رام الله/عمان - قتل إسرائيليان في هجوم فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة الأحد، وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان، فيما تأتي هذه العملية بينما يستضيف الأردن قمة في العقبة تضم مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين برعاية أردنية وبمشاركة أميركية لنزع فتيل التوتر في المنطقة. وقال البيان المشترك الصادر عن رئاسة الحكومة ومكتب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير "في هذا اليوم الصعب قتل مواطنان إسرائيليان في هجوم إرهابي فلسطيني". ووقع إطلاق النار الذي استهدف مركبة عند مفترق طرق قرب قرية حوارة بين مدينتي نابلس ورام الله في الضفة الغربية المحتلة. وبحسب متحدث باسم خدمة إسعاف نجمة داوود الحمراء، تم نقل مصابين اثنين إلى المستشفى قبل أن يعلن عن وفاتهما لاحقا، في حين أكد الجيش الإسرائيلي ملاحقة من وصفهم بالإرهابيين وأعلن عن إغلاق المنطقة. وانتشرت قوات الأمن الإسرائيلية بكثافة على طول الطريق وشرعت في تفتيش المركبات العابرة، فيما أكدت المتحدثة باسم رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية أن القتيلين هما الشقيقان اليهوديان هلل ويعكوف يانيف. ويأتي الهجوم بعد عدة أيام من العملية العسكرية الإسرائيلية الأربعاء في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية والتي أدت إلى مقتل 11 فلسطينيا وجرح أكثر من 80 بالرصاص الحي. ومنذ مطلع العام الجاري، أودت أعمال العنف والمواجهات بحياة 62 فلسطينيا بينهم مقاتلون ومدنيّون بعضهم قصّر، و11 إسرائيليا بينهم ثلاثة قاصرين، فضلا عن امرأة أوكرانية، وفق بيانات مصادر رسمية إسرائيلية وفلسطينية. وتحتل إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967. وتعتبر المستوطنات حيث يعيش نحو نصف مليون مستوطن، غير قانونية بموجب القانون الدولي. ولم تتضح تبعات الهجوم على قمة العقبة على الفور، لكن وزير الاستيطان في الحكومة الإسرائيلية أوريت ستروك دعا "الوفد الإسرائيلي للعودة فورا" من الاجتماع، بينما أعلن وزير المالية في حكومة نتنياهو رفضه تجميد البناء في بؤر استيطانية، في حين يتوقع أن تصدر عن الشركاء في الائتلاف الحكومي من اليمين الديني مواقف أكثر تشددا قد تنسف ما تم الاتفاق عليه في قمة العقبة. ويأتي الهجوم بينما تعهد مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون في ختام اجتماع، هو الأول من نوعه منذ سنوات، عقد الأحد في مدينة العقبة الساحلية جنوب الأردن بـ"خفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف". وشارك في الاجتماع رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطيني ماجد فرج ورئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) رونين بار ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هانغبي ومنسق البيت الأبيض للشؤون الأمنية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك بحضور مسؤولين أمنيين من الأردن ومصر. وأورد البيان الذي وزعته وزارة الخارجية الأردنية أن "الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أكدا التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما وجددا التأكيد على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف". وأكدت الحكومة الإسرائيلية والسلطة الوطنية الفلسطينية في البيان "استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3 إلى 6 أشهر على أن يشمل ذلك التزاما إسرائيليا بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر". كما "اتفق المشاركون أيضا على دعم خطوات بناء الثقة وتعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين من أجل معالجة القضايا العالقة من خلال الحوار المباشر حيث سيعمل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بحسن نية على تحمل مسؤولياتهما في هذا الصدد". واتفق الأطراف الخمسة: إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن ومصر والولايات المتحدة، "على مواصلة الاجتماعات وفق هذه الصيغة والحفاظ على الزخم الإيجابي والبناء على ما اتفق عليه لناحية الوصول إلى عملية سياسية أكثر شمولية تقود إلى تحقيق السلام العادل والدائم". و"اتفقوا على الاجتماع مجددا في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية في شهر مارس/اذار المقبل لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه". وقال البيان إن "الأردن ومصر والولايات المتحدة تعتبر هذه التفاهمات تقدما إيجابيا نحو إعادة تفعيل العلاقات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتعميقها، وتلتزم بالمساعدة على تيسير تنفيذها وفق ما تقتضيه الحاجة". كما أكد الأطراف الخمسة "أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس قولا وعملا بدون تغيير وشددوا في هذا الصدد على الوصاية الهاشمية، الدور الأردني الخاص". وقال مسؤول إن الأردن استضاف اجتماعا اليوم الأحد بين مسؤولين أمنيين وسياسيين إسرائيليين وفلسطينيين كبار على أمل وقف موجة العنف مع سعي واشنطن وحلفائها العرب إلى نزع فتيل التوتر الذي يؤجج مخاوف من تصعيد أوسع نطاقا. وتأتي المناقشات في إطار جهود دبلوماسية أردنية مكثفة مع واشنطن ومصر لوضع حد لأسوأ موجة عنف منذ سنوات مع زيادة المخاوف من مزيد من التصعيد مع قرب حلول شهر رمضان. وأكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اليوم الأحد، أهمية تكثيف جهود الدفع نحو التهدئة وخفض التصعيد بالأراضي الفلسطينية وإيقاف أية إجراءات أحادية الجانب من شأنها زعزعة الاستقرار وتقويض فرص تحقيق السلام. