تسوية «ربْط النزاع» مع القضاء تمهّد لفك إضراب بنوك لبنان

  • 2/18/2023
  • 17:02
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

على منوالِ التقليد اللبناني بالتوافق على «ربْط النزاع» عند تَعَذُّرِ حلّ المشكلات بين طرفيْن أو أكثر، يتواصل العمل على إنضاجِ تسويةٍ تكفل احتواء الكباش المصرفي مع بعض الجهات القضائية، وبما يمهّد لتهدئةٍ متوازنة تبرّر عودةَ المصارف إلى العمل بالصيغة السابقة للإضراب العام الذي نفّذتْه في الاسبوعين الماضييْن. ووفق متابعاتٍ لمسؤول مصرفي، فإن عمليةَ نسْج التفاهمات التي سيؤول نجاحُها المرتقب إلى فك الاضراب، تجري برعايةٍ مباشرة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي فوّضَ الجانبَ القضائي من المَهمة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومدعي عام التمييز غسان عويدات، فيما يتولى شخصياً وعبر عدد من مستشاريه التنسيقَ مع كبار المصرفيين ومكاتبهم القانونية. وبالفعل، فإن المفاوضات مستمرّة بايقاع يتسم بالايجابية من طرفيْ النزاع، ويؤمل تتويجها بتوافق مَرِنٍ ومُرْضٍ لكليهما خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعدما حققتْ تقدّماً أولياً في هدفها الأول والقاضي بسعيهما معاً إلى تبريد حماوة الخلافات بين المصرفيين والنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، وهو ما تمت ترجمته فورياً بإرجاء مواعيد استجواباتٍ وطلبات قضائية إلى منتصف الأسبوع المقبل، وفي المقابل عدم ممانعة المصارف الاستجابة للطلبات القضائية ضمن مسارٍ يراعي الأصولَ المعتمَدة في مثل هذه القضايا الحسّاسة بطبيعتها. وفي المعطيات التي تحقّقت «الراي» من فحواها عبر التواصل مع مصادر مصرفية معنية، يتولى فريقٌ من محامي المصارف وجمعيتهم، وفي مقدّمهم المحامي صخر الهاشم، عمليةَ التفاوض المباشرة مع المرجعيات القضائية المعنية ضمن أجواء تتسم بالإيجابية الحذرة، توخياً لتصويبِ بعض الممارسات التي تُرافِقُ الملاحقات القضائية، ولا سيما لجهة مواكبتها بمبالغاتٍ إعلامية تمس بقرينة البراءة إزاء بعض الادعاءات أو الشكاوى المؤذية للكيانات المصرفية، وليس لأشخاص إدارتها ومساهميها حصراً، وخصوصاً لجهة استخدام وصف «الجرائم المالية» وتبييض الأموال. ومع تَوالي تأكيدات الاستجابة المصرفية لطلبات القضاء، أكد المسؤول المصرفي لـ «الراي» ان مشروعية التوجس من الاستهداف المُمَنْهَج تقوم فعلياً على قرائن متزامنة تزخر بإشارات «الريبة». ففي الأساس تَجْري «الملاحقاتُ» من جهةٍ قضائية ذات ارتباطاتٍ سياسية غير خافية على أحد، وبالمثل يتم «انتقاء» بعض المصارف وليس جميعها من المُشارِكين في الهندسات المالية التي جرت مع البنك المركزي. ثم يَجْري تنظيم تحركات باسم جمعيات مودعين تتعمّد الإضرار بممتلكات مصرفية ( فروع تابعة) أو بأملاك شخصية تعود لمصرفيين. ويُثْني المسؤول على استنتاجاتِ الاجتماع الأمني الموسع في السرايا الحكومية (الجمعة) في أعقاب محاولات حرق بعض الفروع المصرفية، والتي تتفق تماماً مع هذه الهواجس المتكاثرة في أوساط المصرفيين. ولعل الترجمة النموذجية تكمن في الاشارة المرمّزة لرئيس الحكومة الذي صارح المجتمعين بقوله «كأن هناك فقسة زر في مكان ما»، سائلاً عما إذا «كان هؤلاء من المودعين أم أن هناك إيعازاً ما، من مكان ما، للقيام بما حصل؟»