مراكش (المغرب) - تكتسي ساحة جامع الفنا القلب النابض لمدينة مراكش طابعا مميزا وفريدا يسحر زوارها، وهو ما دفع القائمين عليها إلى تحويل المقر القديم لبنك المغرب إلى متحف التراث اللامادي وقد تم الخميس تدشينه بعد عدة سنوات من أشغال الترميم. ويتيح المتحف لزواره فرصة اكتشاف تاريخ الساحة بالمدينة الحمراء، بالإضافة إلى الاستمتاع بمشاهدة مختلف الفنون، إلى جانب تحسيسهم بالأهمية الكبرى التي يحظى بها هذا التراث المشترك قصد الحفاظ عليه ونقله للأجيال المقبلة. ويأتي المتحف ليعزز العرض المتحفي بمراكش ويساهم في الحفاظ على إرثها العريق والعالمي وتعميمه، لاسيما أنه يشكل جزءا لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية. وقال رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف المهدي قطبي إنه "لمن دواعي السرور دائما التعريف بتراثنا، بغناه وتنوعه.. يمكن أن أقول اليوم إن ساحة جامع الفنا هي مركز العالم على اعتبار أن العالم برمته يفد على هذه المدينة"، وفقا لوكالة المغرب العربي للأنباء. وتعد ساحة جامع الفنا المصنفة كأول موقع يتم إدراجه في قائمة التراث الشفوي واللامادي للإنسانية من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، مكانا للتلاقي وتلاقح مختلف التقاليد الشفوية. ويعتبر قطبي أن تدشين متحف جديد بساحة جامع الفنا تنفيذ جاد "للرؤية الملكية التي تجعل من الثقافة عنصرا أساسيا لمجتمعنا ولكي يفهم زوارنا ماهية المغرب، إلى جانب أنه يؤكد للمغاربة أن لديهم بلدا استثنائيا بتاريخه وتراثه وثقافته". وأضاف هذه الخطوة "تأتي لإظهار تنوع مراكش، والتركيز أكثر على ساحة جامع الفنا مركز العالم الذي كان دائما مصدر إلهام للجميع ولكبار الفنانين، إنه أمر رائع ويتعين أن يستمر من خلال هذا المتحف الجميل الذي سيزوره من المؤكد الكثير من المغاربة". وأوضح المؤرخ حميد التريكي أن "هذا الفضاء مخصص لساحة جامع الفنا غير أن الهدف يتمثل في صون الثقافة الشعبية التي يتم نقلها عبر هذه الساحة منذ عقود"، مسجلا أن هذا المتحف يمنح الفرصة أيضا لإبراز دور الحلقة و(الحلايقية) الذين هم فاعلون حقيقيون يصونون الثقافة الشعبية للمملكة ويحافظون عليها. ويعد هذا الفضاء المتحفي الفريد ثمرة شراكة بين المؤسسة الوطنية للمتاحف وولاية جهة مراكش - آسفي وجماعة مراكش ووزارة الشباب والثقافة والتواصل وبنك المغرب والمؤرخ حميد التريكي. ويكشف المتحف الذي صمم في تناغم مع المبنى الذي يحتضنه عن جزء خاص بالعملات احتفاء ببنك المغرب والعاملين به، إلى جانب فضاء موجه لتقديم الساحة عبر الفنون (رسم، مسرح، سينما، تصوير فوتوغرافي..). ويعرض المتحف عملين للرسام الفرنسي جاك ماجوريل يجسدان بالتفصيل المشاهد اليومية لهذا الموقع، إضافة إلى لوحات فنانين مشهورين بصموا الفن التشكيلي المغربي عامة والمحلي بشكل خاص. ويقدم المتحف معرضا مخصصا لساحة جامع الفنا وللفاعلين فيها ويتوزع مساره لشعب متنوع: تاريخ مراكش وساحة جامع الفنا وتقديم الحلقة و"الحلايقية" وكذلك أسرار مهاراتهم ومهنتهم. وأعرب مدير متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر الإدريسي عبدالعزيز عن سعادته بمناسبة تدشين هذا الفضاء المتحفي الذي يعكس خصوصية ساحة جامع الفنا المصنفة تراثا لاماديا للإنسانية، لافتا إلى أن المسار الذي تم تسطيره داخل هذا المتحف يبدأ بتصنيف الساحة المذكورة مع التركيز على بعدها اللامادي ودورها في نشأة الحضارات عبر العصور. وأشار مندوب المعرض الافتتاحي لمتحف التراث اللامادي إلى أن "الزيارة تمكن أيضا من تتبع تاريخ مدينة مراكش كحاضرة (مدينة عاصمة) منذ الحقبة المرابطية، مرورا بمختلف محطات التاريخ، مع إيلاء اهتمام خاص لساحة جامع الفنا الأسطورية وتصاميمها والأنشطة التي تقام بها والتغييرات التي طرأت عليها، بالإضافة إلى الحلقة كعنصر أساسي لفهم الفن في هذه الساحة". وأضاف أن "دور هذا المتحف يتمثل في تعريف الجمهور الذي سيكون بإمكانه زيارته بما يجري في ساحة جامع الفنا وبالنسبة للجمهور الذي سبق له أن زار الساحة لتعميق معارفه والوقوف على خصوصيات جامع الفنا". وتعتبر مراكش المركز السياحي الأول في المغرب ويبحث زوارها المحليون والأجانب عن متنفس لهم في ساحة الفناء، حيث العروض الشعبية المسلية.
مشاركة :