لم تصدر حكومة إقليم كردستان بيانا بشأن الزيارة التي قام بها أول من أمس إلى بغداد وفد كردي رفيع المستوى برئاسة رئيس حكومة الإقليم نيجرفان بارزاني، الذي أجرى مباحثات منفصلة مع رئيسي الجمهورية فؤاد معصوم والوزراء حيدر العبادي، فضلا عن لقاء بدا نادرا مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، نظرا للعلاقة التي شابها كثير من الالتباس بين بغداد وأربيل طوال عهد الأخير. وفي وقت لا تزال الحكومة العراقية تلتزم الصمت فيه حيال ما تعلنه بعض القيادات الكردية عن تعرض عوائل كردية تقطن منذ عقود طويلة من الزمن أحياء شيعية في بغداد مثل مدينة الصدر ومنطقة الحبيبية شرق العاصمة بغداد إلى التهديد بالترحيل من قبل ميليشيات مسلحة، فإن البيانات التي صدرت عن مكتبي رئيس الوزراء (العبادي) والجمهورية (معصوم)، على إثر لقائهما الوفد الكردي لم تتضمن سوى الاتفاق على حزمة وعود أطلقها الطرفان، من أجل تذليل الخلافات والعمل على تنسيق المواقف المستقبلية بينهما. وكان الرئيس معصوم قد شدد خلال بيان رئاسي على ضرورة حل المشكلات العالقة بين الحكومة المركزية والإقليم والتوصل إلى تفاهمات مشتركة، مشيرا إلى أن «الوصول إلى حلول وتفاهمات مشتركة لمجمل المشكلات الموجودة سيصب في مصلحة الجانبين»، مجددًا مساندته «لكل الجهود التي تبذل لحل الاختلافات بين الطرفين». وفي هذا السياق أكد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية خالد شواني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المباحثات التي أجراها الوفد الكردي في بغداد كانت إيجابية طبقا لما أكده رئيس حكومة الإقليم نيجرفان بارزاني الذي شرح لرئيس الجمهورية طبيعة لقائه مع العبادي واصفا اللقاء بالإيجابي». وأضاف شواني أن «الطرفين اتفقا على أمور كثيرة، نظرا للأوضاع التي يعيشها الطرفان سواء على مستوى الأزمة المالية أو تهديدات (داعش)»، موضحا أن «من بين المسائل التي جرى التنسيق بشأنها هي الاستعدادات الخاصة بتحرير الموصل ودور قوات البيشمركة فيها». وعد شواني أن «الزيارة بحد ذاتها مهمة بعد القطيعة أو البرود الذي شاب العلاقات بين الطرفين طوال الشهور الماضية». في غضون ذلك، حذرت قيادات كردية من عودة التهديدات إلى العوائل الكردية الشيعية التي تسكن العاصمة بغداد منذ عقود طويلة من الزمن. وفي حين أكد رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي أرشد الصالحي «عدم تلقي اللجنة شكاوى من مواطنين بهذا الخصوص» فإن عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني، أشواق الجاف، طالبت القائد العام للقوات المسلحة (العبادي) ووزير الداخلية محمد الغبان، وقيادة عمليات بغداد، بالتدخل الفوري لتأمين حياة العوائل الكردية في بغداد. وقالت النائبة في بيان لها إن «عشرات العوائل الكردية (الشيعية) التي تسكن في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد تعرضت للتهديد بالتهجير والقتل من جهات مجهولة»، مشيرة إلى أن «أغلب هذه العوائل تسكن في بغداد منذ عقود من الزمن». وأكد البيان أن «الإقليم استقبل أكثر من ثلاثة ملايين نازح من مختلف مناطق العراق وعمل على توفير الحماية لهم، ومن بينهم مواطنون من إخواننا الشيعة، وآخرون لهم مصالح عمل تجارية مشتركة في الإقليم». وتابع البيان: إن «الحكومة إذا كانت عاجزة عن ضبط أمن العاصمة وسكانها، فهذا يعني كارثة حقيقية، وعليها أن تعترف بأنها لا تمسك بزمام الأمور في بغداد، لأن تهديد العوائل المسالمة يؤشر لبداية قتال دامٍ وفوضى عارمة لا يقبل بها الجميع». وذكرت أن «الجهة المسؤولة عن هذا العمل الشائن تحاول قتل الأبرياء وتشريدهم، وهذا يعني الإرهاب بكل أوصافه، وبالتالي فإن على القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية وقيادة عمليات بغداد التدخل الفوري لتأمين حياة العوائل، حفاظا على التعايش السلمي والانسجام المجتمعي في العاصمة بغداد». من جهته، شدد أرشد الصالحي، رئيس الجبهة التركمانية ورئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، على «أهمية متابعة هذا الموضوع الذي وإن لم نتلق شكاوى معينة باعتبارنا لجنة حقوق إنسان، لكننا نتابعه عبر وسائل الإعلام، وهو ما يتطلب من الجهات المسؤولة متابعته بدقة، لأنه لا بد أن يكون له أساس مع أهمية عدم إهمال مثل هذه المعلومات، نظرا لخطورتها البالغة على السلم الأهلي والنسيج المجتمعي العراقي». وأضاف الصالحي أنه «في مقابل العوائل الكردية في بغداد، فهناك أيضًا عوائل عربية في الإقليم، وبالتالي فإن العملية يمكن أن تأخذ أبعادا ثأرية، ما يعني أن هناك أهدافًا تقف خلف مثل هذه التهديدات، وهو ما يتطلب وقفة جادة ومسؤولة».
مشاركة :