يحيي لبنان اليوم ذكرى استشهاد رفيق الحريري الـ 18. المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أصدرت حكمها النهائي في 2022 وهو أن ثلاثة أعضاء في حزب الله سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي هم المتهمين بتنفيذ الجريمة. المجرمين الثلاثة فارين وامين عام حزب الله حسن نصر الله رفض الحكم ولم يعترف بالمحكمة الدولية. اليوم بعد 18 سنة من هذه الجريمة العودة الى تذكير ما جرى قبيل اغتيال الحريري ضروري لإظهار كيف قوى التخريب التي كانت ولا تزال تسيطر في لبنان وفي سورية شاركت باغتيال ساهم بخراب لبنان والمرجح خراب سورية. في الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الشهيد الحريري الى دمشق باستدعاء من الرئيس بشار الأسد في 2004 هدده الأخير "اذا لم يصوت للتجديد للرئيس اميل لحود بدمار لبنان على راسه وعلى رأس جاك شيراك ". كان الحريري يعد للمشاركة في انتخابات تشريعية مع كتلة من مرشحين الى جانبه تطمح الى التخلص عبر الشرعية الانتخابية بالاستقلالية من الهيمنة السورية وكان رافضا للتجديد لاميل لحود وكيل عائلة الأسد آنذاك وحليف حزب الله. عاد الحريري من دمشق وزار حلفائه السياسيين واخبرهم والغصة في صوته الحزين كيف تم تهديده من الأسد وطالب بالتصويت للتمديد للحود . وحده وليد جنبلاط رئيس الحزب الاشتراكي وكتلته لم يصوتوا للتمديد للحود. فبعد هذا التجديد للحود تم اغتيال الحريري اثر قرار مجلس الامن 1559 الذي تمكن الرئيس الراحل جاك شيراك من الحصول على تصويته في مجلس الامن والذي كان يطالب بخروج الجيش السوري من لبنان وحل الميليشيات المسلحة أي حزب الله. فالقوى التخريبية الاسدية وحزب الله شاركت في الجريمة الأولى بإعطاء الأوامر والأخرى بالتنفيذ. ومنذ ذلك اليوم المشؤوم ولبنان ينزلق في مأساة سياسية اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة. اما سورية فتم أيضا خرابها من نظام قاتل شعبه وهجره والآن يصعب وصول المساعدات الى شعبه المنكوب بزلزال مروع. المحكمة الدولية حسب مستشار دبلوماسي فرنسي سابق للرئيس شيراك موريس غوردومونتاني خضعت لضغط بعض الدول لعدم الوصول الى اتهام نظام بشار الأسد لان هذه الدول كانت تريد الاستمرار في التعامل مع نظامه. فاكتفت باتهام أعضاء حزب الله لأنه كان الحل الاسهل ولكن كل الدلائل تشير الى شراكة الاثنين في جريمة الاغتيال. فمنذ 2005 وكل الجرائم التي حدثت في لبنان بعد الحريري ورفاقه من صحافيين جبران غسان تويني وسمير قصير وسياسيين واللائحة طويلة كانوا مناهضين للهيمنة السورية. بعد سلسلة الجرائم لشهداء لبنان توسعت هيمنة حزب الله في لبنان مع غطاء بعض القوى المسيحية التي ارادت الوصول الى السلطة والرئاسة عبر الركن القوي حزب الله الذي استطاع بالقتل والتهديد والسلاح الغير الشرعي ان يصبح القوى النافذة فيه. واليوم ولبنان يعيش انهيار على جميع الأصعدة مع مصارف مغلقة وليرة لبنانية وصلت الى مستويات خيالية اذ قارب الدولار 47000 ليرة والرواتب انهارت والدولة معطلة والدول الخمسة فرنسا والولايات المتحدة والسعودية وقطر ومصر تحاول الضغط لتوعية القوى السياسية النافذة لانتخاب رئيس ومنع الانهيار المؤسساتي الكامل الامل يتضاءل وأن مازال ممكنا. فصراع حزب الله وحليفه صهر الرئيس السابق جبران باسيل يعطل الوصول الى انتخاب رئيس . ان انتخاب رئيس وتشكيل حكومة أساسيين لمحاولة اخراج البلد من هذه الازمة العميقة. صحيح ان الفساد منتشر ولكن لبنان ليس وحده البلد في الشرق الأوسط حيث الفساد متفشي. انما الانهيار فيه على جميع الأصعدة ويساهم في زيادة الفساد. الحل في لبنان ان تشكل حكومة تقوم بالإصلاحات المطلوبة مع رئيس يتمكن من العمل معها بشفافية وشراكة دون تعطيل كي يخرج البلد من هذا الانهيار الذي يستمر منذ 18 سنة. فالأسد الذي أراد هدم لبنان على راس الحريري والرئيس شيراك تمكن من هدم بلده على رأس شعبه الحزين وشريكه حزب الله اغرق بلده بأوامر الخارج وعزله عن أصدقائه العرب. واليوم يفتقد لبنان الى زعيم طائفة سنية في لبنان تيتمت مع اغتيال عملاقها وابعاد ابنه سعد عن السياسة. فالمطلوب مثلما دم الحريري حرر لبنان من الجيش السوري ان يساهم في توعية اللبنانيين من جميع الطوائف الى الخروج من مأزق قاتل.
مشاركة :