إيقافات في قضية تسميم التلميذات بإيران لإطفاء الغضب الشعبي

  • 3/7/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

 طهران - أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية اليوم الثلاثاء أولى الإيقافات المرتبطة بحالات التسميم التي طالت آلاف التلميذات منذ ثلاثة أشهر في محاولة لإطفاء حالة الغضب الشعبي إزاء هذه الهجمات، وسط مخاوف من مخطط يهدف إلى غلق المدارس وإلزام الفتيات بالبقاء في البيوت وبالتالي منعهن من الالتقاء وقطع الطريق أمام أي محاولات لإحياء الاحتجاجات التي لعبت فيها المرأة دورا مفصليا، فيما سادت حالة من الارتباك في صفوف النظام الإيراني الذي عجز عن تفكيك لغز القضية الغامضة، متخفيا وراء سيناريو المؤامرة باتهامه أعداء طهران بالوقوف وراء هذه الحوادث. وقال ماجد مير أحمدي نائب وزير الداخلية للتلفزيون الرسمي "أوقف العديد من الأشخاص في خمس محافظات والأجهزة تواصل تحقيقاتها"، بينما لم يذكر تفاصيل عن هويتهم ولا عن ظروف اعتقالهم أو مدى تورطهم في الهجمات التي أشعلت غضب أهالي التلميذات، محملين السلطات مسؤولية حماية بناتهم ومطالبينها بالتحرك. بدوره أفاد محمد حسن أصفري عضو لجنة التحقيق البرلمانية المكلّفة التحقيق في حالات التسميم بأنه في المجموع تضررت أكثر من خمسة آلاف تلميذة في حوالى 230 مدرسة في 25 محافظة من أصل 31 محافظة في البلاد منذ نهاية نوفمبر/تشرين الثاني. وتأتي هذه الإيقافات بعد أن طالب المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الاثنين بتسليط عقوبات شديدة على الأشخاص الذين سيثبت تورطهم في سلسلة حوادث التسميم بالغاز، معتبرا أنها "جريمة لا تغتفر"، متوعّدا بأنه لن يتم العفو عن المتورطين في هذه الهجمات. ويتهم بعض الساسة جماعات دينية متشددة تعارض تعليم الفتيات باستهدفت التلميذات بسبب تمردهن على ضوابط تفرضها الجمهورية الإسلامية على لباس المرأة. وتأتي حوادث التسميم في وقت حرج بالنسبة إلى حكام إيران بعدما شهدت البلاد احتجاجات عنيفة على مدار أشهر إثر وفاة الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق بسبب مخالفتها للقواعد الصارمة المفروضة على ملابس النساء. واتهمت السلطات ما أسمتهم "أعداء" الجمهورية الإسلامية باستخدام الهجمات لتقويض المؤسسة الدينية، لكن الشكوك تحوم حول رجال المتشددين، فيما يذهب البعض إلى اتهام النظام الإيراني بالانتقام من الشابات اللواتي أثبتن استبسالهن في الحراك الاحتجاجي. ووصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير تسمم الفتيات بأنه "أمر مخز" وقالت في إفادة صحفية "احتمال أن تكون الفتيات تعرضن للتسمم لمجرد محاولتهن الحصول على التعليم أمر يبعث على الخزي، هذا غير مقبول". ودعا البيت الأبيض إلى إجراء تحقيق مستقل لتحديد ما إذا كانت حالات التسمم مرتبطة بالاحتجاجات وهو ما سيدخل ضمن تفويض بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن إيران. وكتبت الناشطة الإيرانية البارزة مسيح علي نجاد التي تعيش في نيويورك على تويتر "الآن الفتيات في إيران يدفعن ثمن الكفاح ضد الحجاب الإلزامي ويتعرضن للتسميم من جانب المؤسسة الدينية الحاكمة". وقدمت السلطات خلال الأيام الأخيرة روايات متضاربة حول حالات التسمم مقللة من شأنها خشية تجدد الاحتجاجات، بينما اضطر العديد من أولياء التلميذات إلى عدم إرسال بناتهم إلى المدارس قبل وضع حد لهذه الهجمات. طهران - اتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم