تونس - تمكن الفيلم التونسي "تحت الشجرة التين" للمخرجة أريج السحيري من الحصول على تنويهين اثنين بمهرجين مختلفين في فترة زمنية متقاربة، حيث حصل في أسبوع واحد على تنويه لجنة التحكيم بالدورة الثالثة عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية، يليه تنويه خاص من قبل لجنة تحكيم الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية في إطار المسابقة الرسمية للدورة العشرين لمهرجان طريفة - طنجة للسينما الأفريقية التي أسدل الستار عليها الأحد. واحتضن المهرجان خلال عقدين من وجوده أهم الإنتاجات السينمائية الأفريقية وإنتاجات الجاليات الأفريقية، ويتعلق الأمر بأعمال مخرجين بارزين تم اختيار أفلامهم في مهرجانات دولية مثل مهرجان كان والبندقية وبرلين، وكذلك في أهم المهرجانات بأفريقيا مثل مهرجان "فيسباكو" بواغادوغو أو مهرجان قرطاج. وأشارت إدارة المهرجان إلى أن هذا التنويه الخاص مُنح للفيلم التونسي "للطرح المتميز الذي قدمه حول الحياة الاجتماعية والعلاقات بين الأجيال، والنساء والرجال، بين الأصالة والحداثة"، وفقا لوكالة تونس أفريقيا للأنباء. وتم عرض الفيلم الروائي الطويل الصادر سنة 2022 خلال حفل افتتاح المهرجان بحضور ثلة من السينمائيين والفاعلين الثقافيين المغاربة والإسبان ومن ضيوف المهرجان من بلدان أفريقيا. وكانت أريج السحيري أعربت في تصريح لوكالة المغرب العربي عن سعادتها بعرض شريطها في افتتاح مهرجان يحتفي بالسينما الأفريقية، موضحة أن المهرجان يشكل بالفعل جسرا فنيا عابرا للبحر الأبيض المتوسط ويربط بين أوروبا وأفريقيا. والفيلم الذي امتد على ساعة ونصف الساعة أخذ المشاهدين إلى عوالم ريف مدينة كسرة التابعة لولاية سليانة وسط تونس، وكان بمثابة مرآة عكست واقع البلاد. وهذا العمل السينمائي هو إنتاج مشترك تونسي، ألماني، فرنسي، قطري، سويسري، وتدور أحداثه بين الأشجار، حيث تتقاسم بعض العاملات في قطاف التين في منطقة ريفية في الشمال الغربي التونسي، أسرارهن وقصص حبهن وخلافاتهن. ويتناول الفيلم واقع الفلاحين الذين يعيشون ظروفا صعبة، وتطرقت خلاله المخرجة للموضوع ببعد إنساني أكثر فكان الفيلم انعكاسا للحظات فرحهم وحزنهم وغضبهم وتعبهم وطموحاتهم وأحلامهم في الوقت ذاته. ولفتت المخرجة التونسية في مقابلة مع وكالة فرانس برس إلى أن "الفيلم مستوحى من أحداث حقيقية حدثتني عنها العاملات في المزارع اللاتي يعملن بجد طوال العام، وأيضا من فتيات المدارس الثانوية اللاتي يأتين في الصيف" خلال العطلة. والسحيري اختارت أن يكون أبطال "تحت الشجرة" أشخاصا واجهوا الكاميرا لأول مرة في حياتهم، شباب ونساء من المنطقة التي دارت فيها أحداث الفيلم حتى تعطيه بعدا أكثر واقعية، عبر إتقانهم للهجة المحلية وقربهم الكبير من تلك البيئة. وحاول الممثلون وهم هواة معتادون على العمل في المجال الزراعي، سرد قصص ومقتطفات من حياتهم القاسية التي تشبه إلى حد ما صلابة جذع الشجرة، ولكنها في الوقت عينه هشة وحساسة كثمرة التين الناضجة. ويتطرق العمل الفني أيضا إلى مفهوم التضامن بين النساء حين يتقاسمن الغداء، وكذلك الرغبة في التحرّر، ويظهر ذلك بوضوح عندما يذهبن في نزهة مع الصبية بجانب النهر أو عندما يتجملن بعد يوم من العمل الشاق، ويلتقطن صورا وينشرنها على مواقع التواصل الاجتماعي. وتقول المخرجة "شبابنا معاصر كما في باقي العالم"، مضيفة أنها تحاول "تفادي الصور النمطية للمرأة الريفية والتي تُسوَّق للخارج على أساس أنها انطوائية وبائسة". وتابعت "الفيلم لم يكن نمطيا أو كلاسيكيا حتى في طريقة كتابته، فقد كنا نضيف مشاهد ونحذف أخرى خلال عملية التصوير". ويعد هذا الفيلم الروائي الطويل الأول في مسيرة أريج السحيري السينمائية، وسبق وأن عرض في مهرجان مراكش الدولي للفيلم، كما نال جائزة "التانيت الفضي" في مهرجان "أيام قرطاج السينمائية" عام 2022، بعد فوزه بجائزة "بايار دور" في مهرجان الفيلم الفرنكوفوني في نامور (بلجيكا) وجائزة لجنة "ايكو برود" في مهرجان كان السينمائي، إلى جانب اختياره ليمثل تونس في جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية 2023.
مشاركة :