الرئيس التونسي يشدد على المحاكمة العادلة لـ'المتآمرين' على أمن الدولة

  • 3/1/2023
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - جدّد الرئيس التونسي قيس سعيد تأكيده على محاسبة المتآمرين على الدولة، مشددا حرصه على أن تكون المحاكمات عادلة وذلك خلال لقائه اليوم الأربعاء ليلى جفال وزيرة العدل، فيما تتواصل الضغوط الداخلية والخارجية في محاولة لإثنائه عن تحقيق أهم مطالب مسار 25 يوليو/تموز المتمثل في كشف المظالم ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب ومحاكمة كلّ المسؤولين عن الإضرار بمصالح البلاد. وتحدث سعيد عن الدور الذي يضطلع به القضاة في هذا الظرف الذي تعيشه تونس، مشيرا إلى وجود قضاء شرفاء يحتكمون إلى القانون، مؤكدا على ضرورة ألاّ يفلت من المحاسبة من أجرموا في حق الشعب. وأكد أنه من دون قضاء عادل وناجز فإن الشعب لن يسترد حقوقه ولن يعرف الحقيقة التي نادى بكشفها، مشددا على أن الإجراءات وضعت لضمان المحاكمات العادلة، قائلا إن "من تآمروا على أمن الدولة الداخلي والخارجي لا يمكن أن يلعبوا دور الضحية". وتابع أن الضحية هو الشعب التونسي في قوته وصحته ومعاشه، لافتا إلى أنه من حقه أن يحاسب في إطار القانون كل من تآمر على دولته وسطا على حقوقه. وتشهد تونس منذ 11 فبراير/شباط الجاري حملة إيقافات واسعة طالت سياسيين وإعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال يشتبه في تورطهم في تهديد أمن الدولة، فيما أصدر قضاة التحقيق خلال الأيام الأخيرة بطاقات إيداع بالسجن بحق عدد من الشخصيات الموقوفة. ويأتي التصريح الجديد للرئيس سعيد عقب التحركات الأخيرة لجبهة الخلاص الوطني (الواجهة السياسية لحركة النهضة الإسلامية) وإعلانها عن قرارها باللجوء إلى المنظمات الدولية وإطلاق حملة تحسيس للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين. واعتبرت الجبهة أن الاعتقالات الأخيرة التي شهدتها البلاد وشملت عددا من الشخصيات تمت "عبر دوس القانون ومن خلال العنف ودون أذون قضائية". وأكدت أن "الاعتقالات تستهدف فقط الخصوم السياسيين وكبت صوت النقابيين المدافعين عن الطبقات الاجتماعية المتضررة من سوء إدارة الوضع العام من قبل الرئيس سعيد". وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي في تصريح سابق "رواية السلطة لم تصمد أمام الحقائق التي كشفتها المعارضة وعلى رأسها جبهة الخلاص والمنظمات المدنية وأثبتنا أن هذه الاعتقالات لم تستند إلى القانون بل اعتمدت دوس القانون فالعديد من البيوت وقع اقتحامها بالعنف وتعنيف الموجودين فيها". وأضاف "أن بطاقات الإيقاف التي زعمت السلطة الاستناد إليها من أجل جلب المعتقلين بالقوة هي مخالفة للقانون وصادرة من جهات ليس من صلاحياتها إيقاف المواطنين دون استدعائهم مسبقا والاستماع إليهم بحضور محاميهم". أما على الصعيد الخارجي فقد عبر الاتحاد الأوروبي عن انشغاله إزاء الإيقافات الأخيرة، مؤكدا على ضرورة أن تعمل مختلف القوى السياسية والمدنية معا من أجل مشروع مشترك ومتكامل للبلاد.  