تعتزم الولايات المتحدة تحذير الشركات بشكل مباشر من التهرب من العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى زيادة الضغط على الاقتصاد الروسي، وفقا لـ"رويترز". وأشار والي أدييمو نائب وزير الخزانة الأمريكي في تصريحات صحافية قبل ذكرى العام الأول للحرب الروسية، إلى مخاوف بشأن تطبيق العقوبات على روسيا، قائلا "سنتوجه مباشرة إلى شركاتهم ونوضح لها أن لديكم خيارا". وأضاف "يمكنكم مواصلة القيام بأشياء تفيد روسيا وتزودها بالدعم المادي، لكنكم بعد ذلك تتحملون خطر فقدان الوصول إلى الاقتصاد الأوروبي والاقتصاد الأمريكي والبريطاني... هذا هو خياركم، نحن على استعداد لاتخاذ هذه الإجراءات". وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، عقوبات على روسيا في أعقاب التدخل العسكري في أوكرانيا، واستمرت في زيادة الضغط منذ ذلك الحين. وكان من بين أهداف عقوبات واشنطن القطاع المالي ورجال الأعمال الداعمون لموسكو. وقال أدييمو "إن الحملة على التهرب من العقوبات باستخدام العقوبات وقيود التصدير وأدوات أخرى ستركز بشكل كبير على السلع المصنعة والبناء والمواد ذات الاستخدام المزدوج التي لها تطبيقات تجارية وعسكرية"، وأضاف "إنه خيار سهل للغاية بالنسبة إلى معظم هذه الشركات، وبالنسبة إلى معظم هؤلاء الأفراد". وقال أدييمو "إن واشنطن ستتواصل أيضا مع البنوك في الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا واليابان، لتطلب منهم تحذير عملائها من أنهم قد يفقدون إمكانية الوصول إلى المؤسسات المالية، إذا تبين أنهم يتهربون من العقوبات الأمريكية". تأتي هذه التصريحات وسط مؤشرات على أن الاقتصاد الروسي لم يتضرر بشدة كما كان متوقعا في البداية من العقوبات الغربية. وتوقع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي أن يتوسع الاقتصاد الروسي 0.3 في المائة في 2023 بعد انكماشه 2.2 في المائة في 2022. كما رجح في أبريل انخفاضا بنسبة 8.5 في المائة في 2022 وانكماشا آخر بنسبة 2.3 في المائة هذا العام. إلى ذلك، كشفت تقارير صحافية أن حجم الأصول الروسية الخاضعة للعقوبات في ألمانيا، وصل بعد مضي نحو عام على الحرب في أوكرانيا إلى 5.32 مليار يورو. جاء ذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "فيلت آم زونتاج" الألمانية، في عددها المقرر نشره اليوم، استنادا إلى بيانات من وزارة المالية. وأوضحت الصحيفة أن المبلغ يتكون من أصول لـ"كيانات" روسية تضم أشخاصا طبيعيين وشركات مدرجة على قائمة الاتحاد الأوروبي للعقوبات، إضافة أيضا إلى البنك المركزي الروسي. وبحسب التقرير، رفضت الوزارة الرد على سؤال عن مقدار العقوبات المفروضة على ما يعرف بطبقة الأوليجارشية الروسية. كانت روسيا قد بدأت حربها على أوكرانيا في الـ24 من شباط (فبراير) من العام الماضي. وأشار المحلل جابور ستينجارت في تحليل نشرته مجلة "فوكاس" أخيرا، إلى عدد من الأسباب التي أدت إلى صمود الاقتصاد الروسي في وجه العقوبات الغربية التي فرضت على خلفية عمليتها العسكرية الخاصة وعدم تأثرها بها. وتشهد روسيا الآن نوعا من المعجزة الاقتصادية، فالعرض الغربي والطلب الروسي يجدان بعضهما بعضا حتى في ظل أشد العقوبات. وأول هذه الأسباب -بحسب الخبير- هو النظام المالي الروسي، الذي لم ينهر حتى بعد قطع خدمة "سويفت" عن روسيا، علاوة على ذلك ضعف الدولار مقابل الروبل الروسي. أما السبب الثاني، فهو الاقتصاد نفسه، فبحسب توقعات صندوق النقد الدولي IMF، شهد الاقتصاد الروسي، مثل الاقتصاد الغربي، ركودا في العام الماضي، لكنه سينمو مرة أخرى في 2023، ومن المرجح أنه في 2024 وبحسب الصندوق يمكن أن يتجاوز النمو الاقتصادي في روسيا بشكل كبير النمو الاقتصادي في ألمانيا. ووصف الخبير السبب الثالث، وهو أن تعويض الشركات والمنتجات الصينية للشركات الغربية التي خرجت من السوق الروسية، مثل أحد أسباب ثبات الاقتصاد الروسي، حيث سجلت الصادرات الصينية إلى روسيا مستوى قياسيا في ديسمبر، ما ساعد على تعويض الانخفاض الحاد في التجارة مع أوروبا. ووصف عدم خروج بعض الشركات الأوروبية من السوق الروسية، بأنه السبب الرابع، حيث لا تشارك هذه الشركات الآراء السياسية لدولها للخروج من السوق الروسية. واختتم بخامس الأسباب، الذي يتعلق بتواصل روسيا تصديرها النفط والغاز، حيث لا يزال العالم مهتما بالحصول على موادها الخام، مشيرا إلى أنه بمجرد توقف الغرب عن شراء هذه المواد ظهر مشترون جدد. وعلى الرغم من العقوبات، لا تزال أوروبا غير قادرة على الاستغناء عن الغاز الروسي، ولا تزال دول مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا وإسبانيا تتلقى الغاز الطبيعي المسال الروسي، وفقا لمجموعة "فيوتشر غاز". وخلص ستينجارت إلى أن الحظر التجاري موجود فقط في الوثائق، وأنظمة العقوبات مصممة لإقناع الناخب، وليس موسكو.
مشاركة :