دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في خطاب ألقاه داخل مجلس العموم أمس، النواب إلى «خوض المعركة معا» للحصول على الإصلاحات التي تسمح للمملكة المتحدة بالبقاء في الاتحاد الأوروبي، والتي ينتقدها بشدة الصحف والمشككون في جدوى الوحدة الأوروبية. وقال كاميرون غداة نشر الإصلاحات التي يدعمها المجلس الأوروبي: «إذا كنتم تريدون إنهاء العطاء بلا مقابل، وخروج بريطانيا من اتحاد أكثر ضيقا، وإذا كنتم تريدون مساواة بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منطقة اليورو، وإذا كنتم تريدون أوروبا أكثر قدرة على المنافسة، فلنخض هذه المعركة معا». وأضاف كاميرون، الذي يريد الدفاع عن الاتفاق التمهيدي الذي كشفه الاتحاد الأوروبي، أن «ساعة القرار تقترب». وأول من أمس كشف الاتحاد الأوروبي مقترحاته لتجنب خروج بريطانيا من الاتحاد، وطرح خصوصا إجراءا طارئا يسمح للمملكة المتحدة بوقف الإعانات الاجتماعية للمهاجرين، وضمانات بألا تتأثر أوساط المال البريطانية في حال تحسن اليورو. وكرر رئيس الوزراء البريطاني ترحيبه «بالتقدم الكبير الذي تحقق في طلباتنا الأربعة للإصلاح»، مؤكدا في الوقت نفسه أنه «ما زال هناك عمل طويل، ويجب أن نبرهن على تصميم وصبر» لإنجازه. من جهته، صرح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في البرلمان الأوروبي أمس أن مشروع الاتفاق «عادل لبريطانيا وعادل للدول الـ27 الأعضاء» في الاتحاد. وتحت ضغط المشككين في أوروبا داخل حزب الاستقلال (يوكيب)، والجناح المشكك في جدوى الانضمام للاتحاد الأوروبي داخل حزبه، تعهد رئيس الوزراء المحافظ الذي أعيد انتخابه في مايو (أيار) 2015 بتنظيم استفتاء، على الرغم من المجازفة بالتسبب بأزمة كبرى في اتحاد تهزه أصلا أزمة المهاجرين. وقال توسك، محذرًا من أن «الرهانات كبيرة جدا ولا شيء سهلا» في هذه القضية، بينما ينوي كاميرون تنظيم الاستفتاء الشعبي إذا تمكن من انتزاع اتفاق مع رؤساء الدول والحكومات في القمة، التي ستعقد في بروكسل في 18 و19 من فبراير (شباط) الحالي. وبوعده إجراء هذا الاستفتاء، الذي ينطوي على مجازفة كبيرة ويمكن أن يسبب زلزالا في الاتحاد، يأمل كاميرون في الحد من اندفاع حزب «يوكيب» الذي يقوده نايجل فاراج. لكن المشككين في جدوى الاتحاد انتقدوا كما كان متوقعا المقترحات الأوروبية، على غرار رئيس بلدية لندن المحافظ بوريس جونسون، الذي دعا إلى بذل «مزيد» من الجهود. أما فاراج فقد وصف من جهته الاتفاق المطروح بأنه «سيء». لكن في المقابل يبدو أن كاميرون تمكن من إقناع وزيرة الداخلية تيريزا ماي بمشروع الاتفاق، لكن أربعة وزراء آخرين في حكومته على الأرجح سيقودون حملات من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد. وتشير لهجة الاستياء التي تبنتها الصحف البريطانية إلى أن كاميرون سيخوض معركة صعبة، حيث كتبت صحيفة «ديلي ميل» بأنها «معجبة بكاميرون.. لكن بشأن أوروبا علينا أن نقول بصراحة إن عماه يقطع الأنفاس» بشأن هذا «الوهم الكبير»، الذي شكل عنوان صفحتها الأولى. أما صحيفة «تايمز» فقد كتبت أنه «يجب أن يكون الأمر إصلاحا جذريا للعلاقات مع اتحاد أوروبي يكون أكثر عقلانية وأكثر مسؤولية»، مشيرة إلى أن «كاميرون اكتفى على ما يبدو بما يريد اتحاد من دون إصلاح منحة له ليبقى». ووحدها صحيفة «فايننشيال تايمز»، التي دافعت عن رئيس الوزراء البريطاني، وكتبت أن «أداءه كان أفضل مما كان متوقعا في عملية إعادة التفاوض هذه». وفي أول رد فعل من جانب أميركا التي تؤيد بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني أن الولايات المتحدة تؤيد «مملكة متحدة قوية داخل اتحاد أوروبي قوي»، وفق ما أعلن البيت الأبيض. وأوضح البيت الأبيض في بيان أن كاميرون أطلع أوباما على سير المفاوضات بينه وبين قادة الاتحاد الأوروبي، والرامية إلى «إصلاح» مكانة بلاده داخل الكتلة الأوروبية. وأضاف البيان أن «الرئيس جدد التأكيد على دعم الولايات المتحدة المستمر لمملكة متحدة قوية داخل اتحاد أوروبي قوي». كما صدر أول رد فعل من رئيس الوزراء الليبرالي الدنماركي لارس لوكي راسموسن، الذي سيزوره كاميرون غدا الجمعة، معتبرًا أن رسالة توسك تشكل «أساسا جيدا لإجراء مفاوضات». وسيزور كاميرون وارسو في اليوم نفسه.
مشاركة :