تباينت آراء المواطنين واختلفت وجهات نظرهم حول مستوى الطموحات والتطلعات السنوية لميزانية الدولة، في حين يكون سقف تلك الطموحات عالياً، ويصل إلى حد المبالغة عند البعض، إلاّ أنّه في المقابل هنالك الكثير من الآراء التي يتسم طرحها بالعقلانية ولا يرتفع سقف مطالبها كثيراً، وتظل موضوعية، فيما أبدى البعض من المواطنين اعتراضهم على من يرى مراجعة سقف الطموح والتوقعات، والبعض الآخر الذي يرى ترشيد الطموح والنظرة الواقعية لتلك الميزانية، مع عدم إغفال حق أي مواطن في التطلع إلى تحقيق أمنياته وطموحاته، ولم تغفل تعليقات وآراء المواطنين تذبذب أسعار النفط، واعتماد المملكة على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وما تستقطعه الرواتب والأجور والبدلات من الميزانية. طموحات القيادة ورأى "طارق مكي" أنّ المملكة تعيش ميزانيات استثنائية قياساً إلى الدخول العالية التي تحقق معها فائض كبير في الميزانية؛ مما يرفع معه سقف الطموحات والتطلعات إلى أن تحقق هذه الميزانيات متطلبات المواطنين، مؤكّداً على أنّ ما نعيشه من وفرة يجب أن يستغل لتحقيق كل طموحات المواطنين، مضيفاً: "طموحاتنا لا يجب ألا تقل عن مستوى طموحات مليكنا الذي يكشف دائماً عن حرصه على رفاهية ورقي الخدمات المقدمة لنا"، مستشهداً بعبارة خادم الحرمين الشهيرة: "دامكم بخير أنا بخير" وأشار إلى ضرورة استغلال الوفرة الحالية وتوجيهها لمشروعات معمرة، واستثمارها فيما يعود بالنفع على الوطن والمواطن، مبدياً اعتراضه على من يرى خفض سقف المطالبات من الميزانية، مبيّناً أنّ ذلك يمكن القبول به متى ما قلّت الإيرادات وتقلصت معها الموازنات، مؤكّداً على أنّ المواطنين كافة سيتفاعلون ويقدرون مثل ذلك الوضع -الذي لا نتمناه أبداً-. مدفوعات تحويلية واعتبر "محمد القثامي" أنّ الإشكالية ليست في سقف الطموحات، لكنها في عدم الاستغلال الأمثل لتلك الميزانيات الضخمة، حين تصرف مبالغ كبيرة في الإنفاق الذي يسميه الاقتصاديون "الاستهلاك الحكومي والنفقات الاستثمارية"، مثل: الاستثمار في البنية التحتية والمدفوعات التحويلية، بينما المشروعات في البنية التحتية لم تستكمل، مبيّناً أنّ بعض الجهات الحكومية تضخ أموالاً في أوجه صرف يمكن توجيهها في جانب أكثر فائدة، كالمباني المستأجرة، حيث يتم استئجار مبانٍ بمبالغ ضخمة في المدن الرئيسة، بينما لو وجهت تلك المبالغ لبناء مقرات دائمة لتحقق وفرة كبيرة، لافتاً إلى أنّ هناك العديد من المقترحات والبدائل التي يمكن اللجوء لها في إقرار الميزانيات؛ لضمان عدم المبالغة في حجم الاستهلاك، وبالتالي استيعاب كافة طموحات المواطنين. وطالب بالاستعانة ببيوت الخبرة لدراسة الفاقد من الميزانية، مثل المشروعات المتعثرة التي وصل حجم التقديرات لها إلى (30%) من حجم المشروعات، مناشداً أصحاب القرار توجيه استثمارات الدولة الخارجية إلى الداخل في مشروعات البنية التحتية، من دون مزاحمة الاستثمار المحلي أو التسبب في التضخم، والتخلص من عيوب الاعتماد بالمدفوعات بالدولار، واعتماد الخصخصة لقطاعات المياه الكهرباء، كما يجري حالياً في بعض محطات تحلية المياه والمدن الاقتصادية؛ مما يقضي على الفساد، مبيّناً أنّ الحلول كثيرة متى ما وجدت الإرادة، حيث تساهم في توفير كبير بالميزانية، وتخلق فرصاً مهنية تحد من البطالة وتحقق تطلعات ورفاهية المواطنين. طموحات الشباب: واعترف "معتز الثقفي" بمبالغة البعض في التطلعات نحو ميزانية تريلونية تحيل الصحراء المترامية الأطراف إلى مدن عصرية بها كل مقومات الحياة، معيداً رفع سقف طموحاتهم إلى حرص القيادة على تحقيقها، لافتاً إلى أنّ تلك الطموحات في غالبها واقعية ومنطقية؛ قياساً إلى ما تنعم به المملكة من وفر واستقرار ومكانة، متمنياً أن تعي جهات التخطيط في الدولة حجم الآمال التي