القاهرة - سامية سيد - تغمرني السعادة دائما كلما سمعت عن عرض استعراضي غنائي يعرض في أي مسرح لأن هذا النوع من المسرح كاد أن يختفي لولا محاولات الدكتور عادل عبده وآخرين في تقديمه، فقد قدم عادل عبده كمخرجا ومنتجا عدد من العروض المسرحية الغنائية منها سيرة حب وزقاق المدق وألمظ وعبده الحامولي وغيرها من العروض التي كانت نواة لعودة هذا المسرح بعد غياب . علي مسرح البالون حاليا يعرض مسرحية " شفيقة المصرية " التي كتبها مصطفي سليم ، وهي آخر ما كتبه قبل الرحيل المفاجئ ، وشئت أم أبيت وأنت تشاهد العمل المسرحي الذي يقدمه مسرح البالون من إخراج محمد صابر ستقارن بين الفيلم والمسرحية خاصة أن هذا الفيلم يعرض كثيرا عبر الفضائيات ، وحقق نجاحا كبيرا وقت عرضه، إضافة لكونه من أهم أفلام نجمة الإغراء هند رستم . لكن استطاع صناع العرض أن يقدموا رؤية بعيدة إلي حد ما عن الفيلم ، رؤية تركز أكثر علي مفهوم الحرية ومأساوية الحب من خلال الأحداث التي صاغها الراحل مصطفي سليم لشفيقة القبطية أشهر راقصات مصر في أوائل القرن العشرين، ويركز العمل المسرحي علي معاناة شفيقة النفسية راصدا التناقضات الاجتماعية التي كانت سائدة في هذه الحقبة الزمنية . أفضل ما في العرض هو الأغاني التي صاغها شاعرنا الكبير جمال بخيت بألحان الموسيقار صلاح الشرنوبي ، وأيضا الاستعراضات التي تقدمها بطلة العمل المسرحي الفنانة دعاء سلام راقصة فرقة رضا الأولى، فهي تمتلك حضورا علي المسرح ومتمكنة من أدواتها وتمثل بإحساس صادق واستطاعت أن تنجح في التحدي وتخرج من المقارنة بينها وبين الرائعة هند رستم ، واختيارها كان في محله في اكتشاف جديد يحسب للمخرج محمد صابر ، أما الفنان مجدي فكري فهو ممثل مسرحي مخضرم يمتلك الموهبة ولكني لدي تحفظ علي اختياره في دور الباشا راغب فقد اجتهد خاصة أنه لم يكن المرشح الأول للدور ولكنه جاء في اللحظات الأخيرة للعرض بعد اعتذار ممثل آخر، لكن الدور بعيد شكلا وموضوعا عن الأدوار التي نحبها للفنان مجدي فكري ، ولكن برغم ذلك حاول واجتهد في تقديم درجة التناقض في شخصية راغب . تقدم الفنانة علا رامي شخصية الراقصة شوق برشاقة وخفة ظل ، أما الفنانة منة جلال فنراها في شخصية " جمالات " لتقدم لنا الشر والحقد والغل تجاه شفيقة ونجحت بالفعل في أن تجعلنا نكرهها، وتمتلك أيضا كاريزما وحضور مسرحي، وقد فرحت كثيرا بمشاهدة الفنان علاء عوض علي المسرح في دور سكرتير الباشا راغب، ومن المتميزات أيضا الفنانة أسماء الباجوري التي تقدم شخصية " نجفة " ببراعة الممثلة المحترفة وتمتلك أيضا الكثير من الحضور علي المسرح ، أما النجم فادي خفاجة فهو موهوب منذ طفولته ولكنه هنا في هذا العمل المسرحي اراه بشكل مختلف فقد نضج فنيا ويستحق أدوارا أكثر ووجودا أكبر في الدراما التليفزيونية والسينما بجانب المسرح أيضا، وأخيرا وائل علاء فهو طاقة كوميدية علي المسرح لكنه لم يتم استغلاله جيدا في هذا العمل . لم يدهشني ولا يبهرني الديكور الذي صممه حازم شبل وكنت أتوقع منه إبهارا اكثر من ذلك في هذا العرض الاستعراضي الغنائي فلم يكن هناك أي طابع جمالي أو إبداعي، وربما كانت المادة الفيلمية ضياء داوود بها الكثير من الذكاء في اختيارها وفي مونتاجها ، وبقية عناصر العمل كانت متميزة ومنها الإضاءة لإبراهيم الفرن، والعرض من إخراج محمد صابر الذي يغامر بتقديم تلك التجربة شديدة الصعوبة ولكنها تحسب له كخطوة لعودة المسرح الاستعراضي الغنائي، ولذلك فشفيقة المصرية "تكسب" ، وافصد هنا أنها تكسب جمهور جديد وطرح جديد ونجوم جدد ومواهب يقدمها العرض مع نجوم آخرين مخضرمين .
مشاركة :