أبوظبي (الاتحاد) بلوحة الطفلة تلين أبو ديب، ذات السنوات الخمس، تفتتح «سيمفونية سوريا» وبلوحة الطفل مكسيم أبو ديب ذي السنوات السبع، تختتمها.. وبين اللوحتين يمتد الوجع على مساحة 144 صفحة من القطع المتوسط. إنه الكتاب الجديد للناقد السوري، أستاذ اللغة العربية بجامعة اكسفورد، كمال أبو ديب، الذي حفر صخر العتمة ولم يدب اليأس في قلبه فحرك البرك الآسنة حين اشتغل على غرس ثقافة السؤال في عقول طلابه في الكثير من الجامعات العربية في اليمن والأردن، واستطاع أن ينجح في خلق حالات قادرة على التأثير في المشهد الثقافي العربي، وها هو الآن يعود ليكتب بحرف من الدم سيمفونية سوريا بعد صمت دام ثلاث سنوات من القهر وبعد مقالته الشهيرة «قليلاً من العقل»، ولم يستطع رغم كل هذا النزف إلا أن يثق بسوريا التي أحب ويرى في عينيها الأمل. على ثنية الغلاف الأولى، الصادر عن دار فضاءات الأردنية، كتب الشاعر والروائي جهاد أبو حشيش عن أستاذه الناقد كمال أبو ديب: «حين التقيته كنت قابلاً لإلغاء كل ما عداي، لا أسمع إلا صوتي، حالي حال جيل كامل متلهف للمعرفة، فكان المعلم والصديق والأب الروحي، الذي استطاع بصبر أن يملِّكنا السؤال والقوة لندافع عن حق من نختلف معهم. وها هو الآنَ متفرداً يحفر النص «سيمفونية سوريا» ليزرعه شاهدة قبر فوق أضرحة تجار الدم الذين باعوا سوريا وتناهشوها. نصٌ يخلعك منك لشدة حقيقيته وانحفاره في عظم الحرف حدّ التمزق، ترتجف، تبكي، وأنت تنظر إليك تتوزعك الأيدي ولا صوت لك، إنه نص الواحد المتعدد، المقتول بالعشق وفي العشق، الواقف على نصل الخيبة، وكأنه الشاهد الوحيد على مذبحة الخاسر الحقيقي فيها سوريا التاريخ، الحياة، المستقبل، سوريا التي تخون الرائي إذ تخون نفسها:وها أنت تخونين نفسك/ وتخونينني/ أنا الرائي/ صوتك الضائع في البرّيّة/ كل برهة وكل ساعة وكل يوم. في كتابه الجديد يكتب صاحب «معلقة الأضداد» و«عذابات المتنبي» بيتاً جديداً في «معلقة سوريا» ويوقِّع لحناً إضافياً لعذاباتها.
مشاركة :