاجتماع أنَّه لن تسمح الدولة بعدم استقرار قطاع الدواجن، وستتدخل بآلياتها لوقف الزيادات، إلَّا أن الموجة لم تنته بعد. أمَّا الناس فما بين لاهٍ في البحث عن حِيلة لتوفير أقل ما يمكن توفيره لأبنائهم من هذه السلعة التي تحل المرتبة الثانية بعد اللحوم داعين الله بالسِتر الجميل، وآخرين يدعون لمقاطعة غير رسمية لهذه السلعة التي لا يبدو على أسعارها هدأة أو انفراجة لأزمتها بعد. وخِتامًا هنا لا يسعنا أن نقول إلا ما يكرره الاقتصاديون وخبراء المجال على مسامعنا  أنَّ هناك حالة من عدم الضبط في الأسعار داخل السوق المصري وبضرورة اللجوء إلى منظومة سريعة تنقذ المواطن وعلى الحكومة أن تتدخل بشكل يوقف أو يحد هذا الارتفاع الرهيب أو نستسلم للأمر الواقع بإنِّ "الفِراخ اتجننت".