تفرق السلطات الأسترالية حالياً بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله. لكن أجهزة الإعلام الأسترالية تحدثت مؤخراً عن وجود خلايا نائمة تعمل في البلد، الأمر الذي دفع إلى مطالبات من جهات متعددة لاعتبار الحزب كله منظمة غير قانونية. يقول تقرير نشرته صحيفة "أستراليان فاينانشيال ريفيو" إن تجنيد حزب الله لعملاء يحملون الجنسية المزدوجة واستخدامهم لتنفيذ هجمات خارج لبنان، كما حدث في الهجوم الذي نفذه انتحاري في تفجير بورغاس، بلغاريا، يناسب نمط حزب الله الذي استخدمه مراراً وتكراراً والقائم على تجنيد عملاء ذوي ملامح غربية ويحملون جنسيات وجوازات سفر غربية ومن ثم استخدامهم لتنفيذ عملياته في الخارج. وقد اعتقلت الشرطة التايلاندية في يناير 2012 عميلا كهذا يدعى حسين عتريس، وهو مواطن يحمل الجنسيتين السويدية واللبنانية وجواز سفر سويديا، كان يحاول الهروب من البلاد. وقد تكهن المسؤولون الاستخباراتيون أن حزب الله يستخدم تايلاند كمحور للعمليات التفجيرية وقرر استخدام عملائه والمواد المتاحة لاستهداف السياح الإسرائيليين. ومنذ ذلك الحين حكمت عليه السلطات التايلاندية بالسجن جراء حيازته لمواد متفجرة. ويؤكد تقرير فاينانشال ريفيو أن عتريس ما هو إلا مثال حديث على عملاء حزب الله الناشطين في جنوب شرق آسيا ويُلقى القبض عليهم هناك، وهي منطقة تُعرف بنشاطاتهم فيها خلال العقود القليلة الماضية. وفي صباح يوم 11 مارس 1994، اصطدمت شاحنة خارجة من مرآب تحت الأرض تابع لمتجر كبير بدراجة أجرة نارية في منطقة لومبيني ببانكوك. وقد أحبط سائق الدراجة النارية دون أن يدري هجوماً انتحارياً على السفارة الإسرائيلية على بعد 240 مترا فقط. بيد أنه لم يتم اكتشاف ذلك الأمر إلا بعد خمس سنوات، عقب اعتقال باندو يودهاويناتا، وهو رجل من أصل إندونيسي، وقد اكتُشف بأن ذلك كان هجوماً من قبل حزب الله استغرق الإعداد له نحو عام. ويعود تورط باندو مع حزب الله إلى أوائل عام 1981، عندما طُرد من الجامعة بسبب نشاطه الإسلامي في إندونيسيا وفراره هارباً إلى إيران. وقد تلقى تدريباً عسكرياً وأيديولوجيا ولغوياً على مدار عامين قبل إعادته إلى إندونيسيا للمشاركة في النشاط والمظاهرات الرئيسية ضد الحكومة الإندونيسية. وقد اعترف باندو للسلطات الفلبينية بأنه تم تجنيده من قبل المخابرات الإيرانية وعمل لصالحها في ماليزيا، قبل أن يجنده حزب الله. وفي ذلك الحين بدأ العمل لصالح رجل يحمل أسماء عديدة، من بينها أبو الفول، الذي حددت المخابرات الفلبينية هويته بأنه "زعيم منظمة الجهاد الإسلامي، وهي وحدة هجمات خاصة لحزب الله في جنوب شرق آسيا". وسرعان ما اكتشف المحققون المزيد من المخططات في خزانة باندو، من بينها خيوط اتصال لسلسلة من الهجمات التفجيرية خلال الفترة 1985-1987. أهداف في جنوب شرق آسيا كشف اعتقال باندو عن المزيد من خطط حزب الله في جنوب شرق آسيا. وقد أُطلق عليها "خطط الطوارئ الخمس"، التي شملت مخططاً لتفجير بحري يستهدف سفن البحرية الأميركية وأهدافاً أخرى. وقد قرر المحققون في سنغافورة أن "الخطة كانت تقوم على استخدام قارب صغير محمل بالمتفجرات ودفعه للاصطدام بالسفينة المستهدفة". وقد حصل حزب الله على جوازات سفر مزورة في الفلبين لمجموعة من المجندين الإندونيسيين الذين خطط لتسللهم إلى إسرائيل من خلال السفر عبر أستراليا، لكن اعتقال باندو كشف عن ذلك المخطط. وقد شملت خطة أخرى إرسال عملاء إلى أستراليا، حيث ساد اعتقاد خاطئ بأنهم قد يحصلون على جوازات سفر أسترالية شرعية على أمل أن يظهروا أقل إثارة للشك والريبة عند السفر باستخدام وثائق من دولة غربية صديقة لإسرائيل. إن حزب الله غارق حالياً في أوحال سورية، حيث تكبد خسائر فادحة جراء قتاله إلى جانب نظام الأسد. ورغم أن معظم المقاتلين الأجانب الذاهبين للقتال في سورية هم من السُنة الذين يقاتلون حزب الله، إلا أن عدداً صغيراً من الأجانب ذهبوا للقتال إلى جانب حزب الله، ومن بينهم أسترالي واحد على الأقل وفقاَ لما أفادت به التقارير. وهذا يمثل تصعيداً كبيراً يتجاوز حملات جمع التبرعات التقليدية وجهود المشتريات لحزب الله في أستراليا. وفي غضون ذلك، يواصل حزب الله الانخراط في عمليات إرهابية في جميع أنحاء العالم بوتيرة غير مسبوقة منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وقد أوضح حسام يعقوب، وهو عميل سويدي لحزب الله قابع في السجن بتهم إرهابية، لضابط شرطة قبرصي أن أفعاله كانت من الممارسات التقليدية لـ حزب الله، وليست أعمالاً إرهابية. وقال "لا أرى أن المهام التي نفذتها في قبرص كانت مرتبطة بالتحضير لهجوم إرهابي في قبرص. لقد كنت أقوم فقط بتجميع معلومات عن اليهود، وهذا ما تفعله منظمتي في كل مكان في العالم". وفي ضوء تجنيد حزب الله لعملاء أستراليين وأنشطته السابقة والحالية في جنوب شرق آسيا، دعا تقرير "أستراليان فاينانشيال ريفيو" الحكومة الأسترالية لتوسيع حظرها للجماعة، الذي يقتصر حالياً على "أجنحتها" العسكرية والإرهابية، ليشمل المنظمة بأسرها - بما في ذلك عملياتها السياسية.
مشاركة :