، ليستنتج «أن جهةً ما مستفيدة تسعى إلى إغراق لبنان بالفوضى لهدفٍ لم يَعُدْ خفياً على أحد». وفي ملاقاةِ تصريحات ميقاتي وتأكيد وزير الداخلية بسام مولوي «أنّ حلّ أزمة المودعين لا يكون بأعمال الشغب، والمطلوب الحفاظ على أمن المواطنين والقطاع المصرفي كنظام وقطاع وحفظ الأمن وتطبيق القوانين»، ذكّرت جمعية المصارف بتحذيراتها السابقة من «خطة التدمير الممنهَج للقطاع المصرفي على يد مجموعة من المدفوعين المرتزقة»، رداً على الهجمات «المنسَّقة» التي تَعَرَّضَتْ لها. وقالت الجمعية في بيان ليل الجمعة عمّمتْه أمانتها العامة: «لا يقنعنا أحد بأن مهاجمي الفروع من المودعين. فالمودع المتمتع بالحد الأدنى من الذكاء والمنطق يعرف أنه بإحراق المصارف، إنما يضرّ نفسه وسائر المودعين، سواء عبر حرمانهم من الاستفادة من آليات الصرف الآلي أو من خلال نفقات التصليح التي ستزيد من الأعباء المصرفية وتضعف إمكانات المصارف بإعادة حقوقهم». أما اتهام المصارف بأن إضرابها هو الذي أدّى الى انخفاض سعر صرف الليرة، ففيه أيضاً، بحسب البيان، «الكثير من الخفّة والسطحية. فالمصارف في حيرة من أمرها، فإذا أقفلت يُعتبر إقفالُها وراء هبوط العملة الوطنية، وإذا فتحت، زُعم أنها تضارب على الليرة». وبيّنت المطالعة المحدَّثة مواقف مغايرة لِما أفصح عنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل أيام، لجهة سداد مبالغ توظيفات وودائع البنوك لدى «المركزي». وفي خطاب مباشر لافت في مضمونه وموجَّه الى المودعين، قالت جمعية المصارف «ان المصارف تتفهم إحباطكم، لكن أما آن الأوان كي تفتحوا عيونكم وتدركوا أن الأموال اللازمة لتسديد ودائعكم ليست عند المصارف، فلا يفيدكم دخولها عنوة ولا تدميرها ولا تكسير محتوياتها، لأنكم بذلك تسيئون الى أنفسكم وتفاقمون الخسارة وتقللون من فرص استعادة حقوقكم. وقد آن الأوان أن تعوا مَن هدر حقوقكم والى من يجب توجيه سهامكم وضغطكم لاستعادتها». وشرحت أن المصارف «تودع ودائع زبائنها لدى مصرف لبنان، ولا سيما تنفيذاً لتعاميم البنك المركزي وتماشياً مع أصول التعامل المصرفي العالمي، فتُستخدم هذه الأموال رغم إرادتها لدعم سعر الصرف ولتمويل الدولة، ثم تتنصل الدولة من إعادتها وينبري غوغائيون لتبرئة الدولة من التزاماتها. تخسر المصارف كل أموالها الخاصة التي كانت تتجاوز 24 مليار دولار، فتُتهم بأنها استولت على الودائع وأقرضتْها لمصرف لبنان طَمَعاً بالمال». وتضيف «تصرف الدولة بعد اندلاع الأزمة في خريف العام 2019، ما يزيد عن 20 مليار دولار لغاية تاريخه، دعماً للتهريب وسعر الصرف، فيحمِّل المودعون المصارف مسؤولية الخسارة. تقرض المصارف أكثر من 55 مليار دولار من الودائع وتعمل لاستعادتها من مدينيها لتعيدها إلى المودعين، فتلزمها غالبية القرارات القضائية بقبض هذه الديون على أساس سعر صرف قدره 1507 ليرة، أو في أحسن الأحوال بموجب شيك مصرفي بالدولار المحلي مسحوب على مصرف لبنان يساوي أقلّ من 15في المئة من قيمة القرض الذي حصل عليه». على منوالِ التقليد اللبناني بالتوافق على «ربْط النزاع» عند تَعَذُّرِ حلّ المشكلات بين طرفيْن أو أكثر، يتواصل العمل على إنضاجِ تسويةٍ تكفل احتواء الكباش المصرفي مع بعض الجهات القضائية، وبما يمهّد لتهدئةٍ متوازنة تبرّر عودةَ المصارف إلى العمل بالصيغة السابقة للإضراب العام الذي نفّذتْه في الاسبوعين الماضييْن.ووفق متابعاتٍ لمسؤول مصرفي، فإن عمليةَ نسْج التفاهمات التي سيؤول نجاحُها المرتقب إلى فك الاضراب، تجري برعايةٍ مباشرة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي فوّضَ الجانبَ القضائي من المَهمة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومدعي عام التمييز غسان عويدات، فيما يتولى شخصياً وعبر عدد من مستشاريه التنسيقَ مع كبار المصرفيين ومكاتبهم القانونية. هل تدافع أوكرانيا في حربها عن... القِيَم الغربية؟ 13 فبراير 2023 باسيل «الجريح» يزداد... ارتباكاً 13 فبراير 2023 وبالفعل، فإن المفاوضات مستمرّة بايقاع يتسم بالايجابية من طرفيْ النزاع، ويؤمل تتويجها بتوافق مَرِنٍ ومُرْضٍ لكليهما خلال عطلة نهاية الأسبوع، بعدما حققتْ تقدّماً أولياً في هدفها الأول والقاضي بسعيهما معاً إلى تبريد حماوة الخلافات بين المصرفيين والنائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون، وهو ما تمت ترجمته فورياً بإرجاء مواعيد استجواباتٍ وطلبات قضائية إلى منتصف الأسبوع المقبل، وفي المقابل عدم ممانعة المصارف الاستجابة للطلبات القضائية ضمن مسارٍ يراعي الأصولَ المعتمَدة في مثل هذه القضايا الحسّاسة بطبيعتها.وفي المعطيات التي تحقّقت «الراي» من فحواها عبر التواصل مع مصادر مصرفية معنية، يتولى فريقٌ من محامي المصارف وجمعيتهم، وفي مقدّمهم المحامي صخر الهاشم، عمليةَ التفاوض المباشرة مع المرجعيات القضائية المعنية ضمن أجواء تتسم بالإيجابية الحذرة، توخياً لتصويبِ بعض الممارسات التي تُرافِقُ الملاحقات القضائية، ولا سيما لجهة مواكبتها بمبالغاتٍ إعلامية تمس بقرينة البراءة إزاء بعض الادعاءات أو الشكاوى المؤذية للكيانات المصرفية، وليس لأشخاص إدارتها ومساهميها حصراً، وخصوصاً لجهة استخدام وصف «الجرائم المالية» وتبييض الأموال.ومع تَوالي تأكيدات الاستجابة المصرفية لطلبات القضاء، أكد المسؤول المصرفي لـ «الراي» ان مشروعية التوجس من الاستهداف المُمَنْهَج تقوم فعلياً على قرائن متزامنة تزخر بإشارات «الريبة».ففي الأساس تَجْري «الملاحقاتُ» من جهةٍ قضائية ذات ارتباطاتٍ سياسية غير خافية على أحد، وبالمثل يتم «انتقاء» بعض المصارف وليس جميعها من المُشارِكين في الهندسات المالية التي جرت مع البنك المركزي.ثم يَجْري تنظيم تحركات باسم جمعيات مودعين تتعمّد الإضرار بممتلكات مصرفية ( فروع تابعة) أو بأملاك شخصية تعود لمصرفيين.ويُثْني المسؤول على استنتاجاتِ الاجتماع الأمني الموسع في السرايا الحكومية (الجمعة) في أعقاب محاولات حرق بعض الفروع المصرفية، والتي تتفق تماماً مع هذه الهواجس المتكاثرة في أوساط المصرفيين.