القاهرة - فاز فيلم "حرقة" للمخرج التونسي المقيم بالولايات المتحدة لطفي ناثان بجائزة النيل الكبرى لأفضل فيلم في مسابقة "الدياسبورا" لأفلام المخرجين المغتربين بمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية. ويروي الفيلم مصير علي الشاب التونسي الذي يعيش من بيع البنزين المهرب على حافة الطريق، ليطرح تساؤلات حول إرث الثورة التونسية التي شكلت شرارة الربيع العربي، فبعد أكثر من عشر سنوات على قيام محمد البوعزيزي بإحراق نفسه احتجاجا على ظروفه البائسة مطلقا بذلك ثورة 14 يناير/كانون الثاني، هل تبدل الوضع؟ لا تزال الحال على ما هي عليه بحسب الفيلم الذي يفضح الفساد وانعدام الأفق والفقر المتفشي. يقف علي الذي يجسده آدم بسة على شفير الانهيار والجنون، الخيار الوحيد برأيه هو مغادرة تونس والرحيل إلى أوروبا عبر البحر المتوسط المحفوف بالمخاطر وخوض مغامرة الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت على غرار العديد من المهاجرين. وينقل"حرقة" الذي فاز بطله آدم بسة بجائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي بدورته الـ75 في العام ،2022 بكثير من الواقعية مفاصل مجتمع يمنع الأفراد من التحرر ويكبلهم. وأعرب لطفي ناثان آنذاك عن فخره بفوز بطل عمله، حيث كتب عبر صفحته على موقع إنستغرام "فخور جدا بآدم بسة وبكل فريق حرقة ومتحمس جدا للإعلان عن المشروع التالي". وتمكن الفيلم من لفت الانتباه لمغامرة الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت في مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الذي اضطر للإعلان عن جوائزه في مؤتمر صحفي أقيم في قاعة بأحد الفنادق بمدينة الأقصر في جنوب مصر، نظرا لإلغائه لحفل الختام بسبب الظروف الاقتصادية وتضامنا مع ضحايا زلزال سوريا وتركيا. وتعد هذه المرة الثانية التي يضطر فيها المهرجان لإلغاء حفلته بعد أن أجبرته جائحة فايروس كورونا في العام 2020 على ذلك. وقال السيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان "الدورة الثانية عشرة للمهرجان كانت صعبة بسبب انخفاض الميزانية والموارد.. خرجنا بدورة موفقة وعملنا تحت ضغط واستطعنا خلال ستة أيام أن نعرض 55 فيلما وكانت هناك ندوات مهمة ومناقشات". وكان أكد في تصريحات سابقة أن "المهرجانات ليست ترفا أو رفاهية، إنما صناعة مهمة ومكملة لصناعة السينما وتشكيل الوعي، حتى في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة على العالم أجمع". وأضاف "عملنا خلال السنوات السابقة في ظل ظروف صعبة، عملنا أثناء ثورة 25 يناير/كانون الثاني وعملنا أثناء فترة حكم الإخوان المسلمين وعملنا أثناء تفشي جائحة كورونا.. نؤمن بمهمتنا وبأهمية السينما لذلك سنواصل العمل تحت كل الظروف". وفاز بجائزة النيل الكبرى لأفضل فيلم روائي طويل في المهرجان فيلم "شيموني" من كينيا للمخرجة أنجيلا واماي، فيما ذهبت جائزة أفضل معالجة سينمائية لفيلم "المواطن كوامي" من رواندا وحصل فيلم "تأمل النجوم" من موريشيوس على جائزة أفضل إسهام فني بالمسابقة. ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لأفضل فيلم تسجيلي مناصفة إلى "التاكسي، السينما وأنا" من بوركينا فاسو للمخرج سلام زامباليجر و"بعيدا عن النيل" من مصر للمخرج شريف كاتشا. وفي مسابقة الأفلام القصيرة فاز بجائزة النيل الكبرى فيلم "الرقص على العكازات" للمخرج السنغالي يورو نيانج وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم "زفة" من مصر للمخرج أحمد سمير، كما نوهت اللجنة بالفيلم المصري "عزيزتي ورد" للمخرجة مروة الشرقاوي. وقدمت مؤسسة شباب الفنانين المستقلين المنظمة للمهرجان جائزتها لفيلم "زاليه" من السنغال للمخرج موسى سين أبسا، كما منحت لجنة تحكيم الاتحاد الدولي للنقاد "فيبرسي" جائزتها لفيلم "تأمل النجوم" من موريشيوس. وكان المهرجان قد انطلق في الرابع من فبراير/شباط تحت شعار "السينما خلود الزمان" وكرم في الافتتاح عددا من فناني وصناع الفن السابع منهم الممثلة المصرية هالة صدقي والمخرج السنغالي منصور صورا واد. كما أنه احتفاء هذا العام بمئوية ميلاد الممثل الراحل صلاح منصور ومئوية ميلاد المخرج السنغالي الراحل عثمان سمبين، بالإضافة إلى أنه أهدى تحية وفاء لكل من الممثل التونسي الراحل هشام رستم والممثلة الجزائرية الراحلة شافية بوذراع. يُذكر أن مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية قد نجح بتعاقب دوراته منذ أكثر من عشر سنوات في استقطاب السينمائيين الأفارقة الذين يرى الكثيرون أنهم مستقبل السينما لما يخوضونه من تجارب مجددة مختلفة عما هو سائد.
مشاركة :