وأعرب المفوض السامي للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأربعاء عن الأمل في أن تتمكن السلطات التونسية من التوصل إلى الحلول المناسبة للعديد من التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجهها البلاد في لحظة دقيقة، معبرا عن "القلق الشديد إزاء تدهور الوضع الاقتصادي على وجه الخصوص وتأثيره على الجانب الاجتماعي". بدوره عبر مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فولكر تورك عن "قلقه من تفاقم القمع ضد أولئك الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون سياسيون ومنتمون إلى المجتمع المدني في تونس من خلال الإجراءات التي اتخذتها السلطات في مواصلة لتقويض استقلالية القضاء".  ودعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى "احترام معايير الإجراءات القانونية المحاكمة العادلة والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، بمن فيهم أي شخص محتجز على خلفية ممارسته لحريته في الرأي أو التعبير". ولئن يؤكد سعيد على استقلال المنظومة القضائية فإن المعارضة تتهمه باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لمسار 25 يوليو/تموز ولئن تعتبر إجراءاته تكريسا لحكم فردي مطلق، فإن قوى أخرى تراها تصحيحا لمسارة ثورة 2011. تونس - تعتزم جبهة الخلاص الوطني التي تضم قوى سياسية وشخصيات مستقلة معارضة للرئيس التونسي قيس سعيد ويعتبرها سياسيون واجهة لحركة النهضة الإسلامية، إطلاق حملة مساندة للموقوفين وبعض من قيادتها، على ذمة تحقيقات في شبهات تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، تشمل إجراء اتصالات مع منظمات دولية معنية بحقوق الانسان، في خطوة تعكس حالة من العجز والإرباك وتشير كذلك إلى نوع من الاستقواء بالجماعات الحقوقية الدولية التي ينظر في جانب من نشاطاتها بريبة وتعتبر عدد من الدول ممارساتها تدخلا في شؤون سيادية. وتسعى الجبهة إلى ممارسة ضغوط على سعيد بعد أن فشلت في السابق في تأليب الشارع على مسار 25 يوليو/تموز 2021 الذي عزل بموجبه منظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة الإسلامية وذلك عبر الحشد مجددا لمظاهرات محلية والاستعانة بمنظمات دولية، بينما يتعرض الرئيس التونسي لضغوط وتدخلات خارجية سبق أن أعلن رفضه لها بوصفها تدخلا في شؤون بلاده. وأعلن رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي اليوم الاثنين في مؤتمر صحفي العمل على تكوين شبكة للدفاع عن جميع الموقوفين واصفا إياهم بـ"المعتقلين السياسيين"، معتبرا أن حملة الاعتقالات تهدف إلى إلهاء التونسيين عن مختلف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعانون منها، بينما يؤكد سعيد "تورط" الموقوفين في التآمر على أمن الدولة، مذكّرا بأن لا أحد فوق المحاسبة ومتعهدا بتفكيك منظومة الفساد التي أنهكت الدولة وأثقلت كاهلها رغم كل الضغوطات التي يواجهها سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. وقال الشابي خلال مؤتمر صحفي للجبهة عقد بالعاصمة التونسية حول ما وصفه بـ"حملة الاعتقالات السياسية وتصاعد الأزمة في البلاد" أن شبكة الدفاع ستضطلع بدور اتصالي وتواصلي وحملة إعلامية لتحسيس الرأي العام في الداخل والخارج حول حقيقة الإيقافات في تونس ووضعية الموقوفين، إلى جانب الاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان حتى تدعم "نضالات" هذه الشبكة من أجل إطلاق سراح جميع الموقوفين.  