معرض خان مرجان.. نافذة مشرعة على الفنون

  • 2/4/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

الشغف والموهبة والإرادة عادة ما تكون هذه العناصر هي الركائز الأساسية لمعادلة النجاح، في أي حرفة يدوية أو مهارة فنية خاصة، عندما يتخلى الشخص عن مجال دراسته وتخصصه، ويتحول بكل طاقته لإنتاج قطع فنية فريدة ومميزة ويبرع فيها، ويحملها من روحه وخبرته وتراث بلده، ما يجعلها قطعاً فنية نابضة بالحياة، وتروي تاريخ وحكايات الشعوب العربية، وهذا ما وجدته في زيارتي لمعرض الحرف اليدوية والتراثية، الذي أقيم بسوق خان مرجان، في وافي مول بدبي، تزامنا مع مهرجان دبي للتسوق في الفترة بين 7 ينايرو7 فبراير الجاري. يضم المعرض العديد من المعروضات الفنية التراثية من عدة دول عربية، كما يمنح المعرض فرصة ذهبية لزواره، لحضور ورش عمل مجانية يومية لتعلم طريقة صناعة هذه المشغولات اليدوية من العارضين أنفسهم. ويصحبني د. أكرم المسؤول عن إدارة السوق وتنظيم المعارض والفعاليات في خان مرجان، في جولة بين أركان المعرض المقام بخان مرجان، ونلتقي إحدى الفنانات المشاركات، نجوى الشماع عراقية، ولكن شغفها هو تراث الإمارات الفني، وحرفها اليدوية، وتعبر عنه من خلال العديد من قطع الملابس والمشغولات المعروضة، تقول: أقمنا عرض أزياء في نوفمبر الماضي، وكان عرض أزياء مسرحياً، اسمه (الإمارات في حكايات)، وكثير من الملابس التي أشارك فيها اليوم في هذا المعرض تنتمي إلى هذا العرض، فهناك ملابس تمثل تراث وثقافة الإمارات السبع التي تكون دولة الاتحاد، وقمنا بمحاولة تصميم رداء أو ثوب، يمثل كل إمارة مع إضافة بعض الرتوش الحديثة ليصبح رداءً عصرياً مستمداً من التراث، فعلى سبيل المثال تم تمثيل دبي في العرض بزي يحمل ألواناً شبابية متنوعة و متجددة، لتعبر عن طابع المدينة الشابة الحديثة المتدفقة بالحياة، وزي إمارة الشارقة استخدمنا فيه ألواناً نارية مستمدة من اسم الشارقة المرتبط بشروق الشمس، وأبو ظبي قدمنا جلبابها بألوان من الأزرق لتمثل ساحلها الكبير، ورأس الخيمة بألوانها الجبلية وشهرتها بأنواع الرخام الفاخرة، وأم القيوين بأجوائها البكر الساحرة، والفجيرة بألوان مستمدة من الجبل والبحر، وبالإضافة إلى هذه الأزياء، أشارك في قطع تراثية مشغولة يدويا تمثل أحذية النساء الإماراتيات القديمة، بصورة عصرية، والحلي التي كانت تزين أقدامهن في المناسبات المختلفة". وتضيف الشماع: "الحقيقة أن المكان هنا في سوق مرجان، يتناسب بشكل كبير مع معروضاتنا، والأجواء التراثية، تساعد في إبراز قيمة ما نقدمه عبر الديكور، وشكل الإضاءة ورائحة البخور، فهي تكمل الصورة وتنقل الزائر إلى أجواء تراثية بديعة". دينا الطرابيلي، فنانة تخصصت في الرسم الفرعوني على ورق البردي، رغم أن مجال دراستها في الأساس هو الأدب الإنجليزي. تقول: "أتيت للمشاركة في المعرض، لأقدم تراث بلادي الفرعوني، حيث