طهران - لا تزال قضية تسميم التلميذات التي تفجّرت مؤخرا في إيران تثير الغموض والإرباك بعد تسجيل حالات جديدة اليوم الأحد، ما أدى إلى تصاعد الغضب في البلاد خاصة في صفوف أولياء الفتيات، فيما يتواصل عجز النظام الإيراني عن تفكيك هذا اللغز مقدّما على لسان مسؤوليه روايات متناقضة. وتروّج طهران لنظرية المؤامرة باتهامها أعداء أجانب للبلاد بالوقوف وراء هجمات تسميم الفتيات، وسط شكوك قوية تحوم حول تورط النظام الإيراني في هذه الحوادث بهدف الانتقام من الشابات والمرأة على وجه الخصوص بعد الدور البارز الذي لعبته في الاحتجاجات التي تعصف بالبلاد منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي. وتم الإبلاغ عن تسمم عدد من الطالبات في مدرستين ثانويتين للبنات في أبهار (غرب) والأهواز (جنوب غرب) وفي مدرسة ابتدائية كذلك في زنجان (غرب)، حسبما نقلت وكالة الانباء "إسنا" عن مسؤولين صحيين محليين، كما طالت حالات التسمم تلميذات في مدارس مدينة مشهد المقدسة (شمال شرق) وشيراز (جنوب) وأصفهان (وسط)، بحسب وكالتي الأنباء "مهر" و"إيلنا". وتعرضت مئات التلميذات لتسمم بالغاز في عشرات من مراكز التعليم خلال الأشهر الثلاثة الفائتة، وفقًا للأرقام الرسمية. وتحدث وزير الداخلية أحمد وحيدي في بيان نشر مساء السبت عن اكتشاف عينات مشبوهة خلال البحث الميداني، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. وطالب الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الجمعة وزارتي الداخلية والاستخبارات بـ"إفشال مؤامرة العدو الهادفة إلى بث الخوف واليأس بين السكان". وردا على سؤال لوكالة الأنباء فارس، اتهم نائب وزير الداخلية ماجد مرحمدي ما أسماهم "مسببي حالات تسمم الفتيات" بالرغبة في إغلاق المدارس وإلقاء اللوم على النظام من أجل إحياء أعمال الشغب الخامدة. ويشير المسؤول بذلك إلى حركة الاحتجاج التي اندلعت في إيران منذ وفاة الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر/أيلول، بعد أيام على اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في البلاد. واعتبر مرحمدي أن نسبة ضئيلة من حالات التسمم ناجمة عن أفعال متعمدة لكن قسمًا كبيرًا من التلميذات عانين من مضاعفات بسبب القلق والتوتر. وقال مسؤول في وزارة الصحة الأسبوع الماضي إن بعض الافراد يسعون عبر ذلك الى إغلاق كل المدارس، خصوصا مدارس الفتيات. لكن لم يردد مسؤولون آخرون مواقف مماثلة، فيما أثارت القضية الغامضة قلق أهالي التلميذات مطالبين السلطات بإيجاد الفاعلين. ونظم العديد من أولياء التلميذات في منتصف فبراير/شباط الماضي أمام مكتب المحافظ في قم مظاهرة أكدوا خلالها أن الحكومة مطالبة بحماية بناتهم، معتبرين أن الحل الوحيد الذي بقي أمامهم هو عدم إرسال أطفالهم إلى المدرسة. ويتهم نشطاء المتعصبين الكارهين للنساء بالوقوف وراء هذه الهجمات، في إطار مخطط يهدف إلى الانتقام من النساء اللواتي تمردن على الضوابط الدينية المشددة وقيام بعضهن بخلع الحجاب في حركة تضامنية مع الشابة مهسا أميني التي فجّرت أعنف احتجاجات تشهدها إيران. وتتعمق المخاوف من أن تكون عمليات تسميم التلميذات مقدمة لغلق الباب أمام تعليم الفتيات، في وقت لا تخفى فيه مساعي النظام لمنعهن من الالتقاء أو الاختلاط والدفع إلى الاقتصار على التعليم عبر الإنترنت، في حين أكد العديد من الآباء عدم رغبتهم في المغامرة بإرسال بناتهم إلى المدارس في هذا الظرف.
مشاركة :