ولعل الترجمة النموذجية تكمن في الاشارة المرمّزة لرئيس الحكومة الذي صارح المجتمعين بقوله «كأن هناك فقسة زر في مكان ما»، سائلاً عما إذا «كان هؤلاء من المودعين أم أن هناك إيعازاً ما، من مكان ما، للقيام بما حصل؟»، ليستنتج «أن جهةً ما مستفيدة تسعى إلى إغراق لبنان بالفوضى لهدفٍ لم يَعُدْ خفياً على أحد».وفي ملاقاةِ تصريحات ميقاتي وتأكيد وزير الداخلية بسام مولوي «أنّ حلّ أزمة المودعين لا يكون بأعمال الشغب، والمطلوب الحفاظ على أمن المواطنين والقطاع المصرفي كنظام وقطاع وحفظ الأمن وتطبيق القوانين»، ذكّرت جمعية المصارف بتحذيراتها السابقة من «خطة التدمير الممنهَج للقطاع المصرفي على يد مجموعة من المدفوعين المرتزقة»، رداً على الهجمات «المنسَّقة» التي تَعَرَّضَتْ لها.وقالت الجمعية في بيان ليل الجمعة عمّمتْه أمانتها العامة: «لا يقنعنا أحد بأن مهاجمي الفروع من المودعين. فالمودع المتمتع بالحد الأدنى من الذكاء والمنطق يعرف أنه بإحراق المصارف، إنما يضرّ نفسه وسائر المودعين، سواء عبر حرمانهم من الاستفادة من آليات الصرف الآلي أو من خلال نفقات التصليح التي ستزيد من الأعباء المصرفية وتضعف إمكانات المصارف بإعادة حقوقهم».أما اتهام المصارف بأن إضرابها هو الذي أدّى الى انخفاض سعر صرف الليرة، ففيه أيضاً، بحسب البيان، «الكثير من الخفّة والسطحية. فالمصارف في حيرة من أمرها، فإذا أقفلت يُعتبر إقفالُها وراء هبوط العملة الوطنية، وإذا فتحت، زُعم أنها تضارب على الليرة».وبيّنت المطالعة المحدَّثة مواقف مغايرة لِما أفصح عنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل أيام، لجهة سداد مبالغ توظيفات وودائع البنوك لدى «المركزي».وفي خطاب مباشر لافت في مضمونه وموجَّه الى المودعين، قالت جمعية المصارف «ان المصارف تتفهم إحباطكم، لكن أما آن الأوان كي تفتحوا عيونكم وتدركوا أن الأموال اللازمة لتسديد ودائعكم ليست عند المصارف، فلا يفيدكم دخولها عنوة ولا تدميرها ولا تكسير محتوياتها، لأنكم بذلك تسيئون الى أنفسكم وتفاقمون الخسارة وتقللون من فرص استعادة حقوقكم. وقد آن الأوان أن تعوا مَن هدر حقوقكم والى من يجب توجيه سهامكم وضغطكم لاستعادتها».وشرحت أن المصارف «تودع ودائع زبائنها لدى مصرف لبنان، ولا سيما تنفيذاً لتعاميم البنك المركزي وتماشياً مع أصول التعامل المصرفي العالمي، فتُستخدم هذه الأموال رغم إرادتها لدعم سعر الصرف ولتمويل الدولة، ثم تتنصل الدولة من إعادتها وينبري غوغائيون لتبرئة الدولة من التزاماتها. تخسر المصارف كل أموالها الخاصة التي كانت تتجاوز 24 مليار دولار، فتُتهم بأنها استولت على الودائع وأقرضتْها لمصرف لبنان طَمَعاً بالمال».وتضيف «تصرف الدولة بعد اندلاع الأزمة في خريف العام 2019، ما يزيد عن 20 مليار دولار لغاية تاريخه، دعماً للتهريب وسعر الصرف، فيحمِّل المودعون المصارف مسؤولية الخسارة. تقرض المصارف أكثر من 55 مليار دولار من الودائع وتعمل لاستعادتها من مدينيها لتعيدها إلى المودعين، فتلزمها غالبية القرارات القضائية بقبض هذه الديون على أساس سعر صرف قدره 1507 ليرة، أو في أحسن الأحوال بموجب شيك مصرفي بالدولار المحلي مسحوب على مصرف لبنان يساوي أقلّ من 15في المئة من قيمة القرض الذي حصل عليه».

مشاركة :