يحكم القضاء الألماني ضد عملية تقوم بها السلطات الألمانية الخاصة بمنح حق اللجوء. ويتعلق الأمر بتفتيش هواتف طالبي اللجوء لتحديد بلدهم الأصلي وجنسيتهم. عمليات التفتيش هذه ممارسة شائعة، لكن هل يوقفها القضاء؟ تفتيش الهواتف النقالة صار ممارسة شائعة لدى طلب اللجوء في ألمانيا. الحق في خصوصية البيانات بالنسبة لطالبي اللجوء، هو جوهر دعوى قضائية رفعتها إحدى طالبات اللجوء ضد السلطات في ألمانيا ، التي تعرف على أنها دولة رائدة عالميا في حماية البيانات، واستنادا على هذا الأمر، يمكن أن يصدر حكم تاريخي في هذه القضية. اليوم الخميس (16 فبراير/شباط)، ستصدر أعلى محكمة إدارية في البلاد والتي يقع مقرها بلايبزيغ، قراراً بخصوص ما إذا كانت السلطات قد انتهكت القانون عام 2019، عندما قامت بتفتيش هاتف طالبة اللجوء الأفغانية التي وصلت إلى البلاد دون توفرها على جواز سفر بحثًا عن أدلة حول مكان تواجدها سابقا. حسب ليا بيكمان، محامية الشابة الأفغانية وعضو جمعية الحقوق المدنية غير الربحية والتي تعرف بـ"جمعية حقوق الحريات" فإن "المحكمة ستتخذ قرارًا بشأن القضية التي رفعتها موكلتي باسمها فقط، رغم أنها ممارسة شائعة في ألمانيا". طالبة اللجوء الأفغانية ، التي أكدت محاميتها أنها تريد أن تظل هويتها مجهولة، رفعت دعوى قضائية ضد المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) في ألمانيا بسبب بحثها عن هاتفها في عام 2020، بدعم من GFF. وفي يونيو/ حزيران 2021، حكمت محكمة إقليمية في برلين لصالحها، بحجة أن السلطات انتهكت القانون، لكن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، استأنف القرار وطلب من كبار قضاة البلاد في المحكمة الإدارية الفيدرالية إعادة النظر في الحكم. يمكن للمحكمة أن تعلن حكمها الخاص في نهاية جلسة هذا الأسبوع. والحكم سيكون إما بتأييد الحكم الأول أو تلغيه. هذا القرار، سيكون محط أنظار الجميع خاصة سلطات الهجرة في الدول الأوروبية، حيث غالبًا ما تستخدم تكنولوجيا مماثلة في ملفات طلبات اللجوء. المحكمة الإدارية الاتحادية في لايبزيغ هي أعلى محكمة في القانون الإداري في ألمانيا قبل المحاكمة، أصرّ المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) بممارسة هذه العملية للتأكد من مكان قدوم طالبي اللجوء، وقال متحدث باسم بامف (BAMF) لـ DW في رد مكتوب "إن التأكد من هوية وجنسية طالبي اللجوء الذين لا يستطيعون تقديم وثائق الهوية من خلال تحليل الأجهزة المحمولة أمر مهم وأساسي لأمن بلدنا وتوخيا للدقة في قرارات اللجوء". وحسب المحامية بيكمان، فإن الحكم سيكون له آثار بعيدة المدى لعمليات البحث عبر الهاتف. وقالت "إذا اتفق القضاة مع حكم محكمة برلين، فإن ذلك يعني أنه لن يُسمح للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) بعد الآن بتفتيش الهواتف المحمولة ما لم تكن السلطات قد استنفدت جميع الإجراءات الأخرى المتاحة للتحقق من المعلومات المتعلقة بجنسية طالب اللجوء". عمليات تفتيش الهواتف! يكمن السبب وراء الجدل القانوني الحاصل حاليا، في فقرة أضافتها السلطات الألمانية إلى قانون اللجوء الخاص بها منذ عام 2017، والتي تسمح للسلطات بالمطالبة بالوصول إلى الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية لطالبي اللجوء إذا لم يتمكنوا من تقديم أي جواز سفر أو بطاقة هوية سارية وإذا تعذر الحصول على معلومات هوية " بوسائل دقيقة ". بمجرد الحصول على الأجهزة، تستخدم السلطات برامج خاصة بحثًا عن أدلة حول مكان وجود الهواتف سابقاً. تتضمن هذه الأدلة الرقمية البيانات الوصفية للموقع المرفقة بالصور، أو رموز البلدان للأرقام المحفوظة على الهاتف، أو اللغة المستخدمة في الرسائل النصية. يقوم البرنامج تلقائيًا بتجميع النتائج في