قد لا يعرف الفلسطينيون أنفسهم لماذا أهتم مجلس الأمن منذ أيام بقضيتهم، وهم الذين أمعنوا في تقطيع أوصال وحدتهم وعملوا بجد دءوب على تعميق الجراح في جسدهم. بات الإنقسام تقليديا، ومن ثوابت الواقع الفلسطيني، بين فتح وحماس، بين الضفة والقطاع، فيما يستجد انقسام فتحاوي أظهر مؤتمر الحركة الأخير أعراضه المقلقة. ومع ذلك ليس من الحصافة التقليل من أهمية الحدث، وليس من الفطنة التفتيش في ثنايا النص عن مواطن لبس يدرجه في شبهات آثمة، وليس من الحكمة تجويف المنجز وتهشيم بريقه وفق معزوفات تدعي فهم المسرح وإدراك كواليسه. فليس مهماً كيف تتباين أمزجة الفصول طالما حرث ما من جهة ما ولغاية ما جاء بذلك الحصاد. وللأمانة فإن إقرار العالم بعدم شرعية المستوطنات من خلال نصّ ملزم للعالم أجمع لا يخضع لوجهة نظر حربائية، لهو قاعدة قانونية متينة لا تحاكي موازين القوى التي إن تم قياسها فستكشف تقدم إسرائيل في العالم وتراجع فلسطين في قاراته. لكن لا شيء من كل ذلك يعفي الفلسطينيين من مسؤولية حسن تدبير المنجز الأممي الجديد. وما نعنيه هنا كل الفلسطينيين داخل كافة معسكرات التعدد والاختلاف. المسألة تخص فتح وحماس كما فتح ومعارضتها كما السلطة ومنظمة التحرير. ربما أن الحدث لن يتكرر، وربما أن الأمر عرضي قد تطيح به رياح الإدارة الأميركية الجديدة. بيد أن على الفلسطينيين، والفلسطينيين فقط، الاستثمار في هذا المنجز وجعله ناجعاً يستدرج المجتمع الدولي نحو منجزات أخرى ويستدعي هذا العالم للتورط إيجابيا في قضية كادت تصبح تفصيلا هامشيا هشاً في الأجندات الدولية. أختار الفلسطينيون وجهات متعددة لمواجهة الاحتلال. في تاريخ حكايتهم عبور نحو الهدف عن طريق الكفاح المسلح كما اطلاق الصواريخ كما العمليات الانتحارية كما العمليات الخارجية. وفي حكايتهم السبل السلمية والمفاوضات وأوسلو وكامب دايفيد وواي ريفر.. إلخ. كل ذلك أدى إلى حائط مسدود ربما أدركه السلمويون والجهاديون. بقي ان فلسطين تحتاج في زمن الترامبية والاوبامية إلى مخيّلة خصبة وقيادة جريئة ترتقي إلى مستوى صدفة تاريخية أنتجت قرارا أممياً خارج سياق الراهن. نعم هي صدفة، ورب صدفة خير ميعاد. محمد قواص صحافي وكاتب سياسي
مشاركة :