بعد أي عمل إرهابي تعود تصاريح الرفض والاستنكار من مسؤولين حكوميين او علماء دين أو شخصيات عامة ورجال اعمال.. الشجب والرفض والاستنكار لا تعني أن الارهاب سيتوقف، والمؤكد أن تلك التصاريح لا تصل لحجم المجهود الذي يقوم به رجال الأمن فهؤلاء الابطال يقدمون ارواحهم فداء للوطن وسلامة المواطن والمقيم.. نعم تلك هي الحقيقة.. ماذا سيضيف ذلك التصريح من عالم دين يستنكر ويرفض فيما زميله ورفيق دربه في كل موقف يعزز ثقافة التطرف ويؤكد علنا وبصوت مسموع أن السنة فقط مسلمون وغيرهم كفار! ماذا سيضيف تصريح معلم يستنكر التفجيرات فيما زميله في الفصل المجاور يكفر الجميع وان النار تنتظرهم والجنة مفتوحة بحور عينها للمجاهدين من شبابنا..! وحينما يستنكر عالم دين التفجيرات ثم يعود لمنبره او حسابه في شبكات التواصل الاجتماعي ليغالط الحقيقة بمطالبة المؤسسات الأمنية إطلاق سراح الارهابيين تحت مسميات مستلة من دلالات شرعية لا تنطبق عليهم بكل المقاييس ولكن لغاية في نفس يعقوب يصدحون بها لتكون مع الوقت وسيلة من وسائلهم لاقتناص شاب وآخر ونقلهما من مربع الحياة الى حيث يكون الموت غاية بذاته.. ليس مهماً أن تستنكر وترفض قتل المصلين وانت تؤلف كتابا يؤكد تكفير من يختلفون معك، وتعمق ذلك بأن قتل غير المسلم طريق للجنة..، وان جزيرة العرب فقط للمسلمين وليس جميعهم بل بعضهم.. حين تعجز المؤسسات التعليمية والشبابية عن احتواء الشباب بنوعيهم وتعتقد المدرسة أنها مؤسسة تلقين فقط وان النادي رياضة فقط.. ويعتقد القائمون على الأسواق ان الشباب مشروع فساد فلابد أن يكون اقتناص شبابنا أمرا سهلا ولا يحتاج لجهود خطيب مفوّه يصف الجنة وحور عينها ولذة الحياة فيها لينطلق لها شاب يؤنبه ضميره بعد أن مارس الخطايا تحت مظلة الظلام والاقصاء، وبقي في ضميره احساس يؤنبه دون أن يجد من يمسك بيده لطريق التوبة والنجاة ومشاركة مجتمعه بالعمل وتشكيل حضارة نتباهى بها أمام العالم ونؤكد فيها عمليا أن الاسلام منهج حياة وليس دين عبادات فقط.. أن تستنكر الارهاب دون ان تحرق كتابك الزاعم بكفر كل الطوائف الاسلامية الا طائفتك فلا قيمة لرأيك.. وأن تزعم ان الطائفية فتنة تنخر جسد المجتمع فيما أنت في كل قناة تزعم باضطهادك، وزوجتك تنعم بخدمات طبية متقدمة على حساب الدولة وابناؤك يدرسون في ارقى الجامعات العالمية فلا قيمة لرأيك وادعائك الجنوح للسلم، وانت تنفث النار في الرماد بمبادئ تزعمها ولا تنفذها.. وحينما يستشهد رجل الأمن ويعتقد البعض ان دمه حلال فإن وصولنا لقتل المصلين نتيجة متوقعة.. سحب كتاب او كتابين من مؤسساتنا العلمية تعززان التطرف لا يكفي بل نحتاج عملية تطهير للمنظومة التعليمية بأكملها، تطهير يقضي على كل انواع معززات التطرف والتشدد المؤدي للإرهاب.. حينما يقطع وزير الداخلية اجازته الخاصة لمتابعة وزيارة المصابين فإننا مازلنا رغم عمر الارهاب وتنوعه وتمدده وخطورته امام عمل متميز من المؤسسة الأمنية فقط وسبات غير مبرر من بقية المؤسسات وخاصة تلك المسؤولة عن بناء منظومة الأمن الفكري لوطن واحد، وطن يرتكز على الاسلام كدين ينظم الحياة ويرتقي بنا، وليس شعبا أممي الانتماء ويعتقد انه مسؤول عن مسلم.. إن لم يقم علماؤنا ومؤسسات التنشئة الاجتماعية بعمومها بتفكيك الخطاب المستل من عمق الفقه الاسلامي بفقه واقع نقي يتفق مع سماحة الاسلام فإن تفجير المساجد سيفضي لما هو أكبر.. dr.haya_a@hotmail.com لمراسلة الكاتب: halmanee@alriyadh.net
مشاركة :