صحيفة فرنسية: الجزائر الجديدة تنزلق أكثر للديكتاتورية

  • 2/12/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

باريس - نشرت صحيفة 'لوموند' الفرنسية تقريرين سلطت فيهما الضوء على ما آلت إليه الأوضاع في الجزائر بعد نحو أربع سنوات من انطلاق حراك شعبي هزّ في بدايته النواة الصلبة للنظام قبل أن يعيد الأخير إحكام قبضته السلطوية مستفيدا بداية من الأزمة الصحية وتدابير مواجهة فيروس كورونا ثم من الغزو الروسي لأوكرانيا الذي مكنه (النظام) من إيرادات ضخمة بعد ارتفاع أسعار النفط والغاز مما مكن السلطة من شراء السلم الاجتماعي واتجاه الاهتمام الدولي لأزمة شح إمدادات الطاقة، بينما قلل من اهتمامه بحقوق الإنسان في الجزائر التي بات ينظر لها كمصدر بديل للغاز من روسيا. ورأت الصحيفة الفرنسية أن الجزائر دخلت عهدا جديدا وانتقلت من الحراك إلى الدكتاتورية، مشيرة إلى تراجع الحريات مقابل حملة أمنية مكثفة من خلال ملاحقة النشطاء السياسيين ونشطاء الحراك. وأشارت إلى أن المناخ السياسي في الجزائر الجديدة التي وعد بها الرئيس عبدالمجيد تبون الشعب، أصبح قاتما، مضيفة في تقرير بعنوان "من الحراك إلى القمع، الجزائر تنتقل إلى مرحلة جديدة"، أنه في ظل مناخ القمع، اختار المعارضون النزوح الجماعي والهروب على نطاق واسع من بلادهم. واعتبرت أن الجزائر انزلقت إلى حالة من الاستبداد الكامل، موضحة أن الاعتقال ينتظر أولائك الذين دعموا الحراك السلمي خاصة منهم من واصلوا النضال بعد فقدان الزخم في الحراك الشعبي الذي بدأ في ربيع العام 2020 بسبب القيود التي فرضتها السلطات مع تفشي فيروس كورونا. وبحسب تقرير 'لو موند' فإن الكثير من المعارضين اختاروا الذهاب إلى المنفى إما فرنسا أو وجهات أخرى في أوروبا أو حتى في كندا، مستشهدة بحالة الناشطة والإعلامية أميرة بوراوي التي أثار تمكنها من الخروج من تونس بعد اعتقالها، إلى فرنسا في واقعة أثارت غضب الجزائر إلى درجة لمحت فيها إلى إمكانية العودة للقطيعة مع باريس. وقالت الصحيفة الفرنسية إن بوراوي واجهت معادلة بسيطة: إما السجن أو المنفى، مضيفة "لقد مر البعض عبر تونس وهي مرحلة حساسة وخطيرة منذ أن عززت الجزائر نفوذها على نظام قيس سعيد"، مشيرة إلى أن "أميرة بوراوي تدين بخلاصها فقط لحيازتها جواز سفر فرنسي". كما عرضت إلى قضية الناشط سليمان بوفحص الذي يعتنق الديانة المسيحية واختطفه مجهولون في أغسطس/اب 2021 في قلب العاصمة التونسية وأعاده قسرا إلى الجزائر. وبوحفص الذي يؤيد حراك تقرير مصير منطقة القبائل بقيادة الحركة الانفصالية المعروفة اختصارا باسم 'الماك'، لم يحظ بفرصة كتلك التي حظيت بها أميرة بوراوي، بحسب 'لوموند'. الصحيفة الفرنسية قالت أيضا إن هذا النزوح الجماعي قد يخدم النظام الجزائري الذي يريد التخلص من النشطاء المعارضين، إلا أن السلطة تحاول وقف موجة الفرار خشية أن يفضح هؤلاء المغادرين على نطاق واسع معلومات عن القمع الذي يواجهه المعارضون في الداخل. وأشار التقرير إلى أن هذا يفسر إلى حد كبير صدور المئات من القرارات القضائية بمنع السفر بحق المؤيدين للحراك الشعبي، موضحة أيضا أن من بين السجناء نحو 300 من