سلطت القمة العالمية للحكومات هذا العام 2023 الضوء على ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم في سنواته الأخيرة، ويشكل توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة كالطب والهندسة والتسليح والتصنيع والاستثمار وعلوم الفضاء والاتصال، أهمية كبيرة لتطوير السياسات والمناهج والاستراتيجيات لمواكبة معطيات التكنولوجيا الحديثة. وأكد مختصون لـ«البيان»، أن الذكاء الاصطناعي سيكون محـرك التقـدم والنمـو والازدهـار خـلال السنوات القليلة المقبلة، وأنه باتت مناقشة تحديات التعليم في المستقبل من الأولويات المهمة للمسؤولين عن التعليم في المجتمع. وأوضحت معالي سارة مسلّم، وزيرة دولة للتعليم المبكر، رئيس الوكالة الاتحادية للتعليم المبكر ورئيس دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي لـ«البيان»، أن التعليم المبكر يمثل المرحلة الأهم في مسيرة تعلم الطلبة ووضع الأساسات الصحيحة للتعلم، لافتة إلى أن دور التكنولوجيا في مراحل التعليم المبكر يجب أن يقتصر على كونها أداة بيد المعلمين لتمكينهم من تطوير وتحسين أساليب التعليم والوصول إلى المعلومات بشكل سريع، فيما يركز تعليم الأطفال في هذه المرحلة على التعلم عن طريق اللعب والتفاعل مع بيئته ومحيطه، لا سيما وأن 90 % من دماغ الطفل يتشكل في السنوات الخمس الأولى من عمره. منافع تنموية وأكدت معالي مسلّم أن الاستثمار في التعليم المبكر للأطفال يحقق منافع تنموية طويلة الأمد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، من خلال ترسيخ السلوكيات الإيجابية منذ المراحل الأولى في حياة الطفل، ما يقلص بالتالي الحاجة للتدخل الحكومي في المراحل المتقدمة من عمر الفرد، إذ يسهم التعليم المبكر في بناء مواطنين فاعلين ومؤثرين ومنتجين في مجتمعاتهم. وشددت معالي مسلّم على أهمية الرقابة الأسرية للأطفال واليافعين عند بدئهم باستخدام التكنولوجيا، من خلال وضع ضوابط تضمن تجنب الأثر السلبي لها على النمو العقلي للطفل، وموازنة ذلك مع تشجيع الأطفال على ممارسة الرياضة واللعب مع الأطفال الآخرين وغيرها من الأنشطة المحفزة للتنمية البدنية والعقلية. تسريع التغيير من جانبه رأى الدكتور منصور العور، رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، أن التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي سيسرعان من وتيرة التغيير وإعادة هندسة التعليم وتغيير النظرة النمطية للتدريس وتقييم الطلبة والامتحانات، وذلك من خلال منظورين وهما: أولاً الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وتعزيز مستوى المشاركة الطلابية في العملية التعليمية، وثانياً المساهمة في اختصار الأوقات والتسريع الأكاديمي من خلال نقرة زر. وأشار الدكتور العور إلى أن الذكاء الاصطناعي على الجانب الآخر قد يشكل قلقاً من وجود محاذير غياب الشفافية والمصداقية في تقييم الطلبة وفي الامتحانات نظراً لتوفر المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى ظهور تطبيقات ذكية قد تقوم بواجبات الطالب وتحل عنه المسائل وتمنحه إجابات لأسئلة الامتحان بنقرة زر. وأوضح الدكتور العور أن التكنولوجيا ستغير مفهوم التعلم خلال السنوات الثلاث المقبلة، بحيث يوافق المقولة التي نادت بها جامعة حمدان بن محمد الذكية منذ نشأتها وهي أن «التعلم ضرورة أما الجامعات فلا، والتمدرس ضرورة أما المدارس فلا». ويتوقع رئيس جامعة «حمدان الذكية» أن النظم التعليمية المحصورة في إطار المباني الجامعية والمدارس فهي إلى زوال بحلول 2029، لذا يجب إعادة تطوير وتحديث المناهج وأساليب التعلم بما يتوافق مع المفاهيم الجديدة للتعلم والتركيز على المهارات التخصصية التي باتت مطلوبة لوظائف المستقبل. وبين أن مخرجات التعليم القائمة على المهارات تختلف عن المهارات المعرفية فقط ذلك أن المعرفة تسبق المهارة، لذا علينا توفير ثقافة جديدة لدى مؤسسات التعليم لا سيما العالي، وهي أن تقوم عملية تقييم الخريج على أساس قوة مهاراته وليس فقط الكم المعرفي. مبادرات مستقبلية من ناحيته، قال ستيفن جيل، الرئيس الأكاديمي لكلية الرياضيات وعلوم الكمبيوتر بجامعة هيريوت وات، إن الابتكار واستكشاف آفاق جديدة يعتبران في طليعة اهتمامات دولة الإمارات، مشيراً إلى أن التعاون بين القطاعات الحكومية والخاصة والأوساط التعليمية يعزز البيئة الابتكارية التي تعتبر مفتاح إنشاء البنية التحتية المطلوبة لتطوير مبادرات مستقبلية تعمل على تحسين الرفاهية وإنشاء نماذج حكومية مرنة ومتطورة. وأوضح أن دولة الإمارات تشجع ثقافة الابتكار والإبداع والاستكشاف، حيث أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في عام 2016 صندوق محمد بن راشد للابتكار، بقيمة ملياري درهم لدعم المبتكرين، ويواصل الصندوق إقامة شراكات استراتيجية لدعم التطورات المبتكرة في دولة الإمارات. وشدد على أهمية مساهمة جميع الهيئات والمؤسسات التعليمية والشركات الخاصة والجمعيات لتعزيز المشاركة المجتمعية ودعم هذه الابتكارات، لافتاً إلى أن دعم وتمويل وإطلاق المبادرات المحفزة على دعم وتطوير الكوادر والمواهب وتأهيلها يسهم في بناء مستقبل زاهر للأجيال القادمة، وتعزيز مكانة الإمارات بين أكثر الدول ابتكاراً على مستوى العالم وخلق نموذج اقتصادي حيوي أكثر مرونة وتنافسية. وأكد أن جامعة هيريوت وات تحرص على غرس ثقافة الاستكشاف والإبداع بين الطلاب، وتشجيعهم على تحمل المخاطر. أبحاث الفضاء من جهته، قال الدكتور محمد المصلح، أستاذ مساعد في هندسة السيارات بكلية الهندسة والعلوم الفيزيائية جامعة هيريوت وات دبي، إن إطلاق المستكشف راشد، مشروع يجسد حرص الإمارات على المساهمة في تطوير أبحاث الفضاء وتقدمها، مشيراً إلى أن البعثة القمرية ستعمل على تصميم واقع علمي جديد للإماراتيين والعرب وجيل الشباب وستمهد الطريق لعصر جديد من دراسة الفضاء واكتشافه. وأكد حرص الجامعة على الاستثمار بكثافة في البحث والتطوير في القضايا والملفات ذات الاهتمام العالمي، ومنح الطلبة فرصة للتواصل مع الصناعات ذات الصلة لتجهيزهم وإعدادهم لمواجهة المستقبل وبناء مستقبل مهني يحقق أحلامهم. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :