بغداد – تبقى نسب ارتفاع عدد سكان العراق مجرد أرقام إحصائيات تراكمية، من دون تعداد سكان ميداني، حيث عجزت أغلب الحكومات المتعاقبة عن القيام بهذا الإجراء منذ ربع قرن، بسبب الأوضاع الأمنية والصراعات السياسية. وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الأربعاء ضرورة إجراء التعداد السكاني التنموي خلال هذا العام، موجها بإكمال الاستعدادات كافة من أجل ذلك. وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء في بيان أن "الأخير ترأس اجتماعا للمجلس الأعلى للسكّان، تم خلاله إقرار الوثيقة الوطنية للسياسات السكّانية المحدّثة، المقدّمة من المجلس الوزاري للتنمية البشرية". وشدد السوداني على ضرورة بذل أقصى الجهود من أجل إجراء التعداد السكاني التنموي خلال هذا العام، موجها بـتهيئة كل الإمكانات والمتطلبات البشرية والفنية والمالية واللوجستية المطلوبة لإنجاز هذا التعداد. وأشار إلى أن الحكومة تعوّل على أهمية إجراء التعداد في تنفيذ السياسات الحكومية وتحقيق أهداف البرنامج الحكومي، فضلا عن أهميته في إعداد الخطط المستقبلية التي تساعد في تنمية المجتمع ونهضته. وشهد الاجتماع مناقشة الإجراءات التي اتخذها الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط، ومتطلبات تنفيذ التعداد العام للسكان، والأدوار المتوقّعة من الوزارات الأخرى ذات العلاقة. واطلع المجلس على قرارات الجلسة الرابعة للمجلس العربي للسكّان والتنمية، وجرى التأكيد على أن يكون التعداد ضمن التوصيات الدولية ومبادئ الأمم المتحدة العشرة، وكذلك الاسترشاد بالإستراتيجية العربية للتخطيط السكّاني. وتعوّل السلطات العراقية على التعداد السكاني، الذي سيشمل بيانات مختلفة أيضا، اقتصادية ومعيشية وتعليمية، في رسم خطط طويلة وقصيرة المدى، ولاسيما في ما يتعلق بتطوير البنى التحتية. وتعتمد البلاد على أرقام تخمينية في تقدير عدد السكان سنويا، وانتهى العام الماضي بتقديرات عند 41 مليونا إجمالي سكان العراق. ولم يقم العراق بإجراء تعداد سكاني منذ أكثر من ربع قرن بسبب الصراعات والخلافات السياسية، وكان آخر تعداد جرى في العام 1997، ويعد التعداد السكاني أمرا ضروريا في ما يتعلق بتوزيع الثروات ورسم الخطط التنموية في البلاد وتقويم نتائجها ووضع الخطط الصحيحة لإعادة الإعمار. وعرقلت الخلافات السياسية منذ 2010 إجراء تعداد سكاني جديد في العراق. وكان من أبرز الخلافات التي أعاقت التعداد عدم الاتفاق حول ما إذا يجب الإشارة إلى قومية الشخص ومذهبه في استمارة التعداد التي يجيب عليها المواطن، حيث لم يتم أي اتفاق على ذلك إلى حد الآن. ورغم أن المحكمة الاتحادية أكدت في رأي لها الفصل بين التعداد السكاني العام وإجراءات الإحصاء في مدينة كركوك في نطاق إجراءات المادة 140 حول المناطق المتنازع عليها، إلا أن هذا التفسير لم يقنع عرب وتركمان كركوك الذين أكدوا مقاطعتهم للإحصاء في حال تم تنفيذه بمعزل عن تطبيق قرارات سابقة، أبرزها تشكيل لجنة تقصي الحقائق في المدينة عن عمليات تغيير سكاني قام بها الأكراد في المدينة منذ عام 2003. ومن المنتظر أن يحدد التعداد في حال إجرائه عدد العراقيين الذين يعيشون في الخارج وعدد الذين اضطروا إلى النزوح داخل العراق خلال سنوات الحرب ضد الإرهاب. كما سيكشف التعداد عن عدد السكان الذين يعيشون في إقليم كردستان العراق، الأمر الذي سيحدد حصته في إيرادات الحكومة المركزية التي تبلغ حاليا 14 في المئة. وإذا وجد التعداد أن الأكراد يمثلون النسبة الأكبر من العدد الإجمالي للسكان، فإن الدستور ينص على حصول الإقليم على المزيد من الأموال وعلى مدفوعات بأثر رجعي. وسيظهر التعداد التركيبة الدينية للعراق ذي الأغلبية المسلمة، لكنه سيتعمد ألا يسأل السكان عن مذهبهم. وأعلنت وزارة التخطيط العراقية الشهر الماضي، إعادة تشكيل الهيئة العليا للتعداد العام للسكان في العراق، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط محمد علي تميم، بناء على ما جاء في البرنامج الحكومي الذي أكد أهمية تنفيذ التعداد العام للسكان. كما رجحت الوزارة في سبتمبر الماضي أن يبلغ عدد السكان الإجمالي في البلاد 50 مليون نسمة بحلول عام 2030، وسط تحذيرات من تأخّر الحكومة في إعداد خطة شاملة لمعالجة أزمات السكن والتعليم والصحة والبطالة والفقر. ووصلت نسبة الفقر في العراق إلى نحو 25 في المئة من السكان، فيما تقدر أعداد الفقراء في البلاد بنحو 11 مليونا من بين 42 مليونا هم عدد سكان البلاد، رغم الثروات النفطية والزراعية الهائلة، فالصراعات السياسية وعمليات الفساد عطّلت الاستفادة الشعبية من هذه الثروات. وتفيد البيانات الرسمية بأنّ قرابة 3 ملايين عراقي يتلقون منحا مالية شهرية من الحكومة، وهم من أصل 11 مليون فقير لا تستطيع الحكومة تقديم مساعدات لهم جميعا، بسبب الأزمة المالية وضعف المخصصات في هذا الصدد.
مشاركة :