تهدف الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتانياهو والتي تولت مهامها في كانون الأول/ديسمبر 2022 من خلال الإصلاحات إلى تقليص سلطات المحكمة العليا ومنح السياسيين سلطات أكبر في اختيار القضاة. وحذر محافظو بنك إسرائيل السابقون من أن هذه المقترحات يمكن أن توجه "ضربة قاسية لاقتصاد" الدولة العبرية التي تعتبر نفسها "دولة الشركات الناشئة". مؤخرا، كتب محافظا بنك إسرائيل السابقان كارنيت فلوغ وجاكوب فرنكل في صحيفة يديعوت أحرونوت قائلين إن الوضع "ما زال بعيدا عما وصل إليه في دول مثل المجر وبولندا، والوضع أفضل بكثير من تركيا". وأكدا على "أن من المهم أن نفهم أن هناك علاقة بين عمليات تبدو غير ذات صلة مثل قدرة القضاء على انتقاد الحكومة والثقة في الاقتصاد، وهذا يؤثر على الأداء الاقتصادي". يمثل قطاع التكنولوجيا الفائقة 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من نصف الصادرات. ولعبت شخصيات رئيسية في قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل دورا كبيرا في حركة الاحتجاج التي تشهد منذ شهرين مسيرات حاشدة في تل أبيب وعدة مدن أخرى. - فساد وانعدام اليقين - يرى بعض المحللين أن انعدام اليقين المتصل بالإصلاحات تسبب بشكل ما في تدهور الاقتصاد إذ انخفضت قيمة الشيكل الإسرائيلي بنسبة سبعة في المئة مقابل الدولار الأميركي منذ نهاية كانون الثاني/يناير. في 21 شباط/فبراير، شهد الشيكل تراجعا إضافيا بعدما صوت البرلمان بالقراءة الأولى على بندين من بنود مشروع القانون. هذا الأسبوع وصلت قيمة الشيكل مقابل الدولار إلى 3,67 وهو أدنى مستوى منذ أربع سنوات. أما بورصة تل أبيب فشهدت انخفاضا بلغ 5.7 ف المئة خلال الأسابيع الأربع الماضية. شارك العاملون في قطاع التكنولوجيا الفائقة في الاحتجاجات المستمرة منذ شهرين. ويؤمن هؤلاء أن قطاع عملهم سيعاني في حال فقدت الشركات الأجنبية الثقة في النظام القضائي والمبادئ الديموقراطية. بالنسبة لرائد أعمال التكنولوجيا الفائقة درور ساليع فإن التأثير ملموس فعلا. وأضاف ساليع الذي يعمل في المجال منذ 25 عاما "حتى الآن لا توجد أرقام تشير إلى انخفاض الاستثمار الأجنبي الذي يمثل ما بين 85 و90 في المئة من حجم الاستثمار في قطاع التكنولوجيا الفائقة". وأضاف "لكن لم أسمع عن شركة ناشئة نجحت في جمع الأموال في الوقت الحالي". وأضاف ساليع الذي شارك في الاحتجاجات كأحد قادة قطاع التكنولوجيا الفائقة "كل ما بنيناه خلال 20-30 سنة الماضية ينهار". من جهته، يوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة واريك البريطانية وجامعة رايخمان قرب تل أبيب عومر معاف أن "هناك صلة وثيقة ... بين النمو الاقتصادي والاستثمار من ناحية والنظام الديموقراطي من ناحية ثانية". وأضاف "عندما يضعف القضاء ويمكن أن تضع السلطة التنفيذية قواعد سير الأمور وفق تقديراتها، فهذا يفتح الباب أمام الفساد وانعدام اليقين وهما أمران من شأنهما تخويف المستثمرين والأسواق". الإصلاح ومحاكمة نتانياهو حذر ساليع من تنامي التأثير السلبي المتتالي في حال تبنى البرلمان الإصلاحات التي تناقش داخل أروقته وستمر بعدة مراحل. وقال "سيجعل ذلك الإسرائيليين العاملين في مجال التكنولوجيا الفائقة الذي يغادرون للعمل في الخارج لبضع سنوات أكثر ميلا لعدم العودة". وأضاف "سيفقد القطاع ميزته النسبية من حيث رأس المال البشري وهذا يغذي خسارة الاستثمارات". شهد قطاع التكنولوجيا نموا ملحوظا خلال فترة وجود نتانياهو في الحكومة السابقة ما بين 2009 و2021. ووفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن هيئة الابتكار الإسرائيلية، بلغت حصة القطاع من الصادرات الإسرائيلية في ذلك العام 54 في المئة أو 67 مليار دولار. ويربط بعض المعارضين مقترحات الإصلاح القضائي بمحاكمة نتانياهو المتهم بالفساد وهو ما ينفيه جملة وتفصيلا. ويتضمن برنامج الإصلاح القضائي بندا يسمح للبرلمان بإلغاء قرارات المحكمة العليا التي يعتبرها نتانياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف مسيسة. ونوّه معاف إلى أن نتانياهو عارض في العام 2019 الإصلاحات القضائية وكان ذلك قبل اتهامه بالفساد. وقال "يعرف نتانياهو جيدا التكلفة الاقتصادية للإصلاح القضائي، وهو مستعد لدفع الثمن للهرب من أزمته القانونية".
مشاركة :