كانت الكتابة والرسم على ورق البردي، من أقدم الفنون التاريخية، وكل لوحة تحمل حكاية، فمعظم الرسومات منقولة من جدران المعابد والمخطوطات القديمة الموجودة في المتحف المصري، فمثلا هناك لوحة تمثل أقدم دعوة زفاف في التاريخ، وأخرى تمثل مشهدا لصيد الطيور، يظهر فيه الفرعون وزوجته وصورة تمثل نزهة بحرية للفرعون، وزوجته في قارب فرعوني، وهناك لوحات بورترية لكليوباترا وتوت عنخ آمون وإخناتون وغيرهم من الفراعنة، وهذه القطع تثير إعجاب الأجانب والأوروبيين، وتثير فضولهم للتعرف الى حكاية كل لوحة، والقصص التي ترويها كل ورقة بردي، ويسعدون جدا، عندما يجدونني أرسمها وألونها أمام أعينهم، ويتميز ورق البردي بأنه خفيف الوزن ويسهل حمله والسفر به إلى أي مكان في العالم، ولذلك فهو من التذكارات المحببة للسياح في كل وقت ومكان. وحتى القطع الفرعونية المجسمة التي أقوم بتشكيلها من خامات صلبة، غير البردي، أحرص على أن تكون مفرغة من الداخل، حتى تكون خفيفة الوزن، ويسهل نقلها وحملها من مكان لآخر، وأقوم بصناعتها عبر مادة أشبه بالجص، يتم صبها وتشكيلها بأشكال فرعونية وإسلامية. دعاء رمضان.. حاصلة على بكالوريوس تجارة وتعمل في التدريب المهني للأطفال المعاقين لتعليمهم فنون تشكيل الخرز والكريستال، وتقول: هذه أول مرة أزور دبي، وانبهرت من النظام والنظافة والأناقة، التي تتميز بها هذه المدينة المذهلة. وتضيف: أتينا بناء على دعوة من الدكتور أكرم صلاح، للمشاركة في المعرض، ووجدتها فرصة جيدة لعرض منتجاتي وموهبتي، وأنا سعيدة جداً بتفاعل الزوار معنا، خاصة أننا نقدم ورش عمل مجانية للراغبين في تعلم فنون تشكيل الخرز والكريستال، التي تصلح لصناعة وتزيين أي شيء، وتمنح المبدع مساحات واسعة من الخيال والابتكار، وبالأمس دربت طفلة على صناعة قطعة فنية من الخرز الملون، وكانت سعيدة جدا، عندما أكملتها بنفسها، واصطحبتها معها للمنزل. وتشرح دعاء أنواع الخرز المختلفة الشفاف والأصم والمحقون، وأنواع الخيوط المستخدمة وهي غالبا مصنوعة من النايلون، مثل خيوط صيد الأسماك، ولها مستويات مختلفة من السماكة، فالخيوط الأرفع والأخف، تناسب المفارش الكريستال، لتكون خفيفة ومرنة، أما الخيوط الأكثر سمكا، فتستخدم لصناعة المجسمات. سوزان عطية، مدير عام مؤسسة لورد بادن باول للثقافة والعلوم بالقاهرة، وهي مدربة بمركز الفتيات والشباب وذوي الإعاقة، تشارك بعدة منتجات مثل الإكسسوارات وأعمال البامبو والتطريز وتصنيع الأحذية من خيوط المكرمية وصناعة المنتجات الخشبية. تقول: "الحذاء المكرمية، وغطاء الأباجورة البامبو، أفكار رائدة وغير معروفة أو منتشرة، كما نوفر الخامات اللازمة، لإقامة ورش عمل يتدرب من خلالها الزوار، كيف يصنعونها بأنفسهم، فليس من المهم فقط شراء المنتجات، بل أن يشعروا بقيمتها وتفردها والفن الكامن بداخلها. وتضيف: "معظم الأحجار التي نستخدمها في الإكسسوارات صناعة