معتقلي الرأي، بينما تواصل السلطات الجزائرية تفكيك الهيئات الرمزية التي تمثل المجتمع المدني. كما عرضت 'لوموند' إلى الحملة التي تتعرضت لها وسائل إعلام جزائرية مع غلق عدد منها من بينها 'انترفاس ميديا' التي تضم اذاعة 'راديو ام' و'مغرب ايمرجنت' وذلك في نهاية العام الماضي، بينما يوجد الصحفي المؤسس للمجموعة إحسان القاضي حاليا خلف القضبان. ويقول الأخير إن "الصحافة الجزائرية ليست سوى ظل لنفسها". واختتمت بالقول إن الجزائر الجديدة التي دعا لها رئيسها عبدالمجيد تبون المنتخب في ديسمبر/كانون الأول 2019 "تراجعت بشكل كبير في مجال الحريات والحقوق"، مشيرة إلى أن النظام استعاد السيطرة بمساعدة تدابير كوفيد 19 في 2020، مبددا بذلك كل الآمال التي كانت قائمة مع تشديد السلطة الحاكمة الخناق على الحراك الشعبي. لكن الصحيفة الفرنسية أوضحت أن الوضع الدولي المزدوج (اجراءات كوفيد في 2020 وتراجع الاهتمام الدولي بحقوق الانسان في الجزائر بسبب النظر إليها كمصدر بديل للغاز الروسي) لن يكون كافيا لوحده لإنقاذ نظام تبون الذي يستخدم وصفة قديمة باعتماده على اتهام معارضيه بالإرهاب وإشاعة مناخ من الخوف حتى لدى عائلات المعتقلين. الجزائر "دخلت مرحلة ديكتاتورية" وفي تقرير آخر قالت إن الباحث مولود بومغر أستاذ القانون العام بجامعة بيكاردي جول فيرن، يعتقد أن النظام الجزائري تغير في طبيعته خوفا من أن يعرض الشارع بقاءه للخطر. وقال إن نظام الجزائري "أكثر سلطوية من ذي قبل لقد كان سلطويا، لكن مع فسحة للحريات. لقد دخلنا اليوم مرحلة ديكتاتورية لعدة أسباب: التشكيك في التعددية والاستغلال السياسي لاتهام الإرهاب على نطاق واسع للغاية والسياق السياسي الذي يتسم بالعسكرة المفترضة والشوفينية المحافظة". وأوضح أنه بالنسبة للتعددية "التي كانت شكلية ولكن كان لها نوع من الإرساء في الحياة السياسية، بالكاد يتم التسامح معها. هناك تحد تدريجي لهذه التعددية من خلال إجراءات الحل التي بدأت ضد العديد من الأحزاب والجمعيات السياسية". وأشار كذلك إلى أن السلطة تمارس ضغوطا شديدة على وسائل الإعلام المستقلة، "فبالنسبة للنظام، يجب أن تخضع وسائل الإعلام الحرة هذه أو تختفي. هذا هو العنصر الأول". وأوضح أن "العلامة الثانية لهذا التغيير في طبيعة النظام هي مراجعة تشريعات الإرهاب. هذا التنقيح يثري ترسانة تشريعية قمعية مستخدمة بالفعل على نطاق واسع في سياق القمع المستمر مع عدة مئات من سجناء الرأي وعدد كبير من المحاكمات الجنائية وغيرها من أشكال الحظر على مغادرة الإقليم بدافع سياسي بحت". وأوضح أنه في يونيو/حزيران 2021 تم بأمر رئاسي مراجعة المادة 87 مكرر من قانون العقوبات التي تحدد جريمة الإرهاب ويشمل عنصرين جديدين: "الأول هو العمل أو الحث بأي وسيلة للوصول إلى السلطة أو تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية" وهذا لا يعني وسائل غير دستورية أو غير ديمقراطية، لكن يعني ببساطة الوسائل التي لا ينص عليها الدستور. إذا دعوت إلى انتخاب جمعية تأسيسية، فهذا غير منصوص عليه في الدستور على سبيل المثال. إنه نداء غير دستوري: يمكنني أن أقع تحت تهمة الإرهاب!"

مشاركة :