من واقع خبرتنا التي تمتد إلى عقود في العمل في الدول المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف، فإننا في البنك الدولي نعلم أن الحد من خسائر رأس المال البشري وتدعيم قدرات الحكومة الأوكرانية على التخطيط والتنفيذ، أمر بالغ الأهمية لنجاح جهود الإغاثة والإصلاح. كما أنه سيسهل المهمة الهائلة المتمثلة في إعادة إعمار البلاد واقتصادها بعد أن تضع الحرب أوزارها. تحتاج البلاد إلى مواصلة إجراء إصلاحات طارئة للطرق والجسور والمستشفيات ومحطات الكهرباء وشبكات توزيع الطاقة، لتحسين الأحوال المعيشية لمواطنيها المحاصرين والحفاظ على استمرار أنشطة التجارة والنشاط الاقتصادي. وبالعمل مع حكومة أوكرانيا، حدد البنك الدولي مشاريع ذات أولوية تحتاج إلى اتخاذ إجراءات فورية بغرض إصلاح البنية التحتية المتضررة، ومن ثم أطلق الصندوق الاستئماني للإغاثة والتعافي وإعادة الإعمار والإصلاح في أوكرانيا لتوجيه المنح المقدمة من المانحين الدوليين، وذلك من خلال آليات التحويلات السريعة، مع وجود رقابة قوية لضمان تخصيص الأموال واستخدامها بفاعلية. ليس على أوكرانيا أن تنتظر حتى انتهاء الحرب، إذ إنها بحاجة أيضا إلى البدء في الاستعداد لعملية إعادة الإعمار الشاملة القادرة على الصمود، وهي مهمة هائلة ستستغرق وقتا وتتطلب كثيرا من المساندة الدولية. ويمكن للبنك الدولي، بفضل خبرته الواسعة في مجال إعادة الإعمار والتجارب من مختلف أنحاء العالم، تقديم المساعدة الفنية والمشورة بشأن السياسات لتشجيع الإصلاحات، بما في ذلك الأنشطة المتعلقة بمكافحة تغير المناخ، وهو ما سيساعد أوكرانيا على رسم مستقبل مستدام وتحقيق هدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. كما أن المنظمتين الشقيقتين للبنك الدولي، وهما مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار، في وضع جيد للغاية يتيح لهما مساندة المشاركة التي تشتد الحاجة إليها من جانب القطاع الخاص الدولي والمحلي في تحقيق التعافي وإعادة الإعمار. وقد أحدثت المساندة التي قدمتها مؤسسة التمويل الدولية والوكالة الدولية لضمان الاستثمار حتى الآن تأثيرا محفزا بالفعل. دعونا لا ننسى أن المساندة المقدمة لأوكرانيا ليست استثمارا في مستقبل البلاد فحسب، بل تعزز أيضا أحد الاقتصادات العالمية الهشة. وفي الوقت الذي تواجه فيه الدول في مختلف أنحاء العالم مصاعب في سبيلها للتعافي من جائحة فيروس كورونا كوفيد- 19، أدت الحرب، التي تسببت في معاناة لا يمكن تصورها في أوكرانيا نفسها، إلى ارتفاع أسعار الطاقة ارتفاعا حادا ونقص الإمدادات الغذائية، اللذين يؤثران في حياة ملايين الناس خارج حدود البلاد. ومع دخول الحرب عامها الثاني، يحدونا الأمل في أن يعود السلام قريبا. إن إعادة إعمار أوكرانيا ستستغرق أعواما عديدة، ومن ثم يتطلب ذلك مساعدتنا الجماعية المستمرة. وسيواصل البنك الدولي التعاون مع حكومة أوكرانيا والمساعدة على تلبية احتياجات البلاد قصيرة وطويلة الأجل بفضل إسهامات وتبرعات المانحين والعمل مع الشركاء. من خلال العمل معا والاستفادة من قوة التعاون يمكن للمجتمع الدولي أن يعظم منافع المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا. علاوة على ذلك، فإن مساعدة حكومة أوكرانيا على التخفيف من آثار الحرب وإعداد البلاد لمستقبل مستدام يسوده السلام، ستصب أيضا في مصلحة الاقتصاد العالمي.
مشاركة :