مقالة خاصة: تخفيف الولايات المتحدة للعقوبات على سوريا المنكوبة بالزلزال دليل على عدم اهتمامها بالاحتياجات الإنسانية

  • 2/14/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعد الخسارة المأساوية لما لا يقل عن 3500 شخص في سوريا المنكوبة بالزلزال، أعلنت الولايات المتحدة، رضوخًا للضغوط الدولية، تخفيفًا مؤقتًا للعقوبات المفروضة على البلد الذي مزقته الحرب. وجاء ذلك بعد أربعة أيام من الزلازل القوية التي ضربت البلد يوم الاثنين، لتغيب خلال الـ72 ساعة الذهبية للإنقاذ. وجدير بالذكر أن العقوبات المفروضة على البلاد خلقت أزمة إنسانية فادحة للشعب السوري. إن تخفيف العقوبات يوضح أن المزاعم السابقة لواشنطن المتمثلة في أن عقوباتها لا تستهدف المساعدات للدولة المتضررة من الزلزال ليست سوى كذب تام، وهو ما يكشف بوضوح عدم اهتمام الولايات المتحدة بالوضع الإنساني في سوريا. -- أزمة إنسانية ملحة حتى مساء يوم الأحد بالتوقيت المحلي، لقى 3500 شخص على الأقل مصرعهم في كل من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والمعارضة، وفقا لما قالته الحكومة السورية ووكالات الإغاثة. وقد ضرب الزلزال حلب واللاذقية وطرطوس وحماة في شمال سوريا ومحافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة. انتقد العديد من السوريين الحصار الأمريكي الوحشي الذي يحيط ببلدهم من كل اتجاه، والذي عرقل بشدة أعمال الإنقاذ، وأدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا. وأصدرت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الخميس "الرخصة العامة لسوريا رقم 23"، والتي وفقًا لإعلانها، "تسمح لمدة 180 يوما بكل المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلازل التي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات السورية." وفي هذا السياق، قالت ثريا السعيدي، نازحة سورية تعيش في مخيم سرادة في جنوب لبنان، وقد فقدت أيضا أربعة من أقاربها في حلب، إن القرار الأمريكي جاء بعد فوات الأوان. وأشار وزير الصحة السوري حسن الغباش إلى أن معاناة القطاع الطبي السوري ليست نتيجة للزلازل الهائلة التي ضربت البلاد يوم الثنين فقط، بل نتيجة للعقوبات الغربية المفروضة على سوريا لفترة 12 عاما. ومن جانبه، قال محمد حجازي، رئيس مجلس محافظة حلب "بسبب نقص الأدوات، اضطر بعض المنقذين إلى حفر الأنقاض بأيديهم بحثا عن الناجين خلال تساقط الثلوج والأمطار". -- الضغط الدولي لم تُخفف الولايات المتحدة العقوبات إلا بعدما وجهت إليها دعوات متكررة من قبل المنظمات الدولية والعديد من الدول. وفي يوم الخميس، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قائلا "إن الأزمة الإنسانية في شمال غرب سوريا تتفاقم بالفعل، مع وصول الاحتياجات إلى أعلى مستوياتها منذ بدء الصراع". وشدد على أنه "في هذه لحظة، ينبغي على الجميع التأكد بوضوح من ألا تتدخل أي نوع من العقوبات في إغاثة الشعب السوري في الوقت الحاضر". ومن جهته، أكد المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسون على أنه "ينبغي عدم تسييس الاستجابة الطارئة". ويذكر أن أول قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة عبرت يوم الخميس من تركيا إلى محافظة إدلب في شمال غرب سوريا. وطالبت وزارة الخارجية الصينية يوم الأربعاء برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا على الفور، حيث تواجه الدولة المنكوبة بالزلزال أزمة إنسانية فادحة. وفي ضوء ذلك، قالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية "حتى اليوم، ما زالت القوات الأمريكية تحتل حقول النفط الرئيسية في سوريا، وتنهب أكثر من 80 بالمائة من إنتاج النفط في البلاد، وتهرب وتحرق مخزون الحبوب في سوريا، ما تسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية هناك". وفي يوم الخميس، شجب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، قائلا إنها تسببت في تفاقم وضع المتضررين من الزلزال في الدولة العربية. وقال واصل أبو يوسف، عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن الكارثة الإنسانية في سوريا تتطلب إنهاء "العقاب الجماعي، ولاسيما قانون قيصر المفروض من قبل الولايات المتحدة،" مضيفا أنه "ليس هناك مبرر لاستمرار" العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا. وإن قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019، والمعروف أيضًا باسم قانون قيصر، هو جزء من تشريع أمريكي لمعاقبة الرئيس السوري وحكومته لما زعمته واشنطن بـ "جرائم حرب ضد الشعب السوري". وقد تم التوقيع عليه ليصبح قانونا من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في أواخر 2019، ودخل حيز التنفيذ في منتصف 2020. -- أكاذيب مع عدم مبالاة قال خبراء إن إعلان الولايات المتحدة المتعلق بتخفيف العقوبات "لدعم جهود الإغاثة من الزلزال" يُثبت الأكاذيب السابقة للبلاد والتي أشارت من خلالها إلى أن عقوباتها لا تستهدف المساعدات الإنسانية للدولة المتضررة من الزلزال. وقال محمد العمري، خبير سياسي سوري، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "إعلان وزارة الخزانة الأمريكية هو اعتراف" بأن واشنطن كذبت عندما زعمت بأن عقوباتها لا تؤثر على المساعدات الإنسانية. وكرر كمال الجفة، خبير سياسي سوري آخر، مشيرا إلى أنه إذا كانت المزاعم الأمريكية السابقة صحيحة، فلن تُقرر تخفيف العقوبات لمدة 6 أشهر. وأضاف قائلا "إن هذا القرار يشير إلى أن واشنطن تعلم أن العقوبات المفروضة على الشعب السوري كانت غير عادلة، وأدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية خلال السنوات القليلة الماضية". كما قال بعض الخبراء إن الخطوة الأخيرة التي اتخذتها واشنطن ليست كافية لتخفيف معاناة الشعب السوري. وقال عادل سمارة، خبير سياسي فلسطيني في المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والدراسات الاستراتيجية الذي يتخذ رام الله مقرا له، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الخطوة الأمريكية ليست سوى عرض لوسائل الإعلام، مع القليل من التغيير على أرض الواقع. وقال صائب الرواشدة، محلل سياسي في المؤسسة الصحفية الأردنية، إن السماح بتخفيف العقوبات لمدة 180 يوما يظهر "عدم الاهتمام بالرفاهية الفعلية للشعب السوري". وتابع قائلا "إن الشعب السوري يستحق الوصول إلى الموارد والدعم الذي يحتاجه للتعافي وإعادة بناء حياته ومجتمعاته، بغض النظر إلى الاعتبارات السياسية". كما لفت أحمد ماهر أبو جبل، باحث مصري في العلاقات الدولية والشؤون السياسية، إلى أن إعلان وزارة الخزانة الأمريكية يأتي بعد فوات الأوان نظرا لارتفاع عدد الضحايا. وأردف "إن 6 أشهر ليست بأي حال من الأحوال وقتا كافيا لإعادة إعمار المناطق التي ضربها الزلزال".■

مشاركة :