يعقدها الشباب على تلك الميزانيات، ليس أقلها تأمين فرص عمل فقط، بل جل ما يطمح له الشباب هو التخطيط المثالي لضمان استقرار المواطن والوطن، مبيّناً أنّ الجانب الأهم من التطلعات هو وجود مؤشرات تكشف عن تغيير في الفكر والأسلوب لتلبي الميزانيات تطلعات المواطنين قبل الحديث عن الأرقام، مطالباً بإشراك فئات المجتمع في إعداد تصور للميزانية. مرحلة ذهبية وناشدت "فدوى الطيار" ولاة الأمر باستثمار المرحلة الذهبية التي نعيشها لبناء مستقبل يليق بهذا الوطن، ويضمن حياة كريمة لأبنائنا، منتقدةً الطموحات المبالغ فيها، مشددةً على ضرورة مخاطبة الرأي العام بلغة تحمل في ثناياها الصدق، وتكشف الحقائق، وتوضح وتجيب على كل التساؤلات، متمنيةً أن يأتي اليوم الذي تجد فيه كل تلك التطلعات قد أصبحت واقعاً، وبالتالي ينخفض سقف الطموحات إلى المستوى الذي يكون فيه دون الميزانية المرصودة، حتى لا يكون في ذلك أي عبء أو عجز، موضحةً أنّ التحديات كبيرة والميزانية لا تتوقف على التطلعات، وإنما تمتد إلى متطلبات ضرورية ومشروعات تنموية؛ لذلك يجب مراجعة الخطوات، والبدء بالأهم وهو بناء مستقبل الأجيال، وزيادة الصرف على تأهيل العنصر البشري. واتفقت معها "فوزية عبدالله"؛ مشددةً على ضرورة المراجعة لأوجه الصرف الحكومي، وترشيد الإنفاق، ومعالجة الهدر، وتقليص الفاقد في مقابل الإفادة من فائض الميزانية في دعم الشباب، وطرح مشروعات تستوعب وتوظف الشباب، مطالبةً بتمكين المرأة من الفرص الوظيفية التي تتناسب مع طبيعتها، وتخفيض نسب البطالة بين الفتيات، وترجمة حرص القيادة على رفاه المواطنين. غياب المعلومة وبيّن "د.محمد بن هيجان" -عضو مجلس الشورى- أنّ الميزانية لا تخضع للتوقعات، فهناك لجان في وزارة المالية وخبراء يعكفون على دراسة ما يردهم من الأجهزة التنفيذية، ممثلة في الوزارات والجهات الحكومية، وإمارات المناطق، وعلى ضوئها تقر الميزانية،لافتاً إلى افتقاد المواطن الكثير من المعلومات عن الميزانية، وعدم الإلمام بأبوابها، وأوجه الصرف، وما يستقطعه الباب الأول: المخصص لرواتب موظفي الدولة، والبدلات، والأجور، حيث تستقطع قرابة ال(30%)، فيما تذهب باقي الموازنة للأبواب الثلاثة الأخرى: ما يتعلق بالمصروفات العامة، والصيانة، والتشغيل، والمشروعات الجديدة، موضحاً أنّ هذا الأمر جعل من سقف الطموحات عالياً، بل إنّه يكاد يكون مبالغاً فيه، منوهاً بأنّ عدة إشكالات أسهمت في تكوين مثل تلك القناعات لدى المواطن، تعود في الغالب لغياب المعلومة. تفكير في البدائل ولفت "د.الهيجان" إلى ضرورة مراجعة مصادر الدخل، وتوفير بدائل خلاف الاعتماد على الميزانية كمصدر توظيف ودخل للمواطن، منوهاً بضعف النشاط الاقتصادي في القطاع غير الحكومي، خاصةً قطاع المنشآت الصغيرة التي تصل نسبتها في قطاع الأعمال إلى (80%) ومع ذلك نجدها غير فاعلة نتيجة خلل كبير في ذلك القطاع، مطالباً الوزارات المعنية بمعالجة الخلل في ذلك القطاع الذي سينتج عنه وفرة كبيرة في فرص العمل للشباب، وبالتالي يخف الضغط على الباب الأول، كذلك سوف يسهم ذلك في تقليص حجم التحويلات للخارج، لافتاً إلى إشكالية الاعتماد على مصدر واحد للدخل والمعوقات التي قد تنشأ مستقبلاً، موضحاً أنّ هناك محاولات كثيرة وجادة تجري لتنويع مصارد الدخل، لكن سهولة الحصول على مداخيل النفط قد تؤثر في التفكير في البدائل. برامج تنموية وأكّد "د.الهيجان" على وجود إشكالات تنظيمية في تشكيل اللجان والعمل الصوري المتنامي، مشيراً إلى جانب مهم -في نظره- قد يغفل عنه الكثير؛ وهو اهتمام القيادة بدعم البرامج التنموية خارج الميزانية العامة، وتوجيه فائض الميزانية إلى دعم قطاعات التعليم، والصحة، والقضاء، والشؤون الاجتماعية، والإسكان، في رغبة جادة لتحقيق الرفاه للمواطنين وتوفير حياة كريمة.
مشاركة :