مصرية، وبعض الأحجار نستوردها من الخارج، وأعتقد أن التوسع في تعليم الناس هذه الحرف التقليدية، يستطيع أن يوسع مجال عمل الأسر المنتجة، ويمكن أن يتحول كل بيت إلى وحدة إنتاجية مصغرة، وهذا ما جعل الصين تتحول إلى قوة عظمى، تغزو العالم بصناعاتها. والمعرض بالنسبة لي، يوفر فرصة جيدة للانفتاح على ثقافات جديدة، وعرض منتجاتنا وتسويقها على النطاق العربي". د. أكرم صلاح: صورة مصغرة من أسواقنا القديمة يأخذنا د.أكرم صلاح، في جولة بين جنبات المعرض، ويقول: يتزامن المعرض مع مهرجان السياحة والتسوق، ولكن ستمتد الفعاليات في خان مرجان، إلى نهاية إبريل، وبعد انتهائه سننظم آخر، لأننا نهدف أن يكون هذا المكان المميز واحداً، من أهم المزارات في دبي. ويضيف: أحلم أن يصبح السوق صورة مصغرة وراقية من الأسواق التراثية الشهيرة في عالمنا العربي، مثل خان الخليلي بالقاهرة، وأن يكون شبه متحف مفتوح للحرف اليدوية، يجمع أمهر الحرفيين العرب، لتقديم فنونهم، وإحياء التراث العربي في مكان آمن ومجهز، ويتسع للزوار في جو وديكور تراثي أصيل. ويحرص المعرض على انتقاء عارضيه في المهرجانات، فجميعهم مدربون ومتخصصون ومحترفون، يجمعون بين العلم والموهبة والقدرة على التعامل مع الجنسيات المختلفة من الزوار، ليكونوا سفراءً لفنون بلادهم، بحسب صلاح، الذي يشير إلى وجود عدد كبير من المصريات العارضات التي تحمل كل واحدة منهن روحاً مختلفة من فنون التراث اليدوية. إيمان سرحان: يحققرواجاًويفتح أسواقاً جديدة للحرف التقينا إحدى العارضات المنشغلات بالحفر على قطعة من الجلد الطبيعي وتشكيلها، بينما يوجد على مائدتها مجموعة من المشغولات الجلدية الرائعة التي قامت بتصنيعها، اسمها إيمان سرحان من مصر، حاصلة على بكالوريوس زراعة، ولكنها تقول عن نفسها إنها لم تجد نفسها في الوظيفة، ووجدت نفسها في الأعمال اليدوية والفنية، وتضيف: بدأ الأمر معي عندما كنت أساعد أبنائي في عمل المشاريع الفنية لهم بالمدرسة، وبعدها تخصصت في هذا المجال، الذي أعجبني جدا، ودرست عدة دورات بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ثم التحقت بورش عمل تابعة لوزارة الثقافة وكليات الفنون، حتى أصقل موهبتي وأبرع فيها، وشاركت بعدها في العديد من المعارض بمصر، وهذه هي المرة الثالثة التي أشارك فيها في معارض سوق خان مرجان بدبي، وهذه المعارض مفيدة على كل المستويات، فهي تحقق رواجاً وتفتح أسواقاً جديدة للصناعات الحرفية اليدوية حتى تحظى بالاهتمام الكافي. وتخرج إيمان من حقيبتها مجموعة من الخامات التي تستخدمها، وتبدأ في الشرح حول تفاصيل العمل الفني، الذي يرتبط بمعرفتها بخصائص الجلود وأنواعها وتقول: العمل يتم بالجلود الطبيعية سواء جلد الجاموس أو البقر أو الماعز أو الجمال أو الثعابين، وهي الأغلى بين الجلود، وغالباً يتم استيرادها من إفريقيا، حيث توجد الأنواع الفاخرة والكبيرة من الثعابين.

مشاركة :