الجمعة أعداء بلاده بالتورط في تسميم مئات من التلميذات في أنحاء البلاد، مشيرا إلى أن هذه العملية تأتي في إطار مخطط لإحداث الفوضى في البلاد، في وقت تحوم فيه الشكوك حول وقوف النظام الإيراني وراء الحادثة في خطوة انتقامية من الفتيات والنساء، خاصة بعد الدور البارز الذي لعبته المرأة في الاحتجاجات التي تعصف بالبلاد منذ أشهر. ولم يتم حتى الآن تفسير هجمات بالسم استهدفت أكثر من 30 مدرسة في أربع مدن على الأقل بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في مدينة قم مما دفع بعض أولياء الأمور إلى منع بناتهن من الذهاب للمدارس، بينما قال وزير الصحة الإيراني يوم الثلاثاء إن مئات الفتيات في مدارس مختلفة عانين من التسمم وأشار بعض السياسيين إلى احتمال استهدافهن من جماعات دينية معارضة لتعليم الفتيات. وفي كلمة أمام حشد في جنوب إيران اليوم الجمعة بثها التلفزيون الرسمي على الهواء اتهم رئيسي أعداء بلاده بالوقوف وراء هجمات التسميم.، قائلا "هذا مخطط أمني لإحداث الفوضى في البلاد مع سعى الأعداء إلى بث الخوف وانعدام الأمن بين أولياء الأمور والتلميذات". ودأب القادة الإيرانيون على اتهام الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى بالعمل ضد مصالح بلادهم وتأجيج الاحتجاجات بهدف استهداف استقرار الجمهورية الإسلامية. وقال مسؤول إيراني بارز إن ناقلة وقود عثر عليها بجوار مدرسة في إحدى ضواحي طهران رصدت أيضا في مدينتين أخريين ومن المحتمل أن تكون متورطة في حوادث التسميم. وأفاد رضا كريمي صالح نائب حاكم ضاحية برديس لوكالة "تسنيم" شبه الرسمية للأنباء بأن السلطات صادرت الناقلة وألقت القبض على سائقها. ويعدّ صالح أول مسؤول حكومي يعلن احتجاز شخص فيما يتعلق بموجة التسميم، موضحا بأن الناقلة نفسها كانت أيضا في قم وبروجرد في إقليم لورستان بغرب إيران حيث عانت تلميذات أيضا من التسميم ولم يدل بالمزيد من التفاصيل. وتابع في إشارة إلى منطقة برديس "الحراس في موقف للسيارات حيث كانت ناقلة الوقود متوقفة أصيبوا أيضا بالتسمم". ودعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم الجمعة إلى إجراء تحقيق بشفافية في الهجمات، فيما قالت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامداساني في إفادة صحفية "نعبر عن قلقنا العميق إزاء الاشتباه باستهداف الفتيات عمدا في ظروف تبدو غامضة"، مضيفه "ينبغي إعلان نتائج التحقيق الحكومي وتقديم الجناة إلى العدالة". وانتشرت على وسائل للتواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو لفتيات في المستشفى قلن إنهن عانين من أعراض مثل الغثيان والصداع واضطراب ضربات القلب. وشاركت طالبات وتلميذات في احتجاجات مناهضة للحكومة خرجت بعد وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجاز شرطة الأخلاق لها في سبتمبر/أيلول الماضي، بينما تحولت المرأة الإيرانية إلى رمز للنضال بعد استبسالها في الانتفاضة ضد قوانين المؤسسة الدينية المتشددة. وصارت النساء المتمردات على سطوة النظام الإيرني العدو الأول بالنسبة إلى المتعصبين من تيار المحافظين كونهن أعلن العصيان في وجه رجال الدين وضوابط تفرضها الجمهورية الإسلامية على لباس المرأة. ولا تخفى محاولات النظام لمنع الفتيات من الالتقاء أو الاختلاط في المدارس ولئن يؤكد العديد من آباء التلميذات أنهم لا يرغبون في مغادرة بناتهم لمدارسهن، فإنهم في المقابل يدعون إلى التعليم عبر الإنترنت من أجل سلامتهن.

مشاركة :