رغم اشتداد ضراوة المعارك في الحرب الروسية الأوكرانية؛ وسقوط بلدة باخموت أو بلدة الصمود كما يحب أن يسميها الأوكرانيون؛ إلا أن العالم هذه الأيام يراقب بحذر شديد التطورات الحاصلة على ساحة الشرق الأوسط وتحديدا في منطقة الخليج العربي، فالتوتر وخطوط التماس بدأت تأخذ منحنى تصاعديا جديدا بلغ حدا حساسا بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وإيران من جهة أخرى، فإيران وميليشياتها تصعد بشكل خطير فوق بحيرة نفط العالم أن صح التعبير، مما يجعل المنطقة تسبح على بحر من البارود.إيران وتحت نظر الأمريكان استمرت في تطوير مشروع الصواريخ طويلة المدى، وتزود زوارقها البحرية بصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، وتهدد بأن ميليشياتها تملك صواريخ باليستية موجهه لقواعد أمريكية أو لدول حليفة، إلا أنها تجاوزت حدود المسموح به عندما أغضبت دول حلف الناتو بالتحالف والدعم المباشر بالصواريخ والمسيرات لعدوهم الحالي روسيا؛ وما أن بدأ يهدأ ضجيجهم حتى أعلنت وكالة الطاقة النووية أن إيران تواصل عملية تخصيب اليورانيوم إلى نسب قد تمكنها من صنع قنابل نووية؛ كل ذلك من وجهة نظري لم يكن عبثيا أبدا، بل يثبت أن إيران تريد أن تدفع الشرق الأوسط إلى فوضى لا حدود لها، أو تدفعها إلى حرب مدمرة من خلال التماس المباشر أو غير المباشر الذي يفرز توترات غير مسبوقة في المنطقة، وهذا هو سبب الاستنفار الأمريكي الاستثنائي، فالقطع الحربية الأمريكية ستعود إلى الخليج العربي من جديد، وتحليق المقاتلات الاستراتيجية سيتكرر مشاهدتها، وهذا كلة ليس حبا في تأمين دول المنطقة؛ بل للحفاظ على مصالحها التي يمثل أمن الكيان الصهيوني (إسرائيل) في قائمة أولوياتها، فالولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بامتلاك ملالي طهران للسلاح النووي على حساب إبقاء كفة التفوق العسكري لصالح إسرائيل؛ برغم كل صفقات الود التي يقدمها نظام طهران للأمريكان إلا أنها تأتي من باب الضرورة التي فرضها سلوك إيران العدواني.وبما أن طهران لا تفهم إلا بلغة القوة، فإن الرسالة الأقوى التي تأتي من التحركات الأمريكية التي كان آخرها الجولة المكوكية لوزير دفاعها في المنطقة هي أن إيران لن تستطيع كسر قواعد اللعبة التي بنتها واشنطن في الشرق الأوسط، وبطبع إيران تجاوزت الخطوط الحمراء فلا بد من إعادتها لحجمها الحقيقي لتستمر في تأدية الدور المطلوب منها.القيادة السعودية ولله الحمد؛ مدركة تماما لكل هذه التطورات وتتعامل بدبلوماسية عالية مع كافة المتغيرات على مسرح أحداث الشرق الأوسط؛ بحيث تضمن حماية واستقرار مواطنيها، وعدم تأثرها بالتوترات التي تدفع إليها إيران، وفي الوقت نفسه تبحث عما يردع طهران ويوقف مشاريعها النووية الخطيرة، ويمنع توسع فكرها الأيديولوجي المتطرف، وثنيها عن إطلاق يد وكلائها للعبث في العراق وسوريا ولبنان واليمن، دون جر المنطقة إلى حرب جديدة تعطل عجلة التنمية وتعصف بخطط التنمية التي بدأت تورق أشجارها.أما طهران فمخطئة إن توهمت قدرتها على النجاة من هذه الأزمة بتوسيع دائرة أزمتها على دول الجوار المتضررة من سياساتها، لأن هذا يعني هلاكها، والحرب ليست بمن يعلنها، بل بمن ينهيها منتصرا، وهذا لن يكون إلا لمن يستطيع دفع فواتيرها، وهي فواتير باهظة الثمن.[email protected]
مشاركة :