العقبة الرئيسة التي تعيق إجراء إصلاحات أعمق هي الإدارة غير الفعالة للبنك الدولي. تهيمن مجموعة صغيرة من الدول غير المقترضة بقيادة الولايات المتحدة على عملية صنع القرار في البنك، ولقد أصبحت هذه الحكومات تنظر إلى البنك على أنه مشكلة وليس أداة قوية للغاية للتنمية المستدامة، كما يجب أن يكون عليه الحال. عندما تنشأ أي بادرة لعمل إصلاح يمكن أن ينظر إليه على أنه يضعف المعايير، يمارس ممثلو الكونجرس الأمريكي والمشرعون الآخرون في مجموعة السبع الكبار، وبتشجيع من مجموعات المجتمع المدني، ضغوطا لإضعاف تلك المبادرة أو حتى منعها. هذا بالضبط ما حدث عندما حاول البنك الدولي إصلاح سياساته المتعلقة بالضمانات. لقد تسببت المقترحات الأولية لعمل تبسيط محدود للضمانات في احتجاجات كبيرة من مجموعات المجتمع المدني، وبعد أربعة أعوام من المشاورات والمراجعات التي لا تنتهي، تمت الموافقة أخيرا على سياسة جديدة عام 2016 بعد أن شعر الجميع بالإنهاك من تلك العملية، وليس دليلا على الإجماع. لكن الإطار الجديد لم يرض أحدا ولن يتم تنفيذه بالكامل حتى عام 2025، أي بعد 15 عاما تقريبا من بدء المناقشات، حيث يعد ذلك مثالا حيا على التصلب المؤسسي. إن المساهمين الرئيسين للبنك الدولي يجب أن يتعاملوا بجدية مع موضوع إصلاح طريقة تعامل المؤسسة مع الدول التي تتعامل معها. لو استخدمت الدول المتقدمة قوتها التصويتية في إعطاء الأولوية لمخاوفها المحلية السياسية/الاقتصادية مقارنة بفعالية البنك في الدول النامية، فسيكون الجميع في وضع أسوأ. إن من الأمور التي قد تساعد في هذا الخصوص هو عمل تغييرات حيوية للغاية. بادئ ذي بدء، فإن تبني نهج قائم على المخاطر لمراجعة المشروع وعلى نطاق واسع من شأنه أن يسرع بشكل كبير من عمليات البنك الدولي. إن تنفيذ المراجعة المتعلقة نفسها بالضمانات لمشاريع متعددة في البلد أو القطاع نفسه، وزيادة الاستفادة من الأطر المحلية القوية في بعض الدول المقترضة، يمكن أن يبسط الأمور، كما يمكن أن يؤدي نقل سلطة الموافقة على القروض إلى رئيس البنك أو حتى نواب الرئيس الإقليميين مع إطار مساءلة واضح إلى زيادة تبسيط عملية الموافقة على القروض. يمكن تجريب هذه الإصلاحات في الدول ذات الدخل المتوسط، حيث من المرجح أن تكون الأطر والمعايير القانونية مقبولة أكثر، وذلك قبل تنفيذها على نطاق واسع. ينبغي تشجيع موظفي البنك الدولي وكثير منهم من بين أكثر خبراء التنمية خبرة على هذا الكوكب على الابتكار في عملهم واتخاذ مخاطر محسوبة. إن التنمية معقدة بطبيعتها وحصول مشكلات هو أمر حتمي. إن محاولة البنك الدولي تجنب تلك المشكلات هي محاولة عبثية، وقد أصبح البنك نتيجة لذلك مفرطا في البيروقراطية وبطيئا بشكل يبعث على الإحباط وأقل فاعلية. وإلى أن تواجه الحكومات المساهمة في البنك هذا الواقع، سيظل البنك يدور في حلقة مفرغة بمقره في واشنطن مع عدم قدرته على التعامل مع الاقتصادات الناشئة والنامية الذي تم إنشاؤه من أجل مساعدتها. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.
مشاركة :