وتابع "14 سياسيا صادرة في حقهم بطاقات إيداع بالسجن وأن 14 محاميا محالون على التحقيق كما أن 16 نقابيا محل تتبعات قضائية"، مضيفا أن "هذه الإيقافات متوقعة بما أن الحُكم الفردي لا يبسط نفوذه إلا بإسكات جميع المعارضين وكل نفس حر". وأشار إلى استنكار الاتحاد الأوروبي لمختلف الإيقافات التي وصفها بـ"الظالمة"، معتبرا أنها "حملات قمعية يقف وراءها رئيس الدولة" كما ذكّر بالمظاهرة السياسية التي سيتم تنظيمها يوم الأحد المقبل 5 مارس/آذار  بالعاصمة للمطالبة بإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين دون استثناء. بدورها قالت المحامية دليلة مصدّق إن ما يُعرف بملف التآمر على أمن الدولة لا يحمل أي مؤيدات، مؤكدة أن مختلف الوثائق هي عبارة عن نقل لمحادثات بين المتهمين على "الواتساب" وهي تطبيقة لتبادل الرسائل عبر الهواتف الجوالة. وذكرت أن مختلف الأسئلة التي تم توجيهها للموقوفين "تتعلق بأبسط الأمور اليومية وطبيعة العلاقات بينهم ولا تثبت ارتكاب جرائم بحق أمن الدولة"، مشيرة إلى أن الأبحاث في قضية التآمر على أمن الدولة انطلقت من وشاية قدمها شخصان مجهولان وهما بدورهما متوطان في قضايا تآمر على أمن الدولة. واستنكرت ما أسمتها عملية مغالطة الرأي العام وتجنّد فرقة مكافحة الإرهاب والأبحاث المالية والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب والقطب القضائي المالي وكذلك رئيس الدولة في سبيل تنفيذ هذه الإيقافات، مؤكدة أنها تتحدّى كل هذه الجهات من أجل تقديم دليل واحد أمام الرأي العام، يثبت عملية التآمر على أمن الدولة. بدورها قالت المحامية لمياء الخميرة وهي عضو بجبهة الخلاص والأمينة العامة لحراك تونس الإرادة إن ملف القضية قد تضمن أيضا أطرافا خارجية وجهات دبلوماسية، في إشارة إلى "سفراء حاليين وسابقين من 4 دول عظمى وقائم بأعمال ومستشار سياسي بإحدى السفارات الأجنبية وقع حشرها بالملف، بتعلة أنه تم الاتصال والتواصل بين تلك الأطراف والموقوفين". وكانت حركة "تونس إلى الأمام" قد أكدت تمسكها بالمحاسبة بعيدا عن كلّ أشكال التّمييز أو التحصّن بأيّ ذريعة كانت وباعتماد اَليات المحاكمات العادلة والقضاء المستقلّ. وذكرت في بيان لها اليوم الاثنين، عقب اجتماع أمانتها العامة، بأنّ مسار 25 جويلية انطلق بجملة من الأهداف المترابطة ومن أهمّها مكافحة الفساد المالي والإداري والكشف عن خيوط جرائم الاغتيالات السياسية والتّسفير وكافّة مظاهر العنف والإرهاب وقضاء مستقل، مشيرة إلى أن هذه الأهداف لن تتحقّق ما لم تقترن باَلية المحاسبة التي كانت مطلب غالبية الشّعب وكافّة القوى التقدمية. وتعكس تحركات جبهة الخلاص حالة الارتباك التي باتت تسيطر على المعارضة بعد أن اتسعت قائمة الموقوفين لتشمل شخصيات بارزة كانت تصنف بأنها "فوق المحاسبة"، في ظل الإصرار الذي أبداه سعيد على محاسبة كل من يثبت تورطه في تأجيج الأوضاع وضرب استقرار البلاد.  وتشن السلطات منذ 11 فبراير/شباط حملة اعتقالات واسعة شملت سياسيين وإعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال للاشتباه في تورطهم في تهديد أمن الدولة، فيما اتهم الرئيس سعيد بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة" وحمّلهم المسؤولية عن أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار. وأصدر قضاة التحقيق بطاقات إيداع بالسجن بحق عدد من الشخصيات الموقوفة في قضايا مختلفة، مع تأكيد سعيد على الشروع في محاسبة الفاسدين باعتبارها مطلبا شعبيا مع وضع حد للإفلات من العقاب..  

مشاركة :