مهما بحثنا بين مفردات اللغة وتعابيرها عن وصف لأن يتقدّم مسؤولون وصانعو قرار بوعود والتزامات، ويتم الاخلال بها بمجرد فضّ المجالس التي تعهدوا بها، لا يوجد ما يصف هذا الواقع بالمطلق، سوى أن الأمر بات يحتاج وصفات خارقة لتحقيق خطى إيجابية ومتقدمة للالتزام. هو حال السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، فلم يعد مقبولا أن نرى يوميا تناقضات واضحة وخطيرة حدّ الإمساك بالسلام والعنف في آن واحد، لكن للأسف السلام يقف في سياساتهم عند الكلام فقط، فيما يعلو العنف لأعلى درجاته وأكثرها خطورة في سلوكهم وإجراءاتهم، وسط نداءات عربية ودولية بأن تحدد لها موقعا في عالم جديد يسعى الجميع به لتحقيق السلام والعيش بسلام. إذا ما تابعنا الأيام الماضية على الأراضي الفلسطينية سنرى أبشع أشكال العنف والاعتداءات والجرائم التي تقترف من قبل سلطات الاحتلال، ومن قبل المستوطنين، من قتل وحرق وتدمير واختراقات ودهس، دون مراعاة لأي فئة عمرية، بل على العكس نجد الضحايا أطفالا وشيوخا ونساء، دون مراعاة لأدنى أسس الإنسانية، صورة باتت تتكرر يوميا دون توقف في حين يقدّم مسؤولون إسرائيليون في العقبة وعدد من الدول والمنابر تعهدات بالتزام بوقف العنف ووقف الإجراءات أحادية الجانب، وكأن لمركبهم ألف قائد وألف صانع قرار، أو أن مراكبهم تسير بعشوائية وتخبّط. تدخلات أردنية وعربية ودولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية لوقف المجازر التي تقترفها إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، لكن للأسف لا حياة لمن ينادي، ولا حياة فيمن ينادون، حالة من العنف غير مسبوقة ترتكبها إسرائيل والمستوطنون، أشعلت أرض فلسطين نارا وللأسف ما تزال ماضية في ذات الدرب وذات الإجراءات، دون الأخذ بأي رأي أو الاستماع لأي صوت، وعلى ما يبدو أن إسرائيل ستمضي دون توقف في سياساتها وظلمها وانتهاكاتها، متناسية أن الظلم لن يولّد سوى قهرا سيجعل من المنطقة والعالم يقفون على فوّهة بركان لا نعرف متى ينفجر. واللافت في كل هذه السياسات والجرائم، أن إسرائيل سرعان ما تصدر الأحكام على أي مطالبات بالحرية في فلسطين، والكيل بالاتهامات سواء كان الإرهاب، أو التحريض، أو التخريب، متناسية أن لكل فعل ردة فعل، ومن المستحيلات أن يقف أي شعب مكتوف الأيدي حيال ما يواجه من ظلم وقهر وانتهاكات وحرب تزداد اشتعالا دون توقف، وحالة تناقض السلام بين القول والفعل التي تصر عليها إسرائيل ستنعكس على الشارع الفلسطيني ويصبح حقا شرعيا الدفاع عن أنفسهم ومقدساتهم وحياتهم وكرامتهم. (الدستور)
مشاركة :