حذرت دراسة جديدة من أنه حتى لو تمكنا من تثبيت درجات حرارة الأرض من خلال بلوغ ذروتها عند درجتين مئويتين، فإن الصفائح الجليدية الشاسعة في غرينلاند والقارة القطبية الجنوبية تسير على خطى «ذوبان لا رجعة فيه». ويوضح عالم فيزياء المناخ أكسل تيمرمان من معهد العلوم الأساسية في كوريا «إذا أخطأنا هدف الانبعاث هذا فسوف تتفكك الصفائح الجليدية وتذوب بوتيرة متسارعة، وفقًا لحساباتنا». ولقد ارتفع مستوى سطح البحر في العالم بالفعل بحوالى 20 سم في المتوسط خلال القرن الماضي. فيما أوضح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مناقشة لمجلس الأمن بنيويورك أن التسارع المحسوب سيعرض واحدًا من كل عشرة أشخاص لخطر مباشر من ارتفاع مستوى سطح البحر، قائلا «بالنسبة لمئات الملايين من الناس الذين يعيشون في الدول الجزرية الصغيرة النامية وغيرها من المناطق الساحلية المنخفضة حول العالم، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر هو سيل من المشاكل. سنشهد هجرة جماعية لسكان بأكملهم»، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص نقلا عن مجلة «نيتشر كوميونيكيشينز» العلمية. ومن خلال تضمين آليات التغذية الراجعة التي كانت مفقودة من النمذجة السابقة، يتوقع جون يونغ بارك عالم المناخ بجامعة بوسان الوطنية وزملاؤه أن تقترب نقطة التحول الرئيسية بشكل أسرع من المتوقع. ويوضح بارك أن «نماذج الكمبيوتر التي تحاكي ديناميكيات الصفائح الجليدية في غرينلاند وأنتاركتيكا غالبًا لا تأخذ في الحسبان حقيقة أن ذوبان الصفيحة الجليدية سيؤثر على عمليات المحيط، والتي بدورها يمكن أن تتغذى مرة أخرى على الغطاء الجليدي والغلاف الجوي». وفي هذا الاطار، فمع استمرار ذوبان الجليد على اليابسة والبحر بمعدلات متزايدة، تتركز المياه الذائبة المتدفقة إلى المحيط نحو السطح، ما يقلل من تبادل الحرارة من الأعماق ويزيد من ارتفاع درجات الحرارة في باطن الأرض؛ هذه الحرارة الإضافية تخاطر بتآكل الدعامات المتجمدة التي تمنع الجرف الجليدي في القارة القطبية الجنوبية، الأمر الذي يتسبب بتدفق المزيد من المياه الذائبة إلى المحيط. الجدير بالذكر أن فريق الدراسة الجديدة لم يحقق بعد دقة عالية مثل النماذج المناخية الرائدة الأخرى، بما في ذلك البيانات من هذه العمليات تسمح للباحثين بمعرفة كيف تؤثر المياه الذائبة على استقرار الصفائح الجليدية. ويشير الفريق إلى أننا «نشهد بالفعل بعض هذه التأثيرات في الوقت الفعلي، مع أحداث لم يسمع بها من قبل مثل المطر في غرينلاند والزيادات الملحوظة بتقلبات المياه الذائبة على الجرف الجليدي في القطب الجنوبي». لكن حسابات بارك وفريقه الجديدة تشير إلى أن هذه العملية التي «لا رجعة فيها» يمكن أن تبدأ عند 1.8 درجة مئوية فقط. فلقد أظهر النموذج فقط بسيناريوهات التخفيف الأكثر عدوانية؛ أنه «مع الحفاظ على درجات حرارة أقل من 1.5 درجة مئوية يمكننا تجنب هذا التسارع السريع في ارتفاع مستوى سطح البحر». من جانبه، يقول تيمرمان «إذا لم نتخذ أي إجراء، فسوف يستمر تراجع الصفائح الجليدية بزيادة مستوى سطح البحر بما لا يقل عن 100 سم في غضون 130 عامًا قادمة». «وسيكون هذا على رأس المساهمات الأخرى مثل التوسع الحراري لمياه المحيطات. كما سيؤثر مثل هذا السيناريو بشكل خطير على المدن الضخمة في كل قارة، بما في ذلك المراكز الحضرية كالقاهرة ومومباي وشنغهاي ولندن ولوس أنجليس ونيويورك وبوينس آيرس»، وفق ما يلحظ غوتيريش؛ الذي يؤكد «على الرغم من أن الاحتمالية قد تكون مثيرة للقلق، إلا أن هناك الكثير من الميزات التي تؤثر على أنظمتنا البيئية المعقدة التي لم تتضمنها النمذجة الجديدة، مثل تأثيرات التيارات الساحلية الضيقة». بدوره، يبيّن عالم الغلاف الجوي روبن سميث الذي لم يشارك في الدراسة «من الأهمية بمكان أن يتم إدخال تطورات مثل تلك الخاصة بهم إلى أحدث نماذج المناخ لدينا. فعلى الرغم من الحاجة إلى مزيد من العمل للحد من عدم اليقين بمثل هذه التوقعات، فإن هذه الدراسة توضح أهمية اتخاذ إجراءات سريعة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ في أسرع وقت ممكن لتقليل المخاطر المرتبطة بفقدان الصفائح الجليدية الرئيسية. وهذا لا يعني أن لدينا فرصة للانتظار لمعرفة الجواب. فكل زيادة في الاحترار يمكننا تجنبها تمنحنا فرصة أفضل بكثير لمساعدة المجتمعات المستقبلية على تجنب أسوأ ما في كوكب يزداد احترارًا بسرعة».
مشاركة :