في 22 فبراير1727م حدثت واقعة تاريخية عظيمة، اتفاق بين حاكم الدرعية الأمير محمد بن سعود وإمام دعوة التوحيد السلفية الشيخ محمد بن عبدالوهاب على إقامة دولة تقيم أسس الشرعية الإسلامية الصحيحة البعيدة عن مظاهر الشرك والانحرافات العقدية، فكان هذا الاتفاق التاريخي نواة لتأسيس الدولة السعودية التي استمرت زهاء ثلاثة قرون حتى وصلت اليوم إلى أوج ازدهارها وتقدمها في عهد سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله.يذكر المؤرخون أن الإمام محمد بن سعود كان قائدا عظيما بالفطرة الإدارية المكتسبة من أسرته الحاكمة، فهو سليل الإمام مانع المريدي الذي حكم الدرعية منذ عام 850هـ، فقد حرص الإمام على ضمان استقلال الدرعية سياسيا عن غيرها من الإمارات النجدية الأخرى التي كانت غارقة في النزاعات والخلافات فيما بينها، وحتى ينجح في تجنيب بلدته تلك الصراعات البينية فقد اهتم بتعزيز الاكتفاء الذاتي للبلدة من إنتاج مزارعها المحلية التي وصلت حينها إلى مرحلة التصدير نحو الإمارات النجدية الأخرى، وهذا يدل على ثاقب بصيرته الإدارية وبعد نظره في القيادة.وسياسيا أرسى الأمير محمد بن سعود دعائم الأمن والأمان حتى ينعم المواطنون برغد العيش في إمارته، فقام رحمه الله بتشييد سور محكم على البلدة حتى يضبط عملية الدخول والخروج إلى الدرعية، كما قام بنشر وتأسيس ثقافة الوحدة الوطنية بين أبناء شعبه حتى يترسخ لديهم مفهوم الولاء للدولة والدفاع عنها، وكانت هذه الفكرة ريادية أيضا بالقياس إلى الفترة الزمنية التي عاشها ذلك الإمام العظيم.وفي عهده أيضا قامت نهضة علمية واسعة، حيث أمر ببناء المساجد والجوامع في كل البلدات التي تخضع لسيطرته السياسية، وتزويدها بالمشايخ الذين كانوا لا يألون جهدا في نشر العلم على منهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وبعيدا عن مظاهر الشرك وانحرافات العقيدة التي كانت سائدة في ذلك الوقت، ومما يذكره المؤرخون أن الدرعية في عهده أصبحت أهم مراكز العلم الشرعي بين أقاليم الجزيرة العربية.المفكر المغربي الدكتور محمد عابد الجابري كان يرى أن تأسيس الدولة السعودية الأولى بهذه الفكرة الريادية قد أفرز نتائج مجتمعية مهمة من حيث تحقيق العدالة المجتمعية والمساواة، بالإضافة إلى إنجاز الحرية العربية من قيود الهيمنة العثمانية التي كانت مهيمنة حينها على معظم جغرافيا الجزيرة العربية، والتي كانت سببا أساسيا في انتشار البدع الشركية والخرافات في ذلك الوقت، وبالتالي فهو يرى أن الدعوة الإصلاحية في مجتمع الجزيرة العربية كانت أسبق بـ42 عاما من الثورة الفرنسية التي اندلعت في عام 1789م، وطالبت حينها بتحقيق العدالة والحرية والمساواة، ومن الجدير بالذكر القول إن الثورة الفرنسية فشلت في تحقيق مطالبها في ذلك الوقت ولم تنجح إلا بعد أكثر من مائة وخمسين عاما، بينما نجحت الدولة السعودية في تحقيق دولة رائدة في تحقيق مبادئ الشريعة الإسلامية ومقاصدها التي تنص على تحقيق العدالة والمساواة، وها هي السعودية اليوم ترفل في ثوب مجدها وفي أزهى عصور ازدهارها، عصر الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله تعالى وحفظ الشعب السعودي النبيل.@albakry1814
مشاركة :