التطور والتدفق الحضاري الحادث في العالم في الآونة الأخيرة أصبح متسارعاً، مما خلق رؤى مختلفة حول مرحلة ما بعد الحداثة، التي تمر بها الحضارة الإنسانية، وكان لابد من التعمق أكثر في أحدث النظريات التي ترى تلك المرحلة، وجاء «كتاب الحداثة السائلة» لعالم الاجتماع البولندي زيجموند باومان، كقراءة لواحدة من تلك النظريات المعرفية التي تنظر لمرحلة ما بعد الحداثة نظرة مختلفة؛ لذلك طرحت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان، الكتاب للحوار خلال ندوة الكتاب بمجلس الفكر والمعرفة. وقالت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد في حديثها حول الكتاب: إن باومان ينظر لهذه المرحلة على أنها مرحلة تتحرر من قيود اليقين الذي تميزت به الحداثة الصلبة التي بدأت مع مرحلة التنوير، واعتمدت على إحلال يقين صلب بيقين آخر صلب، والفارق أن اليقينيات الصلبة الأولى كانت تعتمد على الفكر الخرافي، وحين تحول مصدر اليقين إلى العلم أنتج حداثة صلبة يقينية أيضاً، ولكن ومع مرحلة ما بعد الحداثة اتسمت اليقينيات بتغيرها وعدم ثباتها، فأصبحت حداثة سائلة متدفقة لا يقينية، وأصبحت قاعدة الثابت الوحيد أن كل شيء يتغير هي القاعدة الحاكمة للحضارة البشرية في العصر الحديث. وأضافت، أن الحداثة السائلة لا يمكن تشكيلها إلا عبر قوالب، إذ تكلم الكاتب حولها عبر فصول الكتاب، مؤكدة أننا نحن نعيش في عالم بلا حدود؛ لذا من الصعب تكوين قوالب معينة؛ لأن الحرية الفردية جزء أساسي أو هدف من أهداف الحداثة، وأكدت أننا نعيش في عالم متسع الأفق، والجميع منهمك مع وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المهم مجاراة التطور المتدفق. وأشارت إلى أن للأسرة دوراً مهماً لبناء شخصية الإنسان القادر على مواجهة كل تلك المتغيرات المتسارعة، وعلينا استيعاب هذا التسارع ببناء العلاقات الإنسانية التي تساهم في حماية المستقبل.
مشاركة :