الاعتدال.. منهج راسخ

  • 2/17/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من نعم الله سبحانه وتعالى أن جعل الاعتدال منهج الحياة المستقيمة السوية التي تعود بالخير الكثير على الفرد وتعود بالنفع الغزير على المجتمع.. وجاءت تعاليم الإسلام لترسيخ مبدأ الوسطية ونشر العدل كمطلب شرعي أصيل ومظهر حضاري رفيع ومقصد في غاية السمو.. والاعتدال هو الاستواء والاستقامة والتوسط بين حالتين، فلا تجاوز للحد المشروع ولا قصور أو إخلال بمبادئ الدين وفي هذا تحقيق للتوازن المطلوب فلا إفراط ولا تفريط.. وقد أكد الخالق عز وجل على الأهمية في مواضع كثيرة من القرآن الكريم أن دين الإسلام دين توسط واعتدال، دين رحمة وسماحة، دين حق وعدل، دين محبة وإخاء فقد قال الله تعالى: «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا» فمنهج الوسطية هو المنهج الأسمى وهو اختيار من الله تبارك وتعالى لهذه الأمة وتشريع إلهي وتكريم منه سبحانه لإشاعة السلام بين الأمم ولتحقيق الأمن في المجتمعات وزرع الثقة والطمأنينة بين الأفراد والإحساس بالآخرين وتحقيق التعاون والتكافل بين طبقات المجتمع المختلفة. وتجسد شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم المثال الأبرز للتوسط والاعتدال في أخلاقه وسماته وأفعاله وقد قال عليه الصلاة والسلام «بُعثْتُ بالحنيفية السمحة» فقد كان في غاية القوة والشجاعة إذا تطلب الأمر ذلك وكان حليمًا رحيماً في غير ضعف، وكان كريمًا جواداً، بعيداً عن التبذير والإسراف وكان كثير التوقير لأصحابه شديد الحياء دون أن يمنعه ذلك من الجرأة في تعليم الناس أمور دينهم.. ولم يكن أحد في العالمين أحرص من محمد صلى الله عليه وسلم على نشر دين الإسلام لكنه التزم بالتوجيهات الربانية حيث اقتضت حكمة الله عز وجل أن يكون في الناس المؤمن والكافر، المؤمن والمنافق، المحسن والمسيء، العادل والظالم، وقد قال الله عز وجل «لاَ إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْد مِنَ الْغَى» وفي هذه الآية تأكيد على كمال هذا الدين واتضاح شرائعه وبذلك لا يحتاج إلى الإكراه عليه وفي هذه الآية توجيه صريح للمسلمين بعدم إجبار الناس على اعتناق الإسلام بل الأولى هو دخولهم في دين الله عن اقتناع وفهم ومحبة. وفي هذا السياق يتوجب علينا الإشادة بجهود المملكة العربية السعودية في ترسيخ قيم الاعتدال والوسطية وكان ذلك أحد أساسيات قيام الدولة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- فكان دستورها القرآن الكريم وجميع أنظمتها مستمدة من الكتاب والسنة وتحكيم الشريعة الإسلامية التي هي شريعة العدل والإحسان والإنصاف ومن أولوياتها تكريم الإنسان وحفظ حقوقه وكرامته.. وفي إطار الحفاظ على النهج الوسطي المعتدل عملت القيادة الكريمة على محاربة التطرف ونبذ الغلو بكل أشكاله وسخرت جميع الإمكانات لرعاية الشريعة الإسلامية ونشر التعاليم الدينية التي تدعو إلى التسامح بمختلف مجالات الحياة. وقد أكدت رؤية المملكة 2030 على تعميق قيم الاعتدال ونشر ثقافة الوسطية وتعزيز الأمن الفكري ورفع مستوى المواطنة المسؤولة من خلال منظومة فكرية وثقافية تحافظ على مبادئنا الأصيلة، وقيمنا الثابتة، وأخلاقنا السامية وتعمل جاهدة على تحصينها من أي تهديدات فكرية متطرفة أو دعوات منحرفة.. كما قامت المملكة بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ومن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -أعزه الله- بتنظيم العديد من المناسبات الدولية وشاركت في الكثير من المؤتمرات التي تدعم قيم الوسطية والاعتدال والتسامح وتدعو إلى نبذ التطرف والتشدد والتحزب والإرهاب ولا شك أن هذا إيمان القيادة الكريمة بالمسؤولية الملقاة على عاتقها باحتضانها للحرمين الشريفين ومهبط الوحي وعظم مكانتها كقبلة للمسلمين وداعية إلى السلام والاستقرار العالمي وبذلك تكون هذه الجهود المباركة مثالاً يحتذى به للآخرين لتعزيز القيم الإنسانية ونشر مبادئ السلام وترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال ومحاربة التطرف والتشدد والإرهاب، وكذلك إيصال رسالة الإسلام الخالدة التي جاءت لخير الإنسانية في الدنيا والآخرة.

مشاركة :