تقرير، ويتم الاحتفاظ بهذه الوثيقة سرية حتى يمنح محام في BAMF موظفي المكتب إمكانية الوصول إليه. يمكنهم بعد ذلك أخذ النتائج بعين الاعتبار قبل اتخاذ قرار منح اللجوء لطالبه. بين عامي 2018 و 2021، تم تفتيش أكثر من 47000 جهاز لطالبي اللجوء المتقدمين بطلباتهم في البلاد، وفقًا لإحصائيات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين. وقال متحدث باسم BAMF إن ذلك كان ضروريًا "لضمان إجراءات لجوء دقيقة وآمنة". وشدد المتحدث في الوقت نفسه على أن عمليات التفتيش هذه هي مجرد أداة من بين عدة أدوات تساعد على "للحصول على معلومات إضافية قبل إجراء مقابلة اللجوء، لأجل اتخاذ قرار على أساس صحيح". رفض للتفتيش من المجتمع المدني الألماني! منذ أن تم اعتماد هذا النوع من التفتيش لأول مرة في ألمانيا، واجه انتقادات شديدة من المنظمات الحقوقية في ألمانيا، حيث كان تجربة نظامين استبداديين في البلد سبباً في الحرص ما بعدهما على توخي الحيطة والحذر بشأن موضوع حماية الخصوصية. وكان في طليعة المعركة ضد هذا البند القانوني، منظمة "جمعية حقوق الحريات" غير الربحية التي يوجد مقرها في برلين. ففي عام 2019، نشرت المنظمة الحقوقية تحقيقًا حول عمليات البحث والتفتيش، معتبرة أنها غير فعالة وتنتهك الخصوصية. غالبًا ما تلعب الهواتف الذكية دورًا رئيسيًا في حياة اللاجئين بحلول عام 2020، أقنعت المنظمة ثلاثة من طالبي اللجوء من سوريا وأفغانستان والكاميرون بمقاضاة المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين. في ثلاث دعاوى قضائية منفصلة، اتهموا الوكالة بأنها طلبت الوصول إلى البيانات الحميمة والخاصة المخزنة على هواتفهم دون سند قانوني، واعتبروا ذلك تعديًا على حقهم الأساسي في الخصوصية. خلال الجلسة الأولى في 1 يونيو/ تموز 2021، التي عقدت في مبنى المحكمة الإدارية وسط برلين، أيد القضاة المحليون شكوى طالبة اللجوء الأفغانية، وكان القرار مفاجأة لكلا الطرفين. إدراكًا منهم أن هذه الممارسة تؤثر على عشرات الآلاف من اللاجئين، اتفق كل من "جمعية حقوق الحريات" و المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين على أن استئناف الحكم لدى أعلى جهة قضائية في البلاد في لايبزيغ. وقررت منظمة "جمعية حقوق الحريات"، باتفاق مع طالبي اللجوء القادمين من سوريا والكاميرون، إيقاف الدعوتين الثانية والثالثة مؤقتًا إلى غاية صدور قرار المحكمة العليا. لكن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين لم يوقف في هذه الأثناء ممارسته وتفتيش هواتف طالبي اللجوء، بحجة أن "الحكم الابتدائي يمثل حالة منعزلة". ما موقف هيئة مراقبة حماية البيانات في ألمانيا؟ من المرجح أن يكون للقرار القادم تأثير قانوني كبير، إذ قال المتحدث باسم المحكمة كارستن تيجيثوف في تصريح لـ DW: "ستقرر المحكمة الإدارية الفيدرالية ما إذا كانت تلك الفقرة في قانون اللجوء الألماني ذات أساس قانوني يسند ما تفعله السلطات". كما سيؤثر الحكم أيضًا على شكوى منفصلة مقدمة من منظمة "جمعية حقوق الحريات" والتي يمكن أن تضع حداً لعمليات البحث عبر الهاتف بالطريقة التي يتم اعتمادها إلى حدود اليوم. في بداية عام 2021، طلبت المنظمة من هيئة مراقبة حماية البيانات في ألمانيا، إعادة النظر في عمليات تفتيش الهواتف. فعلى عكس المحاكم، يتمتع المكتب بسلطة إصدار أمر مباشر لمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بوقف هذه الممارسة. بعد ذلك بعامين، لم تتخذ الهيئة أي رد فعل بشأن هذه القضية، وهو أمر وصفته المحامية بيكمان بأنه "مخيب للآمال". لكن كريستوف شتاين، المتحدث باسم BAMF، أكد لـ DW أن القضية لا تزال معلقة، وأن المكتب يعتزم اتخاذ قرار حول إجراءاته اللاحقة". الكاتب: يانوش ديلكر/ م.ب
مشاركة :