نظمت ولاية آيوا الأميركية، أمس، مجالس ناخبة، كما يحصل كل أربع سنوات، لاختيار مرشح كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لخوض السباق إلى البيت الأبيض في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، معطية بذلك إشارة انطلاق الانتخابات التمهيدية للرئاسة. ويتصدر المرشحان الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون، استطلاعات الرأي، لكن ليس بالنتائج الكافية لتوقع فوز مؤكد. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، ستحاول كلينتون في هذا الاقتراع أن تدافع عن موقعها بوصفها المرشحة الأقوى، فيما يسعى ترامب لإثبات أن نجاحه ليس محضا إعلاميا. ودعا كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري المجالس الناخبة «كوكوس» إلى اجتماعات في 1681 مركزا للتصويت لكل منهما أقيمت في مدارس ومكتبات وغيرها. وصوت الجمهوريون بالاقتراع السري، بينما يشكل الديمقراطيون مجموعات تبعا لمرشحيهم من أجل تحديد مندوبين. وأظهر آخر استطلاع للرأي أجرته شبكة «بلومبرغ» وصحيفة «دي موين ريجستر» نشر مساء السبت الماضي أن «كلينتون تتقدم على منافسها بيرني ساندرز بحصولها على 45 في المائة من نيات التصويت مقابل 42 في المائة». وجابت أعداد كبيرة من المتطوعين هذه الولاية الواقعة في وسط غرب الولايات المتحدة أول من أمس، ليحثوا السكان على المشاركة في التصويت، فيما هيمن المرشحون على البرامج الحوارية المتلفزة. وكان أبرز المرشحين يحثون مناصريهم على تحدي الثلوج والصقيع وحمل الأصدقاء والجيران على المشاركة في المجالس الناخبة. وبعد انتخابات آيوا تنظم الأسبوع المقبل الانتخابات التمهيدية في نيوهامبشير ثم الولايات الأخرى حتى يونيو (حزيران) المقبل. وتجري الانتخابات الرئاسية في 8 نوفمبر المقبل. وتتمتع آيوا منذ مطلع سبعينات القرن الماضي بهذا الامتياز الذي يسمح لها بممارسة تأثير أكبر من حجمها، بالمقارنة مع عدد سكانها البالغ ثلاثة ملايين نسمة، في آلية الانتخابات الأميركية. وتشكل هذه الولاية الريفية الصغيرة بالنسبة للمرشحين إلى البيت الأبيض أرض الخيبات القاسية أو لحظات المجد المحملة بالوعود. وفي ولاية آيوا بدأ تراجع هيلاري كلينتون (68 عاما) في 2008 في مواجهة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وهذه المرة، تواجه ساندرز، السناتور عن ولاية فيرمونت، الذي ينتقدها بسبب علاقاتها مع وول ستريت وتصويتها مع حرب العراق في 2002. وتؤثر أيضًا على كلينتون قضية الرسائل الإلكترونية الشخصية، التي مرت عبرها معلومات سرية، المستمرة حتى الآن، وإن كان ساندرز لا يشارك في هذا الجدل. وقالت كلينتون أمام 2600 شخص في دي موين مساء أول من أمس، في آخر تجمع انتخابي تعقده، إن «أميركا لا يمكنها أن تسمح لنفسها باختيار أفكار تبدو جيدة على الورق، لكنها لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة». من جهته، قال ساندرز لمتطوعين في مقر حملته في مارشالتاون، إنها منافسة «حادة جدا». ولا يثير شعار «الاشتراكية الديمقراطية» الذي يرفعه مخاوف الشبان الديمقراطيين الذين يصفقون له بحرارة عندما يتحدث عن «ثورة سياسية». لكن حجم تعبئتهم لا يمكن التكهن به، إذ إن الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما لم يمثلوا أكثر من 22 في المائة من المشاركين في انتخابات 2008. وحتى إذا جاء في المرتبة الثانية، يمكن لساندرز أن يتحدث عن فوز نسبي. ففي بداية الحملة في أبريل (نيسان) المقبل، كان يلقى تأييدا أقل من 10 في المائة من الناخبين في آيوا. وفي نيوهامشير يحتل المرتبة الأولى، لكنه يواجه صعوبة في التقدم في بقية الولايات. ولدى الجمهوريين، استفاد رجل الأعمال دونالد ترامب من رفض النخب السياسية في الأشهر السبعة الأخيرة من الحملة إن لم يكن عزز هذا الموقف. وينتقد ترامب الطبقة السياسية وعجز القادة، ويعد بأن «تربح أميركا» معه «إلى أن يمل الأميركيون من الربح». ويلقى خطابه القومي المعادي للمهاجرين و«غير الصائب» سياسيا تأييد الناخبين المستائين. لكن، يسبب ترامب انقساما في اليمين الديني الذي ساعد في انتخابات 2008 و2012 في اختيار الفائز في المجالس الانتخابية في آيوا. لذلك اختار كثيرون من المسيحيين المحافظين السناتور عن تكساس، تيد كروز الذي ينتمي إلى حزب الشاي والمكروه في الكونغرس بسبب تعطيله الدائم للعمل. وهو يقوم بحملة ضد «كارتل واشنطن». أما المرشح الثالث فهو السناتور عن فلوريدا ماركو روبيو المتحدر من أصل كوبي مثل تيد كروز الذي يريد أن يكون جسرا بين الجناح الإنجيلي للحزب الجمهوري والمعتدلين. وفي حال حصوله على نسبة تتجاوز الـ15 في المائة، كما تشير استطلاعات الرأي الأخيرة، سيتمكن من مواصلة السباق خلافا للمرشحين التسعة الآخرين. وبين هؤلاء المرشحين الثلاثة تبدو نهاية الحملة قاسية. ووصف ترامب خصمه تيد كروز بأنه «ليس نزيها إطلاقا». وهو يشير إليه بـ«الكندي»، لأنه ولد في كلغاري (كندا). ورد تيد كروز الأحد أن «ترامب أعلن إفلاسه أربع مرات».
مشاركة :