ليس هناك إنسان لم يمر في حياته (بمصادفة) غير متوقعة، بعضها يفرح وبعضها يتعس، وأكثر المصادفات التي واجهتها شخصيًا في حياتي إنما هي للأسف من النوع الثاني، ولا أستبعد أن بي (شعرة ذئب) وأنا لا أعلم. لهذا لا أخرج من بيتي في كل يوم قبل أن أحصن نفسي وأقرأ سور (المعوذات)، وآخر الصدف التعيسة أنني قابلت رجلاً يطلب مني دينًا منذ أكثر من سنة، قابلته مساء وجهًا لوجه في أحد (المولات)، و«البياخة» في الموضوع أنه في صباح ذلك اليوم اتصل بي بالتليفون، ولكي أتهرب منه كذبت عليه – الله لا يعاقبني – قائلاً له: إنني الآن في (ماليزيا). عمومًا كان الرجل مؤدبًا لأنه ابتسم بوجهي وهو يقول: الله جابك، الحمد لله على السلامة، وأتبعها قائلاً بتهكم واضح: (رب صدفة خير من ميعاد)، وكانت تلك المصادفة هي القشة التي قصمت ظهري، لأنني بعدها سددت له دينه وأنا أتوجع – صحيح فعلاً: إن حبل الكذب أقصر مما نتوقع. ومن المصادفات الحميدة لغيري، ذلك الخبر أو الإعلان الذي جاء في إحدى جرائد فرنسا، قبل أن تعتمد (اليورو) كعملة لها، وجاء فيه: إن غادة حسناء في مرسيليا أعلنت في الصحف أن عمرها 21 سنة وتملك مبلغ (250) ألف فرنك، وأنها جميلة الوجه صحيحة الجسم تود الاقتران بشاب لا يزيد عمره على 35 سنة بشرط أن يكون فرنسيًا من عائلة كريمة وذا مهنة يربح منها ما لا يقل عن ثمانية آلاف فرنك في الشهر، فعلى من كانت تنطبق عليه هذه الصفات وراغبًا في هذه الشروط أن يكتب إليها باسم (A.L.D) شارع (مارغريت) نمرة 412. وبعد أيام تلقت جوابًا من (G.L.N) بباريس، يقول لها: أنا كما تريدين ولكني أحب أن أراكِ قبل أن أقرر قرارًا نهائيًا في الموضوع. فأجابته: يمكنك أن تحضر في يوم الأحد الساعة 11 صباحًا والدقيقة 25 إلى محطة ليون، فترى على المحطة فتاة لابسة فستانًا من الصوف الأسود وعلى رأسها برنيطة سوداء تعلوها ريشة بيضاء وفي يدها مروحة حمراء وكتاب صغير مذهب أسود الجلد فإذا رأيتها أيقنت أنها أنا – انتهى. الصدفة غير المتوقعة، أنه اتضح أنها أخته، فضحكا من بعضهما البعض حتى سالت مدامعهما. أما الصدفة التي كنت شاهدًا عليها وأعجبتني هي: عندما كنت زائرًا مع بعض الرفاق لصديق مشترك، وهو فخور دائمًا بذكاء ابنه ذي الستة أعوام، فسأل أحد الحاضرين الطفل: ما هي أحلى الصدف التي واجهتك، فأخذ الطفل البريء (يزوك) ويحرك رأسه يمنة ويسرة ثم قال: الحقيقة أن الصدفة التي أعجبتني هي: أن بابا وماما تزوجا في نفس اليوم.
مشاركة :