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية ( بترا) عن الملك عبدالله تشديده خلال لقائه بنائب مساعد الرئيس الأميركي ومنسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكجورك، بحضور ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، على ضرورة إعادة إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين بما يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وأشار إلى مواصلة الأردن بذل الجهود لحماية الأماكن المقدسة بالقدس الشريف من منطلق الوصاية الهاشمية عليها. والأسرة الملكية الهاشمية الأردنية لها الوصاية على المواقع المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية. ووفق الوكالة الأردنية، تطرق اللقاء إلى آخر المستجدات الإقليمية والدولية كما جرى بحث أهمية تعزيز آليات الشراكة الإستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة ومواصلة التنسيق حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقال مسؤولون إن الاجتماع الذي عُقد في ميناء العقبة على البحر الأحمر ضم قادة أمن إسرائيليين وفلسطينيين كبارا للمرة الأولى منذ عدة سنوات بهدف استعادة الهدوء في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. وعُقد الاجتماع بحضور بريت ماكجورك مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط ومسؤولين من الأردن ومصر. لكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير قطاع غزة انتقدت السلطة الوطنية الفلسطينية لمشاركتها في الاجتماع ووصفتها بأنها طعنة في الظهر للشعب الفلسطيني. وذكر مسؤول كبير في الأردن أن الاجتماع يستهدف التهدئة إضافة إلى إعطاء الأمل للفلسطينيين في مستقبل سياسي بدولة مستقلة على أراض احتلتها إسرائيل عام 1967 بما يشمل القدس الشرقية. وقال المسؤول الأردني الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية المحادثات "الهدف هو التوصل لاتفاق بشأن وقف كل الخطوات الأحادية بمنظور تحقيق فترة من التهدئة تسمح بإجراءات لبناء الثقة وتؤدي لمزيد من التواصل السياسي". وتابع "إذا أخفقت الأطراف في التوصل لاتفاق فإن التفاعلات على الأرض تشير إلى مزيد من التصعيد سيؤدي إلى العنف وسيضر بالجميع". وفي تقرير لراديو الجيش الإسرائيلي لم ينسبه لمصدر قال إن الأطراف المعنية قد تناقش إجراءات لتعزيز قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية إضافة إلى كبح محتمل للأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية. ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن تساحي هنجبي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي قوله "جرت مناقشات مع الأميركيين بشأن كيفية تهيئة أجواء جديدة بإنهاء الخطوات الأحادية التي تم اتخاذها في الأشهر القليلة الماضية. نحن مستعدون لقبول ذلك". وفي السنوات السابقة، اندلعت اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين بالقرب من المسجد الأقصى بالقدس في شهر رمضان الذي تزامن مع عيد الفصح عند اليهود وعيد القيامة عند المسيحيين. وحذر المسؤول الأردني من "تحركات بالغة الصعوبة على الأرض مع حدوث تصعيد قبل رمضان وعيد الفصح". ودعت عدة فصائل فلسطينية السلطة الفلسطينية إلى الانسحاب من الاجتماع الذي اعتبرته مخططا بقيادة الولايات المتحدة يستهدف النيل من طموحات الفلسطينيين. وقال بيان لحركة الجهاد الإسلامي المدعومة من إيران إن الأمين العام للحركة زياد النخالة الذي يتخذ من دمشق مقرا تلقى اتصالا هاتفيا من المسؤول الإيراني الكبير علي أكبر ولايتي أعرب فيه الأخير عن دعمه "لمقاومة الشعب الفلسطيني". وفي غزة تجمع عشرات من طلاب الجامعات للاحتجاج على اجتماع العقبة وأحرق ناشطون مقنعون صورا للوزير الإسرائيلي المتشدد إيتمار بن غفير. وقال يوسف صيام وهو طالب جامعي "كيف نقبل هذه الاجتماعات التي تتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني وحق المقاومة؟" وقالت السلطة الفلسطينية في بيان إن الوفد الفلسطيني المشارك في هذا الاجتماع سيعيد التأكيد على قرارات الشرعية الدولية كطريق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد إقامة دولة فلسطين ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967. وأضافت أن الوفد الفلسطيني سيشدد على ضرورة وقف جميع الأعمال الأحادية الإسرائيلية والالتزام بالاتفاقيات الموقعة، تمهيدا لخلق أفق سياسي يقوم على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وصولا إلى حصول الشعب الفلسطيني على حقه بالحرية والاستقلال. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اجتمع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأميركي جو بايدن وأجرى محادثات مع ماكجورك حذرت خلالها الولايات المتحدة من الأخطار التي تحدق بالأمن في المنطقة وطالبت باستئناف محادثات السلام المتوقفة والتي كانت تعقد برعاية أميركية بهدف إقامة دولة فلسطينية. ويقول مسؤولون إن مصر والأردن شعرتا بارتياح مما اعتبرته الدولتان دورا أكثر إيجابية من جانب الولايات المتحدة وانتقادها لتسارع وتيرة بناء المستوطنات اليهودية. وأدت عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو للسلطة إلى زيادة القلق العربي بشأن السياسات التي تشمل زيادة وتيرة الاستيطان وتشديد الإجراءات الأمنية في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. وتعتبر معظم القوى العالمية والقوى العربية المستوطنات التي شيدتها إسرائيل على أراض احتلتها في حرب عام 1967 غير قانونية، وهو ما ترفضه الأخيرة.
مشاركة :